لم أجد من الكلمات ما يمكن أن يصف تلك الأم الصابرة المثابرة الموقنة برحمة الله تنتظر بثقة كاملة اليوم الذي يستجيب فيه لدعائها ويكتب الشفاء لابنتها بلا استعجال دون ملل أو يأس. تركت سامية محمد علي من الصعيد كل شيء وراءها وتفرغت لابنتها التي تعلقت بها تعلق الرضيع الذي لا يعيش بدون أمه فتركت بناتها الثلاث بقريتها بعد أن أدت رسالتها تجاههن باستكمال تعليمهن الجامعي وصارت كل منهن قادرة علي الاعتماد علي نفسها. وهبت نفسها ووقتها وصحتها لابنتها الصغري "إيناس" بعد أن أصيبت بمرض احتار الأطباء في تشخيصه أو معرفة سببه حيث أصيبت فجأة بشلل رباعي ودخلت غيبوبة خرجت منها فاقدة النطق أيضا. في البداية ظن الجميع أن ما حدث نتيجة جرعة تخدير زائدة بعد إجرائها لعملية الزائدة الدودية ولكن أكدت الفحوص أن المخدر برئ من مرضها. توقفت الأم عن البحث عن السبب وجاءت بابنتها إلي القاهرة بحثاً عن علاج شاف لها أما الأب فهرب من المسئولية وهجرها هي وبناتها. كانت "إيناس" في بداية مرضها في المرحلة الإعدادية "لغات" فواصلت معها دراستها في البيت وكانت تجري لها الامتحانات بنظام المنازل حتي لا يتأثر مستقبلها الدراسي. وجدت الأم ضالتها في مركز تأهيل العجوزة حيث لاحظت ظهور تحسن كبير في حالة ابنتها مع أول جلسات ولكن طلت هناك مشكلة عجزت عن مواجهتها وهي نفقات الكورس المقرر لإيناس والذي يتكلف 30 ألف جنيه حيث دبرت نصف التكاليف بالدين وباقي النصف الآخر. بعثت إلينا تطلب الوقوف معها فرصدنا لها خمسة آلاف جنيه لاستكمال الكورس حتي لا تتعرض لنكسة إذا ما توقفت الجلسات علي أمل أن نجد من يتكفل بباقي تكلفة الكورس حتي تعود "إيناس" زهرة جميلة تتفتح للحياة مثلما كانت من قبل.. كان علينا ان نذهب إلي المركز لإيداع المبلغ المرصود لها لأنها لا تترك ابنتها لحظة واحدة وما جذب انتباهنا أن الأم تسير بصعوبة شديدة تسند ظهرها بيديها ورغم ذلك تحمل ابنتها وتنقلها من مكان لآخر وتبدل ملابسها بصفة منتظمة تحافظ علي جمال مظهرها ونظافتها. وبعد فإن هذه الأم المسكينة تعاني من انزلاق غضروفي في مراحله المتأخرة ومقرر لها جراحة عاجلة ولكنها أرجأتها لحين الاطمئنان علي ابنتها. ألا تستحق هذه السيدة الصابرة المحتسبة أن نقف معها حتي يكلل الله كل ما بذلته بشفاء ابنتها؟!