كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركات. الكل مشغول بالعيد.. والانتهاء من شهر رمضان.. والكل مشغول بكأس العالم في روسيا.. والكل مشغول بالثانوية العامة التي توقفت امتحاناتها مؤقتاً للاحتفال بالعيد ثم تعود..!! أحداث كثيرة كلها تشغل بال الجميع.. تضيع معها أحداث أخري في هذا الشهر.. شهر يونيه الملئ بالأحداث.. قضية يوم 5 يونيه.. وهذا اليوم هو يوم الانكسار.. والانتصار.. قضية كانت نكسة يونيه 1967.. وفيه 9 و10 يونيه يوم التحدي والإرادة ورفض الهزيمة وإعلان التصدي لتحقيق الانتصار يوم أن خرج شعب مصر كله.. بل الشعب العربي برفض قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالتنحي عن حكم مصر.. رفض الشعب العربي كله أن يتنحي عبدالناصر في رسالة صمود وتحد وقوة ورفض للهزيمة.. رفض الشعب أن ينكسر وحطم قيود الهزيمة وانطلق.. وكانت حرب الاستنزاف التي استعاد فيها شعبنا وجيشنا مكانته وقوته واستكمل الإعداد لحرب أكتوبر 1973 التي انتصرنا فيها واستعدنا حقنا. في يونيه وبالتحديد يوم 5 يونيه أيضا.. تم إعادة افتتاح قناة السويس.. وتعمد الرئيس الراحل أنور السادات أن يعاد افتتاح القناة في هذا اليوم بعد انتصار أكتوبر ليكون رسالة للعالم كله أن مصر فوق الهزيمة وأكبر من الانكسار.. وها هي تستعيد الأرض وتحمي العرض وتعيد حقوقها برغم كل التحديات والصعاب.. والمؤامرات. أعيد افتتاح قناة السويس في نفس يوم النكسة ليظل يونيه شهراً ورمزاً للإرادة المصرية برغم الهزيمة المرة. وفي 18 يونيه حدثان أيضا في غاية الأهمية نتجاهلهما بلا مبرر.. الأول كان عام 1953.. عندما تم إعلان الجمهورية في مصر.. وأبلغ اللواء محمد نجيب الوصي علي العرش حينها انتهاء الملكية في مصر حيث تم اختيار اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية في مصر.. وظل رئيساً لمدة عام وجاء بعده الرئيس جمال عبدالناصر لتبدأ رحلة النضال الوطني حتي مات رحمه الله عام 1970. وفي 18 يونيه عام 1956 كان الجلاء.. وظلت مصر تحتفل بعيد الجلاء لسنوات طويلة ثم توقف الاحتفال بهذا العيد الذي شهد جلاء آخر جندي بريطاني عن مصر طبقاً لاتفاقية الجلاء التي تم توقيعها بين مصر وبريطانيا قبلها بعامين وتحديداً عام 1954. صحيح أن الأحداث تسارعت في مصر بعد الجلاء حيث كان تأميم قناة السويس بعدها بحوالي شهر وتحديد "26 يوليو 1956".. ليكون ذلك مبرراً للعدوان الثلاثي علي مصر في 29 أكتوبر 1956 والذي انتهي بالنصر علي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في 23 ديسمبر 1956 والذي كنا نسميه عيد النصر وأصبح الآن عيداً لمدينة بورسعيد التي شهدت ملحمة النصر في 1956. لقد انشغلنا بالعيد.. وشغلنا كأس العالم وشدتنا أحداث الثانوية العامة وامتحاناتها عن أحداث كثيرة في هذا الشهر الملئ بالأحداث. أحداث عالمية وأخري إقليمية وأخري شهدها شهر يونيه ولعل من الأحداث المتكررة كل عام هو اختيار يوم 26 يونيه في كل عام يوماً لمواجهة ومحاربة المخدرات.. كان ذلك عام 1987 عندما قررت الأممالمتحدة اختيار هذا اليوم يوماً عالمياً لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي بات يهدد البشرية والإنسانية وبرغم كل الحروب ضده والمواجهات له إلا أن مافيا المخدرات في العالم تكسب كل يوم معركة.. والغريب أن الأعياد عندنا تكون أعياداً لمثل هذه الممارسات القاتلة والأخطاء الكبيرة برغم أن العيد يأتي بعد عبادة عظيمة يكرمها الله سواء عيد الفطر الذي يأتي بعد الصوم وما أدراك ما الصوم في رمضان؟ انه العبادة التي تركها الله لنفسه يحاسب بها وهو الكريم العليم العظيم.. وكذلك عيد الأضحي احتفالاً بعبادة عظيمة وهي الحج.. ومع ذلك نجحت مافيا المخدرات في استغلال هذه الأعياد الروحية الجميلة لتجعلها أعياداً للمنكرات والمخدرات!! وفي شهر يونيه أيضا ولكن منذ أكثر من 1400 عام.. وتحديداً وطبقاً لتقويم فلكي في 17 يونيه عام 656.. كانت الفتنة الكبري والتي استشهد فيها سيدنا عثمان بن عفان.. ذو النورين.. ومن امتلك الحياء كله حتي أن الملائكة كانت تستحي منه. عثمان بن عفان تجمعت عليه قوي الشر وكان يقودها فكرياً ذلك اليهودي المنافق عبدالله بن سبأ.. فحاصروه أربعين يوماً.. ورفض عثمان أن يحارب المسلم أخاه المسلم ونصح الصحابة بعدم القتال مع الذين يحاصرون بيته.. حتي كان ذلك اليوم الذي شهد بداية الفتنة الكبري فتسلق أحدهم لا سامحه الله سور بيت عثمان وهو أي عثمان يقرأ القرآن فقتله وسال دمه الشريف علي رقعة القرآن أمامه..!! إنها الفتنة في كل عصر وحين تأتي ذكراها لنتعلم منها الدرس.. والفتنة أشد من القتل. لقد ادعوا أن عثمان يجامل أهله علي حساب المسلمين وأنه وهو الصحابي الجليل وأحد المبشرين.. وذو النورين الذي اختاره الله ليكون صهراً للحبيب المصطفي ويتزوج ابنتيه.. "الثانية بعد وفاة الأولي" عثمان بن عفان الذي مول جيشاً بالكامل من حسابه الخاص.. عثمان بن عفان الذي جاءته تجارة من الشام في وقت العسرة.. واجتمع حوله تجار المدينة بالكامل يريدون شراء تجارته بأي سعر يريد خاصة انه بلغة السوق كانت بضاعة مباعة قبل أن تنزل السوق.. ويرفض عثمان عروض التجار.. عرضا وراء الآخر حتي يسأله التجار: وفي زادك عنا ونحن كل تجار المدينة معك الآن؟ فيرد بلغة المؤمن الواثق برضا الله: زادني الله فالحسنة بعشر أمثالها ويضاعف لمن يشاء.. وسأمنح كل هذه التجارة لفقراء المدينة..!! عثمان بن عفان وهذا خلقه وهذا عمله.. تثور حوله فتنة سياسية لأهداف دنيوية ويتم قتله وتظل الفتنة قائمة ويأتي اليوم علينا خوارج هذا العصر ويدعون أسباباً لفتنة أخري.. عافانا الله منها ومنهم ونصرنا علي هؤلاء الخوارج مشعلي نار الفتنة..! لقد ضاعت كل هذه الأحداث وتلك الذكريات مع نسائم العيد وفرحته ومع سخونة كأس العالم وإثارته.. ومع متاعب امتحانات الثانوية العامة وما يثيره من قلق في كل بيت.. ولكن لا أحد يسأل نفسه: وماذا بعد العيد؟ لقد كنا نواظب علي صلاة التراويح.. وصلاة الفرض قبلها.. فهل سنواظب بعد العيد؟.. كنا نقرأ القرآن.. فهل ستستمر القراءة أم نجعل القرآن مهجوراً؟.. كنا نتصدق ونطعم الطعام.. وكان هذا المظهر المشرف الجميل في كل شارع وكل طريق ومدخل كل قرية ومدينة في مصر يجعلنا نشعر بأننا بالفعل مسلمون.. فهل تستمر بعض هذه المظاهر الجميلة ولو بشكل أبسط وأكثر تبسيطاً وأقل كثافة؟ هل يكون العيد مسك الختام لشهر كريم أم يمحو ما كان من حسنات؟ هل يكون عيداً ينتصر فيه حب الخير وتفوز الحسنات من عبادة ومعاملات؟ أما كأس العالم ومشاركة مصر فهي مناسبة فرضت نفسها ولا نجد أمامها إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالي أن يوفق.. منتخبنا الوطني في هذه المشاركة العالمية ويحقق لنا أفضل النتائج وأحسن ما يكون وتكون أيامنا مع مونديال روسيا أعياداً تضاف إلي عيد الفطر وأعيادنا الوطنية هذه الأيام. وكل عام وأنتم بخير.