رحم الله زمانا كانت فيه المستشفيات الحكومية هي الملاذ للمرضي من كافة الفئات.. فقد كانت تقدم خدمات طبية متميزة خلال الخمسينيات والستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي وجاء المخلوع ليعتريها الإهمال الذي ضرب كل شيء في مصر. لقد أصبح الداخل إلي المصحات الحكومية مفقوداً والخارج منها مولوداً.. ونحن نلقي الضوء علي ما حدث لها.. حتي تكون هناك خطة لإصلاحها. "العامة والمركزية" في بني سويف .. لا تسر "عدو ولا حبيب" بني سويف - أسامة مصطفي : أحوال المستشفيات العامة والمركزية في بني سويف لا تسر عدو ولا حبيب فقد أطلق عليها الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود بجانب صور لاهدار المال العام فيها فالملايين تنفق علي الانشاءات والتجهيزات ولكن لا تجد الموارد البشرية المدربة علي تشغيل تلك الأجهزة. أصبحت المستشفيات في بني سويف أداة طرد للمرضي وليس أداة جذب مما اضطرهم إلي اللجوء للعلاج داخل المستشفيات والعيادات الخاصة التي اعتادت علي مص دم المرضي نظرا لارتفاع تكاليف العلاج.. بداية الاحصائية الصادرة من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمحافظة بني سويف تؤكد وجود 7 مستشفيات بين عام ومركزي طبقا لمراكز المحافظة السبعة تضم 1102 سرير بجانب 15 مركز طب أسرة تضم 202 سرير و16 مجموعة صحية بها 64 سريرا و81 وحدة أسرة و64 وحدة صحية ريفية بالاضافة إلي 9 مستشفيات تخصصية كالرمد والحميات والصدر تنتشر بمراكز المحافظة بها 668 سريرا و4 مستوصفات. أكد التقرير ان تلك المستشفيات تخدم مليونا و543 ألف نسمة يمثلون سكان المحافظة وتضم 919 طبيبا في مختلف التخصصات واذا قورنت تلك الأعداد بنصيب الأطباء من السكان يتبين أن طبيباً لكل 2767 نسمة. "المساء" تقدم صورة من صور إهدار المال العام ومصدرا من مصادر التلوث ممثلة في مستشفي سمسطا المركزي حيث تم افتتاحه عام 2004 ويضم أقسام الطوارئ والاستقبال والعلاج الطبيعي والغسيل الكلوي والمبتسرين والعناية المركزة ولأن المستشفي يقع غرب المحافظة فهو قريب من الطريق الصحراوي الغربي ويستقبل الحوادث شبه يوميا.. وفجأة منذ حوالي عدة أشهر ظهرت تصدعات في مبني المستشفي وخاصة دورات المياه حيث تسربت المياه إلي عنابر المرضي وأقسام المستشفي لعدم قيام المقاول بوضع عازل أعلي الخرسانة!! وعلي ضوء ذلك قررت مديرية الصحة ترميم المبني واحلال وتجديد دورات المياه جميعها بالمستشفي وأسندت العملية لأحد المقاولين وباشر العمل وفجأة وقبل الانتهاء من التشطيبات توقف المقاول عن العمل منذ أكثر من شهر لعدم وجود اعتمادات مالية في نفس الوقت المستشفي يستقبل المرضي والحالات الطارئة.. فالمرضي بالمستشفيات والعمل في ترميم واحلال وتجديد دورات المياه متوقف مما اضطرهم إلي اللجوء لقضاء حاجتهم داخل جرادل داخل العنابر وكأننا نعيش في سجون العصور الوسطي!! وأصبح المستشفي مصدرا من مصادر التلوث ونقل العدوي بين المرضي مما ينذر بكارثة بيئية قال المريض محمد أحمد محمد - مجند بقوات الأمن بمحطة كهرباء سمسطا - فاجأتني آلام الزائدة الدودية فتوجهت إلي المستشفي وقاموا بإجراء عملية جراحية لإزالة الزائدة وحاليا محجوز بالمستشفي وعندما طلبت قضاء حاجتي قالوا لي لا يوجد حمامات فهي مرفوعة من الخدمة حاليا وممكن "تعملها في أي مكان"!! وكذلك قالت والدة الطفل محمد سليمان أنا محجوزة بالمستشفي منذ خمسة أيام مع طفلي المصاب بأزمة صدرية ولا أجد مكانا لقضاء حاجتي سوي بجوار العنبر. أما أسامة يحيي الشيخ من أبناء قرية البرانقة التابعة لمركز ببا فيقول لدينا بالقرية وحدة طب الأسرة المفترض ان تخدم قريتنا و8 عزب مجاورة هي أم الجنازير وعزب منصور وعزبة اليوسفية وعزبة حفيظة وعزبة المراكبية وبني محمد وبني عوض والزرابي ولا يقل عن 40 ألف نسمة إلا أن هذه الوحدة الصحية ليس بها سوي طبيب واحد فقط حديث التخرج رغم ان الوحدة مجهزة بعيادة اسنان ولا يأتي اليها الطبيب إلا يوم واحد في الأسبوع من إدارة ببا أما عيادة النساء والولادة حيث يوجد كشك ولادة ولا يوجد لها متخصص وويوجد أيضا معمل تحاليل علي أحدث طراز وللأسف لا يوجد فني معمل لتشغيله كما يوجد بالوحدة جهاز أشعة سونار وفاركو لين للتنفس الصناعي. اضاف حتي الصيدلي حصل علي اجازة "زواج" منذ منتصف الشهر الماضي ولم يحضر بعد والذي يقوم بصرف الأدوية هو الطبيب الممارس ان وجد والذي لا يأتي إلا كل شهرين أو ثلاثة ولا تكفي لخدمة أهالي القرية والعزب المجاورة. ولا يختلف الحال كثيرا عن باقي وحدات طب الأسرة أو الوحدات الصحية الريفية أو المجموعات الصحية فهي عبارة عن مبان حديثة وأجهزة أحدث ولكن لا نجد أطباء أو فنيين لتشغيلها!! حتي العيادات الخارجية بالمستشفي العام أو المركزية فهي لا تعمل سوي ساعة واحدة فقط يوميا. رغم انفاق الملايين علي المستشفيات العامة والمركزية ببني سويف سواء في الانشاءات أو التجهيزات بأحدث الأجهزة الطبية إلا ان وزارة الصحة أغفلت الجانب البشري فاذا كان هناك أطباء فعددهم غير كاف لتغطية المستشفيات علاوة علي عدم تدريبهم علي الأجهزة الحديثة وأصبحت تلك المستشفيات لا تؤدي ربع الخدمات المنوطة بها وهذا يرجع إلي سوء الإدارة كما أصبحت تلك المستشفيات أداة طرد للمرضي وليس جذب مما يضطرهم إلي اللجوء للمسشتفيات والعيادات الخاصة التي ترتفع تكاليف العلاج بها يوما بعد يوم!! أما المستشار ماهر الظاهر بيبرس محافظ بني سويف فقال ان القطاع الصحي يحظي بعناية واهتمام شديد من جانب المحافظة فهناك برنامج لتطوير الخدمات الصحية وقد تم مؤخرا وحدة الرنين المغناطيسي بالمستشفي العام بتكلفة تزيد علي 7 ملايين جنيه.