يأتي رئيس وزراء حكومة الطواريء الجديدة في ايطاليا ماريو مونتي الي منصبه الذي يتولاه خلفا لسلفه المستقيل سلفيو برلسكوني. وهو يحمل معه اوراق اعتماد عديدة حصل عليها اثناء عمله مفوضا لشئون منع الاحتكار في الاتحاد الاوروبي في تسعينيات القرن الماضي. فخلال تولي مونتي البالغ من العمر 68 عاما هذا المنصب الذي يعد من اخطر واهم المناصب في الاتحاد. تصدي رغم كل ما واجهه من ضغوط لمحاولات شركات أمريكية عملاقة عديدة الدخول في اندماجات مع شركات اوروبية مماثلة بما يهدد بخلق اوضاع احتكارية. فقد منع الاندماج بين جنرال الكتريك الامريكية ونظيرتها الاوروبية هاني ويل. كما فرض غرامة قدرها 500 مليون يورو علي شركة مايكروسوفت. وكان برلسكوني قد رشحه عام 1994 مفوضا لشئون الاسواق ثم تولي منصب مفوض منع الاحتكار عام 1999 ولمدة خمس سنوات. وخلال تلك الفترة اصبح مونتي واحدا من ابرز الشخصيات داخل الاتحاد ليس فقط بسبب اهمية منصبه بل لما تمتع به من خبرة فنية ومهارات دبلوماسية وقدرة علي مقاومة الضغوط. وقد منحه الرئيس الايطالي جورجي نابوليتانو قبل اسبوع واحد فقط من تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة لقب سناتور تدي الحياة. من هنا يشعر البعض بالتفاؤل ازاء اختيار مونتي لهذا المنصب علي امل ان تمكنه تلك الخبرات والقدرات من التعامل مع الازمة الاقتصادية التي تواجه ايطاليا بعد ان تفاقمت ديونها ووصلت الي تريليون و900 مليار يورو. وهم يأملون ايضا في ان تتكر تجربة حكومة تكنوقراط مماثلة تشكلت في ايطاليا عام 1995 برئاسة "لامبرتو ديني" المحافظ الأسبق للبنك المركزي الايطالي. وقد نجحت تلك الحكومة وقتها في إجراء اصلاحات اقتصادية مهمة. وبات مطلوبا من مونتي ان يفعل الشئ نفسه. ويشرح مونتي رؤيته لسبل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيطاليا فيقول إن البداية ينبغي ان تكون حكومة تكنوقراط تتمتع بتأييد برلماني واسع لتمرير الإجراءات الضرورية للإصلاح. وسوف تكون اولي المهام امامها تنفيذ مطالب الاصلاح التي وضعها البنك المركزي الاوروبي الموحد. وفي مقابل ذلك يلتزم البنك بدعم السندات الايطالية ومنع انهيارها.. والا كانت العواقب وخيمة. وهذه الحكومة يتعين ان تكون حكومة تكنوقراط لأن الامر لا يحتمل الخلافات السياسية. ويمضي مونتي قائلا : انه ينوي او يفضل ان تستمر حكومته التكنو قراط حتي موعد الانتخابات القادمة في منصف عام 2013 وحتي تكون قد حصلت علي مهلة كافية لاتخاذ القرارات وتطبيق السياسات الاصلاحية التي ستكون مؤلمة بكل تأكيد. وسوف تتعلق هذه الاجراءات بعدد من المناطق الحساسة مثل نظام المعاشات وقانون العمل والقطاع العام. ويمضي قائلا ان هذه المجالات كانت في الماضي خطوطا حمراء لا تجرؤ الحكومات علي الاقتراب منها. لكن بعد المطالب الاخيرة للبنك المركزي الاوروبي لم يعد هناك بديل.