عسكر عسكر غلوا الشاي والسكر. لم يكن مجرد هتاف في مظاهرة اليومين الماضيين وإنما كان أكبر دليل علي أننا فاسدون.. قمنا بثورة ضد الفساد ورجاله وخلعنا المسئول الأول عن فساد بلادنا وادخلناه السجن هو ومساعديه بتهمة الفساد. لكننا لم نلتفت إلي أننا ايضا فاسدون. فاسدون لأننا غرسنا جميعاً بمطالبنا الفئوية شوكاً في جسد بلادنا المتعبة. وغرسنا جميعاً أنيابنا بمظاهراتنا ونظرتنا الضيقة في قلبها المتوجع. وحين رحنا نربت كتفها ونعطر ثراها. أشعلناها فتنة طائفية تجتث الأخضر واليابس وتقتلع ما أردنا بالثورة أن نحققه. ولم نعط بالاً إلي أننا حين نغفل عمن يريد بمصرنا سوءاً ويحرك لها الفتن في الخفاء فإننا نكون شركاء في التدبير. فاسدون لأننا نتعجل أمرنا ولا ندرك أن ما نمر به منذ الثورة يحتاج إلي التضحية الحقيقية. فلا مانع أن نأكلها بالعيش الحاف حتي نزرعها فتثمر ونعمرها فتخضر وتستقر بلادنا وساعتها نفخر بأننا رسمنا مصر في قلوبنا عملاً بالعرق وجهداً بالأرق وبناء قام علي أكتافنا طوبة طوبة. فاسدون لأننا تحولنا كغنم تهاجم راعيها. حين هاجمنا المجلس العسكري وهاجمنا الحكومة واتهمناهما بالتسبب فيما نحن فيه. نعم حالنا ازداد سوءا بعد الثورة عكس ما كان يحلم كل مصري. وكان علي الحكومة أن تترك المشروعات الكبري التي غرقت فيها وتصب اهتمامها علي مشاكل حياتنا اليومية من غلاء أسعار وبطالة وأعمال عنف وبلطجة. وكان علي المجلس العسكري أن يتعامل مع فرعنة المصريين بمبدأ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. هؤلاء الفراعنة الذين لا يستقيم أمرهم إلا بقبضة من حديد. لكن علي قدر أخطاء الحكومة أخطأنا وعلي قدر بطء المجلس العسكري تسرعنا. فاسدون لأننا مسلمين وأقباطاً. شيوخاً وقساوسة. لم نقم علي الطريق الجديد منارات تضيء. ولم نقم قلاعاً تحمي. انما أطفأنا المنارات وهدمنا القلاع. وتحولنا جميعاً إلي حكام مستبدين ديكتاتوريين يفرغون ما بداخلهم من ميراث القهر الذي ظلوا يتجرعونه طوال 30عاماً وهم صامتون. ماذا نريد الآن غير الفوضي. ماذا نتوقع الآن غير إسالة الدماء؟ إنها مصر الآن التي باتت الطعنة غدراً من أقرب الأقربين. ابحث فيها عن حاجة حلوة حاجة دافية. أبحث فيها عن نية صافية. أبحث عن مصر الصبح بدري. مصر صوت الفجر يدن. أبحث عن مصر السوبيا الفول الطعمية الكشري. عن مصر أول يوم العيد العيدية البمب اللبس الجديد الميكروباص والأتوبيس والمترو. عن مسلمين في بيت مسيحي فطروا. أبحث فيها عن نفسي. أبحث فيها عن نفسي.