قادتني الظروف أو بمعني أدق الحاجة الاسبوع الماضي للذهاب إلي مكتب التصديقات التابع لوزارة الخارجية الكائن خلف حديقة الميرلاند بمصر الجديدة وذلك للتصديق علي شهادة ميلاد حفيدي الذي يستعد للسفر مع أمه إلي الرياض للحاق بوالده الذي يعمل بالمملكة العربية السعودية الشقيقة .. هالني المشهد بمجرد وصولي أمام مكتب التصديقات .. الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا .. الشمس الحارقة تملأ المكان .. زحام كبير أمام باب من الاسياخ الحديدية يحرسه شرطي يرفض دخول المزيد من المواطنين بناء علي تعليمات مدير المكتب حيث المكان مزدحما بالداخل ولايوجد عدد كاف من الموظفين لإنهاء المعاملات رغم أنه مسموح بقبول الطلبات حتي الساعة الواحدة ظهرا. وسط ضجيج وصيحات وتوسلات المواطنين المنتظرين أمام الباب خرج أحد الموظفين ربما يكون مدير المكتب وعندما عرف أن عدد الذين يريدون الدخول حوالي 15 شخصا فقط وافق علي مضض وقام الشرطي بعدها بتسليم كل شخص ورقة صغيرة عليها الرقم الخاص به لتخليص المعاملة بالداخل .. وبمجرد ماهممت بالدخول ألقيت نظرة سريعة علي المكان الذي يتسع لحوالي 500 شخص وهو عبارة عن قفص حديدي ضخم يحيطه من أحد الجوانب عدة شبابيك معظمها مغلق عدا شباكين الأول لتسليم الطلبات والثاني لاستلامها .. الساعة تقترب من الواحدة ظهرا.. الجو خانق والناس تتصبب عرقا .. توجد خمس مراوح كهربائية متناثرة في أرجاء المكان ينبعث منها هواء ساخن .. كما يوجد عدة صفوف من المقاعد البلاستيك ولكن عدد الواقفين ربما يعادل عدد الجالسين .. موظف ينظم الطابور وينادي علي الأرقام وبمجرد سماع رقمك تقف في طابور يضم مايقرب من 30 شخصا مايعني أنك ستظل واقفا ساعة أو أكثر حتي تصل إلي الشباك لتسليم أوراقك ثم بعد ذلك تجلس أو تقف إن لم تجد لك مقعدا في انتظار المرحلة الثانية وهي استلام أوراقك بعد التصديق عليها. لو كنت سعيد الحظ ستنهي إجراءات التصديق في غضون ساعتين وعدا ذلك قد تستغرق ثلاث ساعات وربما أكثر .. سألت أحد الموظفين كيف تسمح وزارة الخارجية بهذا المكان غير اللائق الذي يصلح كمخزن في أحسن الاحوال فقال إن السيد مساعد وزير الخارجية قام بزيارة للمكتب بالأمس وهو علي علم تام بطبيعة المكان وظروفه ثم تركني وذهب !. أثق تماما في السيد سامح شكري وزير الخارجية وأنه لو قام بزيارة إلي هذا المكتب لأمر بإغلاقه علي الفور والبحث عن مقر جديد بمصر الجديدة يليق بوزارة الخارجية خاصة أن مكتب التصديقات ربما يكون المكان الأخير الذي يرتاده المواطن المصري قبل السفر والعمل بالخارج وبالتالي علينا أن نترك صورة جميلة وانطباعا جيدا لدي المواطن قبل مغادرة الوطن والعيش سنوات من الغربة!.