كان لي شرف المحاولة في الترشيح لانتخابات مجلس الشعب في التسعينيات.. وكنت أصغر المرشحين سناً بالدائرة.. ولكن ما رأيته في جولتي الانتخابية وقتها من فساد وعدم شفافية جعلني أرفض كل عروض الترشيح في الدورات السابقة ولوحتي علي قائمة أي حزب يتولي الانفاق علي الحملة الانتخابية. أذكر واحدة من مئات حالات الفساد المتعمد لصالح حزب بعينه.. وهي حالة عدم تنقية الكشوف الانتخابية من الأسماء الباطلة أمثال المتوفين والمقيمين بالخارج وذوي الاحتياجات ورجال الشرطة والجيش والقضاء وأيضاً تنقية الكشوف من الذين صدرت ضدهم أحكام.. ولكن تقاعس شيوخ البلد عن حذف هذه الأسماء من الجداول الانتخابية جعل الكشوف مكدسة بأسماء وأرقام وأعداد كبيرة كانت تقفل لصالح مرشحي الحزب إياه.. وعلي قدر ما كانت مصلحة لهذا الحزب للحصول علي أعلي الأصوات وإن كانت باطلة.. علي قدر ما كان لنصيب الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز بأن يطعنوا علي هذه اللجان وهذه الكشوف ويقدموا الأصوات الباطلة بالاسم بأن هذا الشخص متوفي أو ليس له حق التصويت ورغم ذلك حصد المرشح نفسه هذه الأصوات وبالتالي يرفع قضية علي الداخلية ويكسبها وهذه كانت لعبة بعض المرشحين ضعيفي النفوس.. لحصولهم علي التعويض المناسب من الداخلية. ومن ضمن ثمار 25 يناير تأكيد علاقة المواطن ببلده وتوثيق الديمقراطية بمعناها الحقيقي وتوطيد العلاقة بين المغترب وموطنه الأصلي.. وهذه الخطوة ستؤدي بالإيجاب علي تحضر مصر وتقدمها في الخارج.. وهي تجربة فريدة تمر بها مصر بأن تكفل الدولة للمصريين بالخارج حق الاقتراع في الانتخابات وإبداء الرأي في الاستفتاء وحقهم في المشاركة لاختيار رئيسهم ومن يمثلهم تحت قبة البرلمان.. وذللت اللجنة العليا للانتخابات جميع العقبات التي تقابل المواطن المصري بالخارج وأصدرت التشريعات بما يعطيه الحق للتعبير عن ولائه وانتمائه لوطنه منها علي سبيل المثال.. لا الحصر: ألا يكون ازدواج الجنسية مانعا للتصويت والتصويت بجواز السفر في حالة عدم وجود رقم قومي للمقيمين بالخارج.. والتصويت بإشراف القناصلة والسفراء.. ومع التطور التكنولوجي والطفرة الهائلة في الاتصالات جعلت من الكرة الأرضية قرية صغيرة وساعد المواطن علي التواصل بسهولة ويسر.. والتعبير عن ولائه لوطنه أينما كان.. والدليل علي نجاح التجربة تزايد عدد المصريين المقيمين في الخارج بتسجيل بياناتهم علي موقع اللجنة العليا للانتخابات المصرية للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقرر أن تبدأ في 28 نوفمبر الجاري.. وهنا قامت الدولة بدورها المتحضر بإعطاء المصري المقيم بالخارج حق التصويت.. وقام المواطن من جانبه بترشيح نفسه حتي وصلت بعض الدوائر لمائة مرشح.. ويبقي هنا دور الناخب أن يدلي بشهادته.. وهنا يحضرني قول المولي عز وجل في الآية 283 من سورة البقرة "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم". صدق الله العظيم