وحدها. من دون العالمين. تجسد أسطورة طائر العنقاء الذي لا يفني ولا يهلك أبداً.. فكلما احترق بالنار. خرج منها طيراً جديداً فتياً عصياً علي الموت. مصر وحدها ينصب لها الأعداء الشباك. ويحكمون الخطط. ويدبرون المكائد حتي تبدو لأوهامهم المريضة أنها قد أضحت مائدة ناضجة شهية جاهزة للآكلين المتآمرين الخونة.. حينها تمتد السكاكين والملاعق ويسيل اللعاب لالتهام الفريسة. فإذا بها سم قاتل للمجتمعين عليها. تفتك بأحشائهم وتذيب أسنانهم. وتقطع أيديهم من أمام ومن خلاف!! تنهض مصر فجأة. وبدون توقع. وخارج كل منطق. من جسد مريض هزيل مترنح. إلي جسد فتي. وروح متوثب. وكيان عملاق.. والتاريخ يكرر هذه الحقيقة ويؤكدها.. ففي هجمة التتار الوحشية علي العالم الإسلامي واجتياحه لهذا العالم قتلاً وحرقاً وتخريباً. كانت الخاتمة لهذه الهجمة مصر. ولم تكن تملك من التوحد والقوة والمجالدة قليلاً ولا كثيراً. فإذا بها تجمع قواها الخفية وتشد زندها وتطيح بالتتار المتوحشين. بل وتحولهم من أعداء للإسلام إلي أشد المتحمسين له. والواقع نفسه مرت به أيام الصليبيين في الحملة السابعة. وعلي يد لويس التاسع. ولم يكن بمصر حاكم. لقد مات نجم الدين أيوب. وليس ثمة سوي زوجته شجرة الدر. وتقع مدن مصر في الشمال تحت سنابك الحملة الصليبية. حتي جاءت نهاية هذه الحملة في المنصورة ونكل المصريون بها. وأسروا ملكها لويس التاسع بعد أن قبضوا عليه فأراًَ مذعوراً!! وقريباً جداً منا- منذ حوالي قرنين - لم تكن مصر سوي ولاية تبدو خانعة للسلطان العثماني. بعد أن احتلها العثمانيون بالخيانة والخداع والخسة.. وبعد أن استولي عليها الفرنسيون. وخلال أعوام قليلة نهضت امبراطورية كبري تمتد علي مساحات في أواسط افريقيا - حتي منابع النيل. وبلاد الحجاز والشام وأوشكت قوات مصر بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي أن تسقط عاصمة السلطنة العثمانية جينذاك. ليس أمامك الآن - مصداقاً لهذه الحقيقة وتأكيداً لهذه النظرية- إلا أن تتذكر حالة مصر منذ سنوات قليلة. عقب 25 يناير 2011. فلا أمن. ولاطمأنينة. ولا اقتصاد. ولا صناعة. ولا تجارة. ولا سياحة. ولا شيء سوي الفوضي حاكمة ومتحكمة. ولمدة سنوات حتي برقت لحظة النهوض في 30 يونيه 2013 لتنفي مصر- بقيادة أبطالها الشرفاء يتقدمهم عبدالفتاح السيسي- تنفي عن نفسها الخنوع والضياع والانهيار. وفي خلال أقل من أربع سنوات انهارت خلالها دول وتشردت شعوب- أضحت مصر أكبر قوة عسكرية في المنطقة ومحركة للحياة السياسية علي المستوي العربي. ومشاركة ايجابية في السياسة الدولية. وفورة في الإعمار والطاقة والثقة في النفس والمستقبل.