لم يراع العشرة ولا الأيام الجميلة التي قضاها معها.. ونسي أنها تحملته في الأيام القاسية وظروفه الصعبة.. وعاشت معه علي الحلوة والمرة.. توفر له كل أسباب الراحة والسعادة.. وتحملت مسئولية أولادها الثلاثة حتي أنهوا مراحل التعليم وتزوجوا لينتقل كل منهم إلي منزله مع شريك الحياة وظلت تقوم بواجبها تجاه زوجها ومنزلها. مرت بها السنون وتراكم عليها التعب والجهد الذي بذلته وتحملته علي مدي 40 عاماً ضاعت فيها صحتها وزهرة شبابها لخدمة الجميع دون كلل أو ملل.. وعندما انتهت رحلة شقائها بالأمراض التي هاجمت جسدها الهزيل لم تجد من يتحمل أو يرسم جزءاً من السعادة علي شفتيها أو يساعدها في آخر أيامها. أغمض الزوج عينه عن كل هذا ولم يراع حتي تقدمها في السن وبلوغها سن الستين والمرض الذي بدأ يزحف علي جسدها. ورغم أنها تحملته كثيراً بل أخذ يعايرها بمرضها ويؤنبها علي شكواها.. بل ضاق بها وقرر أن يتخلص من مسئوليتها.. وكان الحل السهل لديه أن يلقي بها إلي الشارع ليريح نفسه ويبحث عن حياة جديدة باحثاً عن ملذاته. وفجأة وجدت نفسها في الشارع. وأن الأيام والسنين التي قضتها في خدمة زوجها لم تشفع لها وقد ضاعت هباء. وأنه لم يذكر جميلاً واحداً لها. أو يذكر تضحياتها من أجله. ولم تجد أمامها سوي القضاء تلجأ إليه تطالب بحقها في بيت يأويها تقضي فيه آخر أيامها. فأقامت دعواها ليقف القانون بجانبها وينقذها من حياة التشرد والضياع. بالفعل وقفت الزوجة العجوز أمام المحكمة والدموع تنهمر من عينيها وأخذت تروي قصتها أمام القاضي.. وصدر الحكم بأحقيتها في المسكن. وقام الزوج بالاستئناف ولكن أيدت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبدالرءوف وعضوية المستشارين ابراهيم السماحي وبدوي خليفة وأمانة سر عماد حمدي ذات القرار الخاص بأول درجة بأحقيتها في منزل الزوجية وتمكينها من الشقة.