6 أكتوبر. يوم لا يُنسَي في جميع الأحوال. هو يوم انتصرت فيه الإرادة المصرية. وحقق الإنسان المصري معجزة تفوق الخيال... وجعل العدو قبل الصديق يُبدي إعجابه. وربما حسرته لما قام به المصريون. كانت معظم دول العالم تتحدث عن قوة إسرائيل. وكيف أحكموا قبضتهم وفرضوا سيطرتهم وحصارهم حول سيناء. شمالها وجنوبها.. وأعلنوا عن إقامتهم سداً منيعاً علي الضفة الشرقية للقناة. أطلقوا عليه "خط بارليف" ووصفوه بأنه أعتي مانع في التاريخ. لا يمكن هدمه حتي لو تم استخدام القنبلة الهيدروجينية.. ولكن حدثت المعجزة التي أذهلت العالم. وتجلَّت العبقرية المصرية في تدميره. وجعلته ينهار ويتحطم.. ووقف العالم مشدوهاً لما رأي وسمع. حدث هذا يوم 6 أكتوبر بعد ست سنوات من كارثة 1967. التي حققت إسرائيل فيها انتصاراً فجائياً. في ست ساعات فقط.. كانت هزيمة صادمة بالفعل. ورغم ذلك وصفوها بأنها نكسة. في حين أن الفريق أول محمد فوزي. الذي تولي قيادة الجيش بعد ذلك ذكر في مذكراته "أنها هزيمة عسكرية. وليست نكسة. كما أطلقوا عليها وقتئذي".. وإن كانت كلمة نكسة أشد قسوة من الهزيمة. بدليل أن إرادة القتال لم تتوقف بعد المعركة الخاسرة مباشرة بعملية رأس العش. التي قام بها المصريون في أول يوليو سنة 1967 أي بعد أقل من شهر واحد من انتهاء العمليات الحربية.. واستمرت بعد ذلك في صمود ثم تحدي للعدو الإسرائيلي الذي حصل علي نصر أكبر من قدراته العسكرية بسبب القرار الخاطئ والعاجل للمشير عبدالحكيم عامر بانسحاب القوات من سيناء. وفي ليلة واحدة تحولت الهزيمة إلي مأساة. بل كارثة. والحقيقة أن ملحمة 6 أكتوبر دارت لها فصول عديدة بدأت ولم تنته خلال الفترة من عام 1967 حتي عام ..1973 خصوصاً أنه بعد ثلاثة أعوام فقط حدث حادث جلل. وهو "وفاة عبدالناصر" الذي اهتزت له مصر. ومعظم دول العالم. أحداث خطيرة ففي عام 1970 كانت هناك أحداث خطيرة في المنطقة.. وروي هنري كيسنجر. مهندس السياسة الأمريكية في كتابه "سنوات البيت الأبيض" الذي تناول فيه أحداث 1970 قائلاً: في يناير عام 1970 بدأت إسرائيل غارات العمق حول القاهرة ودلتا نهر النيل بهدف إظهار عجز عبدالناصر. وإرغامه علي وقف ما يسمي بحرب الاستنزاف.. ونقل كيسنجر عن جولدامائير. رئيسة وزراء إسرائيل قولها: "إنها لا تستطيع التكهن بالموعد الذي يصبح فيه السلام ممكناً مادام عبدالناصر يحكم مصر". ويقول كيسنجر إنه فسَّر خطاب عبدالناصر في أول مايو 1970 الذي توجه به إلي الرئيس نيكسون من أجل السلام بأنه خطاب يعبر فيه عبدالناصر عن تدهور الموقف الأمريكي. بأنه لفرض شروط الاستسلام علي مصر.. وكان الخطاب معتدلاً ولا يتناول أمريكا بالهجوم أو التهديد بأن تشرب من مياه البحر الأبيض والبحر الأحمر.. بل كان يناشد فيه نيكسون بأن يتدخل. وأن يعلن بكل وضوح هل هو راغب في حل الأزمة. أم هو عاجز عن حلها؟!.. ويعتقد كيسنجر أن عبدالناصر كان يريد فتح الباب أمام تفاهم مصري أمريكي بعد أن يئس تماماً من الموقف السوفيتي. وبعد أن اقتنع أن أوراق اللعبة في يد أمريكا من "كتاب اعترافات كيسنجر لموسي صبري".