رغم اقتراب موعد فتح باب الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشوري في الثاني عشر من الشهر الجاري. إلا أن المشهد الانتخابي داخل محافظة قنا. مازال ملبدا بالغيوم محاطا بالغموض. لاسيما وان قانون العزل السياسي سيحرم الحالمين والطامعين من فلول الحزب الوطني المنحل من تحقيق رغباتهم في الترشح للانتخابات المقبلة. رغم بدء عدد غير قليل من الجولات الانتخابية منذ وقت مبكر . وفي الوقت الذي تطالب الحركات الثورية بسرعة تطبيق "العزل السياسي" إلا أن الأعضاء السابقين بالحزب الوطني بادروا بالرد المبكر بالإعلان عن ثورة مضادة. إذا ما طالهم القانون وتم استبعادهم معتبرين أن الحزب الوطني هو الذي سعي إليهم وألصق بهم فساده دون ادني مسئولية من جانبهم. وأكدوا خلال المؤتمر الذي نظمه حزب "الحرية" الذي أسسه أحد قيادات الوطني المنحل بأمانة محافظة قنا والذي عقد بمدينة نجع حمادي أن قبائلهم هي التي اختارتهم لتمثيل الشعب ولم يكن نجاحهم مرتبطا بعضوية الحزب علي الإطلاق . المشهد الانتخابي في محافظة قنا ينذر بحدوث فتنة قبلية بدأت ملامحها تظهر جليا خاصة في الوقت الذي أعلن أبناء تلك القبائل من فلول الوطني عن خوض الانتخابات. إلا أن قانون العزل السياسي سيكون حائلا دون تحقيق ذلك وهو ما دفعهم لتنظيم مؤتمر "اتقوا شر الصعيد إذا غضب" والذي يؤكد من عنوانه أن القادم في قنا ليس سهلا دون الحاجة إلي تفصيل. وفي الوجه المقابل لم يعلن أحد المرشحين الجدد عن نيتهم لخوض الانتخابات. اللهم إلا في الجلسات العائلية والسهرات الليلية وسرعان ما تتبدد تلك الأحاديث مع بزوغ فجر يوم جديد . فمحافظة قنا لا يخفي علي أحد طبيعتها القبلية. وما يتبع ذلك من تعصب قبلي يزداد شراسة أثناء فترة الانتخابات لتجد أن الفرد يمنح صوته لمرشح قبيلته دون تفكير وعلي حساب مرشح الحزب الذي ينتمي له. وهذا ما أكدت عليه دراسة حديثة أجراها قطاع خدمة المجتمع بجامعة جنوبالوادي علي أفراد عينة من كافة مراكز محافظة قنا وكشفت عن دعم 56% من افراد العينة لمرشح القبيلة. يزداد الأمر صعوبة في قنا. مع وجود التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية الذي سيؤدي إلي تعميق التعصب القبلي ويقضي علي اي منافسة حقيقية للأحزاب السياسية إلا إذا تم التنسيق بين تلك الأحزاب والقبائل المنتشرة بالمحافظة. فرغم أن قنا بها نحو مليون و850 ألف ناخب داخل 9 مراكز إلا أن نسبة أعضاء الأحزاب لا تتجاوز 10% وفي حالة عدم تطبيق قانون العزل السياسي فإن الفرصة ستكون متاحة لعودة فلول الوطني من جديد. هذا إلي جانب أن التقسيم الجديد الذي جعل أكثر من مركز يمثلون دائرة انتخابية واحدة. يتطلب نفقات مالية باهظة للدعاية ربما لا تتوافر تلك الماديات إلا مع حزب الحرية والعدالة والذي لن يحصل علي مقاعد إلا بالتنسيق مع قبائل المحافظة التي تعتبر دائما هي صاحبة الكلمة . ومن المفارقات داخل محافظة قنا محاولة فلول الوطني للانضمام لأحزاب سياسية جديدة من تلك التي خرجت من رحم الثورة للفوز بالترشح علي قوائمها وما أن يجلسون مع أحد وتجدهم لا يكفون عن الحديث عن فساد الحزب الوطني والنظام البائد. ويؤكدون في الوقت ذاته علي أن الأمل القادم في الأحزاب التي انضموا إليها. في الوقت تناسوا أن الثورة البيضاء كما قضت علي الفساد فإنها حررت العقول وجعلت المواطن البسيط الذي تحول بين يوم وليلة إلي محلل سياسي أن يفطن إلي الأحزاب التي لا تتعدي كونها كيانات مستنسخة من الحزب الوطني المنحل من تلك التي تكونت للعمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية ورفضت ضم الفلول إلي صفوفها. ستكشف الأيام القليلة القادمة عن مرشحي الدوائر الانتخابية داخل المحافظة وربما تتحدد بشكل نهائي بعد إغلاق باب الترشح سيما وان "المساء" أجرت عدة اتصالات بعدد من المرشحين وأكدوا عدم حسم الأمر بقرار خوض الانتخابات من عدمه كما أنهم لم يقرروا الترشح لمجلس الشعب أو الشوري.