سيظل يوم 28 نوفمبر 2011 يوماً فارقاً في تاريخ مصر.. حيث شهد أول انتخابات برلمانية نزيهة منذ أكثر من 60 عاماً. سجلت المرأة المصرية إقبالاً هائلاً علي الانتخابات البرلمانية لم يقل أبداًَ عن اقبال الرجال إذ لم يكن أكثر وقد نقلت وكالات الأنباء والتليفزيونات العربية والعالمية مشاهد كثيرة حول طوابير النساء في الانتخابات للإدلاء بأصواتهن.. وكانت صفوف النساء أمام المقار الانتخابية أطول من صفوف الرجال وامتلأت طوابير النساء بالبنات والسيدات من مختلف المراحل العمرية وحتي الحوامل. تقول نادية عبدالرحمن موظفة بمحافظة القاهرة كنت في غاية السعادة وأنا أدلي بصوتي في الانتخابات للمشاركة في تشكيل مستقبل مشرف لمصر بعد سنوات طويلة من تزوير الانتخابات. أضافت أنها حرصت علي التقاط صورة تذكارية لها ولزوجها وطفلتها أمام مركز الاقتراع لتسجيل هذه اللحظة الفارقة في تاريخ مصر. تؤكد مديحة سيد أحمد طالبة بكلية الإعلام ذهبت منذ الصباح الباكر لكي اشارك في الانتخابات لاختيار مرشحة من بين المنافسين علي المقاعد الفردية في الدائرة حتي يكون للمرأة فرصة لدخول البرلمان وتمثيل النساء في مجلس الشعب القادم. وتقول ماريان صموئيل بكالوريوس تجارة انجليزي إن تركيزي واهتمامي في الأساس علي الشباب لأنني أتمني أن ينالوا تمثيلاً جيداً في البرلمان الجديد فهذا حقهم. أبدت تخوفها من ضعف تمثيل المرأة في البرلمان القادم بسبب قلة عدد المرشحات بالنظام الفردي وتأخر ترتيب النساء في قوائم الأحزاب المختلفة لكن الأمر كان مختلفاً علي مستوي التصويت. وتؤكد ماري أقلاديوس بكالوريوس صيدلة جامعة القاهرة: أننا حرصنا جميعاً كسيدات علي النزول إلي اللجان الانتخابية والاقتراع بصناديق الانتخاب لعدة أسباب أهمها الحرمان طوال هذه السنوات من ممارسة الديمقراطية بشكل صحيح وقتها عدم التزوير في البطاقات الانتخابية وأيضاً المساواة بين فئات الشعب المصري في الحقوق والواجبات.. وكنت أتمني أن عدد المرشحات من النساء يكون بشكل أكبر. تقول الدكتورة إجلال حلمي استاذ علم الاجتماع الأسري بكلية الآداب جامعة عين شمس: إن مشهد إقبال السيدات والفتيات علي صناديق الاقتراع كان حضارياً بكل معني الكلمة مشيرة إلي أنها أدلت بصوتها بالمدرسة الفندقية بمصر الجديدة حيث وجدت ما لم اتوقعه من طوابير السيدات الطويلة. أضافت أنه كان هناك اهتمام بكبار السن من خلال تقديم المساعدة لهم للإدلاء بأصواتهم بكل سهولة ويسر. أكدت أن قرار الإدلاء ببطاقة الرقم القومي كان قراراً موفقاً بعد أن كان الموتي هم الذين يصوتون ولكن في هذه الانتخابات لم يكن هناك وجود للموتي مشيرة إلي أن اصرار البنات الصغيرات علي الذهاب للانتخابات يؤكد اصرارهن علي المشاركة في صنع القرار خلال المرحلة القادمة. تقول د. أميرة الشنواني استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية إن مشاركة المرأة في الانتخابات فاقت كل التوقعات وأبهرت نساء مصر العالم كله بإصرارها علي الوقوف ساعات طويلة في طوابير حضارية للإدلاء بأصواتهن لاختيار برلمان جديد يعبر عن الشعب. تشير الدكتورة أميرة إلي أن اقبال النساء علي التصويت كان ملفتاً للنظر بدرجة كبيرة حتي أن اعداد النساء زاد في بعض الدوائر عن اعداد الرجال وهو ما يؤكد أن المرأة لن تتنازل عن المكاسب التي حققتها بل ستحقق المزيد منها خلال السنوات القادمة بعد نجاح الثورة. دور الجمعيات الأهلية وتقول الدكتورة هدي بدران رئيسة رابطة المرأة العربية إن الجمعيات الأهلية قامت بدور كبير لتشجيع السيدات علي التوجه لصناديق الاقتراع مشيرة إلي أنها البداية الصحيحة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية. أشارت إلي أن الجمعيات المهتمة بشئون المرأة كان لها دور أيضاً في توعية السيدات بكيفية ممارسة الديمقراطية بشكل إيجابي وخاصة عند اختيار نوابهم في مجلس الشعب. تضيف أن القانون الخاص بالجمعيات يجرم استخدام الدين في السياسة بينما لا يوجد في قانون الأحزاب أي مواد تجرم ذلك. أكدت علي ضرورة إقامة دولة مدنية ليبرالية تفصل بين الدين والسياسة لأن ذلك هو سبيلنا الوحيد إلي التقدم والرقي. أوضحت أن اتحاد نساء مصر تحت التأسيس يقوم بدور التوعية السياسية مشيرة إلي أن حوالي خمسة ملايين سيدة استفادت من هذه التوعية. الانتخابات الرئاسية تقول سهام علي مسئولة مشروع ترابط منظمات حقوق المرأة ومديرة برنامج الدفاع والتأييد بمركز قضايا المرأة أن هذا الإقبال الهائل من جانب المرأة هو نتاج الجهد الكبير الذي بذلته الجمعيات النسائية طيلة السنوات الماضية لتشجيع المرأة علي العمل السياسي.. مشيرة إلي أن المرأة سيكون لها دور أيضاً في اختيار الرئيس القادم لمصر من خلال الانتخابات الرئاسية. دور الثورة أما عزيزة الحمامصي رئيس جمعية خريجات الجامعة فتقول: إن الحراك السياسي والاجتماعي الذي تسببت فيه ثورة 25 يناير العظيمة دفع العديد من السيدات إلي المشاركة السياسية والتوافد علي صناديق الاقتراع حتي يكون لهن دور في اختيار النواب القادمين الذين يعبرون عن مختلف طوائف الشعب. أشارت إلي أن جمعيات ومؤسسات المرأة الجديدة تسعي لعودة مكانة المرأة من جديد وأن تشارك في كل المجالات وتتقلد المناصب المختلفة سواء في الحكومة أو البرلمان وغيرها. وتتفق معها نهلة الفقي رئيس جمعية منتفعي الصندوق الاجتماعي مؤكدة: علي أن ما حدث في الانتخابات الأخيرة وإقبال السيدات والفتيات من جميع الاعمار يدل علي قوة المرأة وقوة شخصيتها واصرارها علي ممارسة حقوقها مشيرة إلي أنها حرصت رغم الزحام علي الإدلاء بصوتها في مدرسة السيدة نفيسة بمدينة نصر ورغم أنها كانت تعاني من آلام شديدة بالساق. أوضحت أن المصريين جميعاً رجالاً ونساءً أكدوا للعالم مرة أخري أنهم شعب متحضر حريص علي بناء بلده من جديد علي أسس ديمقراطية. أشادت بقرار الإدلاء بالأصوات من خلال بطاقات الرقم القومي بدلاً من النظام القديم الذي كان يقتصر علي بطاقة الانتخاب وكانت هناك مشاكل كثيرة في استخراج هذه البطاقة.