قديماً.. تفاخر المصريون بهيئة السكة الحديد ومستوي القطارات وانتظام وانضباط مواعيدها والخدمة والنظافة.. ولم لا ومصرنا الحبيبة من أقدم الدول التي استخدمت القطارات. والحقيقة التي لا تخطئها عين أن مرفق السكة الحديد تراجع بقوة منذ تغلغل الفساد فيها وزادت الأزمة تعقيداً بكثرة الحوادث وسقوط قتلي وجرحي.. والمدهش والمحزن أنه سرعان ما تتم الإطاحة برئيس الهيئة واختيار آخر دون مراعاة الكفاءة وأن تكون لديه أفكار ومقترحات خارج الصندوق تنهض بالسكة الحديد التي تحولت بفعل هذه القيادات وإدارتها السيئة إلي السكة الحضيض فساءت حالة القطارات وتآكلت القضبان وأصبحت خردة.. وهل من المعقول أن يتم تكليف أشرف سلام "المسئول السابق للمسافات القصيرة والطويلة بالسكة الحديد" بمسئولية الإشراف علي هيئة السكة الحديد بالرغم من مسئوليته الإشرافية علي كافة حوادث القطارات الأخيرة؟! أي عبث هذا؟.. وهل عقمت الهيئة حتي يتم اختياره؟.. وما هي وجهة نظر وزير النقل هشام عرفات؟! أم أنه يتقن لعبة "جابوا ألدوا وشالوا شاهين"!. إن هذه الاختيارات السيئة وغير المسئولة سبب رئيسي في الحالة المزرية التي وصلت إليها هيئة السكة الحديد فماذا تنتظر من شخص فكره عقيم وكل مؤهلاته أن يدين بالسمع والطاعة للوزير.. إن مصر تمر بمرحلة مهمة.. مرحلة البناء والتشييد.. بناء مصر الحديثة التي يقف العالم لها الآن تقديراً وانبهاراً.. وهو ما يستوجب الدفع بالكفاءات تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية ولكن ما فعله الوزير بتكليف أشرف سلام لا يتسق مع الواقع.. الوزير صدع رءوسنا بالتطوير الشامل للسكة الحديد وبجولات تفقدية.. كله "شو إعلامي" وحبر علي ورق. إن قطاعات الدولة جميعاً ترفع رايات التحدي.. تسابق الزمن لإنجاز المشروعات العملاقة وأبطالنا بالجيش والشرطة علي الجبهة يبذلون أرواحهم فداء للوطن.. الكل يعمل علي قلب رجل واحد لرفعة مصر.. إلا السكة الحديد بقيادة وزير النقل يعزفون نشازاً خارج المنظومة.. والسؤال متي نري مواقف حاسمة وحازمة تجاه الإهمال بمرفق السكة الحديد ومترو الأنفاق رغم حيويتهما وأهميتهما في حياة المواطنين اليومية خاصة إذا أدركنا أن القطارات تنقل أكثر من 2 مليون راكب يومياً.. ناهيك عن ملايين المواطنين الذين يستخدمون المترو يومياً. إن مصر التي سبقت كافة دول العالم بهذا المرفق الحيوي باستثناء بريطانيا أصبحت متأخرة جداً وأصبح تصادم القطارات وخروجها عن القضبان أمراً عادياً في الفترة الأخيرة.. والنتيجة المؤلمة سقوط ضحايا ما بين قتلي وجرحي وكل هذا بفعل الإدارة السيئة واختيار قيادات للهيئة دون المسئولية وعليها علامات استفهام عديدة. إنه في الوقت الذي يتراجع فيه الأداء بقوة داخل السكة الحديد تهتم كافة دول العالم بمرافق النقل لأهميتها الحيوية اقتصادياً واجتماعياً وهي تنطلق من ذلك باختيار مسئولين علي أعلي مستوي من الكفاءة بعيداً عن المجاملات.. فهل نري وزير النقل ينتهج هذا الأسلوب في الاختيار من أجل المصلحة العامة؟ لقد تكررت حوادث القطارات في ظل كوارث أبراج المراقبة وإهمال أعمال تأمين إشارات الكهرباء علي طول خطوط السكك الحديد.. والسؤال هل يكون حادث قطار كوم امبو الأخير هو آخر حوادث القطارات أم سوف يستمر هذا المسلسل دون ردع المسئولين عن ذلك؟! إن رئيس هيئة السكة الحديد مطالب بقوة بمغادرة مكتبه المكيف والجلوس مع العاملين والاستماع لمطالبهم المالية والعلاجية والإدارية.. إن نجاح أي عمل يتوقف علي تكامل وتناغم المنظومة وليس العمل في جزر منعزلة. ونحن نسأل.. ويتساءل معنا الرأي العام؟: أين خطة تطوير مرفق السكة الحديد التي صدعنا بها المسئولون بالوزارة بالرغم من أنه مرفق تاريخي ساهم في بناء مصر علي مر العصور؟.. ولماذا لا يتم طرح هذه الخطة بشكل شفاف وواضح حتي يتم دعمها اقتصادياً ومجتمعياً لدورها في تطوير هذا المرفق الحساس بصورة تساهم في حل التكدسات المرورية وتخفف العبء عن الطرق المرورية المختلفة؟.. وإلي متي يستمر مسلسل الإهمال؟ ومتي سيكون هناك إجراءات رادعة حيال ما تشهده خطوط السكك الحديدية؟ وإلي متي تظل إجراءات الصيانة لخطوط السكك الحديدة غير مدرجة لدي المسئولين بوزارة النقل وهو ما يعد نموذجاً صارخاً لإهدار المال العام أو الحفاظ عليه؟ ومتي يلتزم عمال البلوك والفنيون والملاحظون علي طول خطوط السكة الحديد بالتعليمات المنظمة للتشغيل خاصة أعطال إشارات الكهرباء وتجاوزات السرعة من سائقي القطارات أم لا توجد رقابة فعلية عليها؟.. وإلي متي سيتم تجاهل مطالب العاملين بقطاع المترو والسكة الحديد مع غياب من يتابع مطالبهم.. ومدي مشروعيتها للحفاظ علي حقوق العاملين وتحفيزهم للأداء المتميز؟! إن هذه الأسئلة المشروعة تحتاج إلي إجابات فورية من المسئولين في السكة الحديد.. وإلا عليهم أن يغادروا أماكنهم فوراً لأنه لا مكان في مصر الحديثة لمتقاعس أومتخاذل أو مهمل أو صاحب أداء سيئ.