دون ذنب يقترفه المرء. في سيناء يصبح معرضاً لخطف سيارته وممتلكاته. بل وفي الآونة الاخيرة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير معرض هو نفسه للخطف. بعدما تحولت الأمور من مجرد عرف يراد به استرداد الحقوق إلي سرقة بالإكراه وبلطجة تحت تهديد السلاح. لا لشيء سوي أن الفرد ينتمي إلي تلك القبيلة أو لهذه العائلة. أو لحقوق الغير لدي أحد أقاربه في ظل غياب جهاز الشرطة. وضعف دور المشايخ بعد تعيينهم من قبل الأمن. وفرضهم علي قبائلهم. وانتشار لغة السلاح بين القبائل والأموال التي تدفقت علي أرض سيناء من تجارة مشبوهة وغير شرعية. وغياب الوازع الديني وأسباب أخري كثيرة. في البداية يؤكد "محمد . ع" الذي ينتمي إلي احدي عائلات العريش أنه تعرض أثناء سيره علي الطريق الاوسط بسيناء إلي قيام مجموعة من الشباب بإيقاف سيارته التي يمتلكها والتي يتكسب منها قوت يومه. وطالبوه بالنزول تحت تهديد الاسلحة النارية وإعطائهم مفاتيح السيارة. فلما استفسر منهم عن السبب الذي سيترك من أجله سيارته. أخبروه ان لهم أموالاً عند أحد أقاربه من العائلة التي ينتمي إليها. فحاول إقناعهم إنه لا ذنب له ولا جريرة في هذا الأمر. ولكنهم طالبوه بترك السيارة والنزول وإلا سيكون مصيره القتل. فترك لهم السيارة. أضاف عدت إلي عائلتي وأخبرتهم بما حدث. فقمنا بتجميع أنفسنا وأخذنا سيارة لنفس القبيلة أثناء سيرها بمدينة العريش. لتأخذ القبيلة الاخري سيارة لأحد أبناء عمومتي. ويظل اختطاف السيارات بيننا وبينهم مما تسبب في توقف مصالحنا لعدة أشهر ونحن علي هذه الحالة. وبعد تدخل العقلاء تم إرجاع السيارات المحتجزة بين العائلتين. لتبقي النفوس تحمل الضغائن. يضيف "جمال. م" إنه فوجئ أثناء عودته من عمله بمصنع الاسمنت بوسط سيناء هو وابن عمه بمجموعة من الشباب تحمل الاسلحة الآلية و تغلق الطريق. وقاموا بإيقاف السيارة التي كانا يستقلاها. والسؤال إذا ما كنا ننتمي إلي احدي العائلات بعينها. وعندما عرفوا أننا ننتمي إليها بعد مشاهدتهم لأوراقنا. انزلوا الركاب وأخذونا بالسيارة واحتجزونا لمدة تقترب من الشهر بأحد الاماكن البعيدة. لحين معرفة مصير أحد ابنائهم والذي اختفي واتهمت عائلتنا باختطافه. وظللنا علي هده الحالة. وكل يوم يتم اختطاف أحد أقاربنا إلي ان وصل عددنا إلي تسعة شباب. و الخوف يقتلنا. ماذا سيفعلون بنا. وظللنا علي هذا الحال. إلي أن جاء يوم وأخذوا ثلاثة منا. ولا ندري إلي أين ذهبوا بهم. فلا أحد يتحدث إلينا. و نحن معزولون تماما عن العالم. وبعد عدة أيام اطلقوا سراحنا. فعرفنا أن هناك تبادلا للمختطفين تم بين عائلتنا وبينهم بعدما تبين لهم أن عائلتنا ليس لديها يد في اختطاف نجلهم. ويقول إن الامور انتهت بالصلح بين العائلتين ونحن الضحية لقد عشنا أياما عصيبة ننتظر كل طلعة صباح الموت. وأيضا زوجاتنا و أطفالنا عاشوا نفس اللحظات ولا لذنب اقترفناه سوي أننا ننتمي إلي هذه العائلة. الشيخ سليم أبو نيفه "قاضي عرفي" : الخطف في العرف البدوي له قواعد وأصول بين أبناء البادية. ومنها من له حق عند طرف آخر يقوم بالتنبيه عليه ثلاث مرات من خلال بدوة "رسالة مع طرف محايد للتنبيه عليه بقبول التقاضي "فإذا لم يتجاوب الطرف الثاني للبدوة فهو عدمان" أي ينكر الحق الذي عنده". فيقوم الطرف الأول "صاحب الحق" بأخذ ما يملك منه من راحلة وكانت قديما الإبل وكانت تسمي وساقة لاخذها ليلا و قيل لتقييدها. أما في الوقت الحالي فيتم أخذ السيارات. يضيف أبو نيفه انه طبقا للقضاء العرفي فإن الامور لا تتوقف عند أخذ ممتلكات الغير لاجبارهم إلي الاحتكام لجلسات القضاء العرفي و الوفاء بالحقوق التي عليهم. بل أن ما تم أخذه واحتجازه يتم وضعه عند صاحب بيت معروف وكبير قومه. والذي بدوره يقوم باخبار من تم احتجاز ممتلكاته بضرورة قبول التقاضي والاحتكام للقضاء العرفي. بعدها يتم جلوس الطرفين في بيته لوضع أسس قبول الجلوس في جلسة عرفية بعدما يقوم كل طرف منهما بتسمية كفيل و "هو من يفي بالحقوق التي تحكم بها المحكمة العرفية ويسددها للطرف الآخر" ليتم الاحتكام إلي القضاء العرفي. وإعطاء كل ذي حق حقه. يؤكد سلامة جرير "قاض ومحكم عرفي" أن علم الوساقة في العرف البدوي هو الضامن لرجوع الحقوق إلي أصحابها. وهي من الامور التي تساهم في تخفيف تطور المشكلات وتفاقمها بين العائلات. إذا ما أخذت مسارها الطبيعي. أما إذا كان هناك توسيق بدون وجه حق فهو خطأ يؤثر بلا شك علي سلامة المجتمع. ويضيف أن ما يحدث هذه الايام من اختطاف السيارات تحت مسمي العرف. يجب إلا نطلق عليها "وساقة" ويجب أن نضع الامور في نصابها السليم ونسميها مسمي آخر وهو بلطجة أو سرقة بالإكراه يجب ان يعاقب مرتكبوها بالقانون سواء قانون الدولة أو القانون العرفي. ويري سعيد عتيق "الناشط السياسي" أن أحد أهم أسباب انتشار ظاهرة البلطجة وسرقة السيارات بالإكراه تحت مسمي الوساقة. هو تراجع دور الدولة في سيناء. خاصة الجهاز الامني والذي فسد كثيرون من ضباطه في الآونة الأخيرة. ولعبهم دور الوسيط في إرجاع السيارات المختطفة مقابل عمولات مالية كبيرة. وغض الطرف عن البعض نتيجة مصالح مشتركة ومشبوهة وضد القانون. إضافة إلي انتشار ظاهرة البطالة بين الشباب خاصة في قري وسط وسيناء. وغياب الجهاز التنفيذي. ولجوء كثير من الشباب إلي القيام بأنشطة مشبوهة للحصول علي المال مثل تجارة المخدرات وتجارة البشر. وظهور طبقة جديدة من أصحاب الاموال من الشباب الذين يمتطون جواد القوة بلا عقل ولا أخلاق ولا مبادئ. و لا اعتراف لدور الكبير. كل هذا ساهم في انتشار عدد من الظواهر السلبية والتي يأتي علي رأسها اختطاف الافراد والسيارات تحت مسمي العرف. وهو مما يحدث براء .