مواقع التواصل الاجتماعي التي كان الهدف من ورائها دعم العلاقات الأسرية والاجتماعية إلا أنها تحولت إلي بؤر لإحداث التفكك الأسري ونشر الشائعات.. والاساءة إلي هذه العلاقات بل وتشويه الصورة الجميلة للمجتمع.. وتمزيق الروابط بين مختلف أفراده. السؤال الذي يفرض نفسه الآن هل يمكن أن يعود جمع شمل الأسر المصرية كما كان يحدث أيام زمان.. ويعود من جديد رب الأسرة هو عمادها وقوامها بدلاً من أن يكون عاملاً أساسياً في تفككها وهدمها نتيجة متواصلة بصديقات العالم الافتراضي وانسحابه من المشهد الأسري.. وأصبح كل من الأولاد في وادِ.. والزوج في وادِ آخر.. والأم أيضاً. تقول سارة محمود طالبة بكلية الإعلام الفرقة الرابعة نحن أسرة مكونة من 4 أفراد.. ولدي أخ يكبرني بخمس سنوات تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية استطاع أن يعزل نفسه تماماً عن الأسرة بعد أن ساعده والدي بمشروع في مزرعة دواجن صغيرة.. وأصبحت بمفردي مع والدي ووالدتي.. ولي حياتي الخاصة من خلال تواصلي مع أصدقائي علي "الفيس بوك" أو "الواتس آب" وغالباً اتناول وجبة الغداء داخل الجامعة مع زميلاتي أيضاً.. وأن اجتمع مع أسرتي علي مائدة واحدة هذا ما يكون نادراً.. وغالباً لم تحدث سوي مرة أو مرتين.. فظروف عمل والدي طوال اليوم ووالدتي لها ظروف العمل أيضاً وترتيب المنزل.. لكنها تتمني أن يصبح هناك مواعيد للعمل ومواعيد محددة لتناول الغداء أو العشاء حتي يصبح هناك تواصل بين أفراد الأسرة وجهاً لوجه ولكن هذا من باب التمني ولكنه صعب في الوقت الحاضر!! منال أحمد ربة منزل تبلغ من العمر 53 عاماً تقول كنت أهم فرد داخل أسرتي المكونة من 3 أبناء.. وكنت دائماً ألاحظ أولادي في جميع تصرفاتهم وأصبح لهم المفاهيم الخاطئة أو السلوكيات غير السليمة وخاصة في المرحلة الابتدائية علاوة علي الضوابط والقواعد السليمة في التربية ومتابعة دروسهم وزوجي كان موظفاً بسيطاً وتوفي بعد أن تخرج أبنائي من الجامعات وتزوجوا.. ولكن أبنائي الآن يشكون مر الشكوي من أحفادي لعدم السيطرة عليهم بسبب السوشيال ميديا والتكنولوجيا الحديثة علاوة علي أن دوامة العمل المتواصل للأزواج جعلتنا ننفصل عن أولادنا. أشارت لابد من جمع شمل العائلة من جديد حتي نتوحد في مواجهة الإرهاب والأفكار والمفاهيم الخاطئة التي تؤثر بشكل كبير علي الدولة. تضيف الهام السيد مدرسة لغة انجليزية بإحدي المدارس الخاصة: هناك هوس وجنون اسمه التواصل الاجتماعي علي السوشيال ميديا سواء مع الأصدقاء أو الأقارب دون الجلوس أو التحاور مع أفراد الأسرة ما جعل أبناء الأسرة الواحدة يعيشون في جزر منعزلة.. تؤكد ليلي عبدالمجيد موظفة بالشهر العقاري لدي ثلاثة أبناء في المراحل الاعدادية والابتدائية.. وأنا مسئولة عن شئون أولادي خاصة أن زوجي يعمل ومشغول طوال اليوم.. وهذا يتطلب مني مجهوداً مضاعفاً.. ولكن في الماضي في حقبة الثمانينات كان هناك شيئ مقدس هو التجمع الأسري علي مائدة الطعام سواء في الصباح أو الظهيرة أو في العشاء.. والآن اشعر بالتعاطف مع أولادي الذين لا يدركون شيئاً نتيجة العزلة الاجتماعية التي تسبب فيها وسائل التكنولوجيا؟! تضيف نهي . ع محاسبة باحد البنوك الخاصة قائلة: تزوجت من زميل لي وبعد انجابي الطفل الأول اكتشفت انه علي تواصل باحدي السيدات ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل كان هناك مقابلات خاصة.. واستمرت هذه العلاقة لأكثر من 3 سنوات وبعدها حدث الطلاق والانفصال!! تضيف سامية حمدي ليسانس آداب: وسائل التواصل الاجتماعي زادت من الفوضي والانهيار الأسري نتيجة ما يحدث الآن علي شبكات التواصل سواء من الصغار أو الكبار.. والأسرة في وسط كل هذا اختفي دورها وأصبحت لا تستطيع السيطرة أو المجابهة.. لكن في الماضي كانت الأسرة مترابطة والأبناء يهابون رب الأسرة وكان هو القدوة والمثل الأعلي.. والآن تاهت كل القيم والمثل. تضيف هانم عبدالعزيز ربة منزل قائلة: أعول 3 أولاد في مراحل التعليم الابتدائي وزوجي عامل بسيط وارزقي وترك المنزل والأولاد وأصبحت الآن مسئولة مسئولية كاملة عن تربية أولادي والانفاق عليهم حيث أنني أعمل بالمنازل.. واترك ابنائي طوال اليوم.. وابنتي الكبري هي التي تدير شئون المنزل في غيابي أثناء العمل.. لأن المشكلة الرئيسية والأساسية هي البحث عن لقمة العيش. تؤكد مايسة عبدالنبي مسئولة بإحدي الهيئات الحكومية أن المرأة المصرية الآن أصبحت تعمل علي قدم وساق بجانب الرجل.. وهذا بالفعل استنفد جزءاً كبيراً من الوقت لتحقيق سبل المعيشة للأولاد.. لكن هذا لا يعفي الآباء من أن يكون هناك تواصل مستمر مع أبنائهم وعدم تركهم للسوشيال ميديا والكمبيوتر والنت.. والمفروض أن الأبوين هما العمود الأساسي داخل البيت.. وعليهما القيام بدورهما حتي تعود الأسرة المصرية كما كانت في الماضي. تري الدكتورة سميحة نصر استاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن العادات والتقاليد هي البيئة الأساسية للمجتمع المصري وأن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير علي المجتمع المصري حيث أدت إلي المزيد من العزلة وعدم تبادل الحوارات كما كان يحدث في الماضي مع الأهل والأصدقاء.. ولكن لابد من عودة التجمع الأسري سواء في نهاية الأسبوع وهذا ما يمكن إعماله في الظروف الحالية وأن الأم عليها دور كبير في اجراء تواصل بينها وبين أولادها ويستطيع بقوة بشخصيتها وذكائها احتضان أولادها والتأثير منهم والاستغناء بعض الشيء عن شبكات التواصل وأن نقوم بعمليات الفرز للأفكار الصحيحة والأفكار الخاطئة ومناقشة أولادها للوصول بهم إلي الطريق السليم. تضيف هاجر أحمد خبيرة تنمية بشرية: لا شك أن هناك العديد من العوامل التي لعبت دوراً في غياب "لمة العيلة" سواء في المناسبات الاجتماعية أو حتي العطلات الأسبوعية.. كما كنا في الماضي يأتي في مقدمتها الظروف الاقتصادية التي دفعت بالكثيرين إلي الاعتماد علي التواصل مع الآخرين بوسائل غير مكلفة اقتصادياً كما هو الحال في استخدام الهاتف أو البريد الالكتروني للسؤال علي الآخرين كبديل عن الزيارة التي قد تكون في بعض الحالات أكثر تكلفة اقتصادياً ومع ازدياد الاعتماد علي وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها بصورة أكبر بين سائر الفئات ازداد الأمر سوءاً. أضافت لمعالجة هذا الوضع علينا أن نبدأ من التنشئة الاجتماعية لأبنائنا بصورة تغرس داخلهم روح الانتماء للأسرة الواحدة ثم الوطن من خلال تعويدهم علي تبادل الزيارات مع الأهل والاهتمام بالسؤال عليهم بشكل مباشر مهما كانت المسافات التي تفصل بينهم وأيضاً عودة رب الأسرة والأم في جمع الأبناء حولهما والتحاور معهم بشكل مباشر.