نحن جميعا كمصريين مسيحيين ومسلمين مدينون بالشكر والتقدير والتحية للكنائس المصرية الثلاثة الكبري الأورثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية بعد أن دخلت معاً علي خط نجيب جبرائيل رئيس ما يسمي ب "منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان" وكشفت كذب البيان الذي أصدره وزعم فيه هجرة 100 ألف مسيحي من مصر إلي أمريكا وكندا وأستراليا وبعض دول أوروبا في الفترة من 19 مارس الماضي وحتي الآن. وكم من الجرائم ترتكب باسم منظمات حقوق الإنسان وبياناتها الكاذبة.. لكننا إذا تسامحنا مع العبث في ميدان السياسة وألاعيبها فلا يمكن أبدا ان نسكت علي العبث الذي يتم بمثل هذه البيانات لإشعال الفتنة الطائفية وتحريض المصريين بعضهم علي بعض.. ونحمد الله ان جاء الرفض وكشف الزيف من الكنائس هذه المرة واضحا جليا. يقول نجيب جبرائيل في بيانه المكذوب ان السبب الرئيسي لهجرة الأقباط يرجع إلي التشدد السلفي في تطبيق الحدود واعتبار الأقباط أهل ذمة وحرمانهم من الوظائف العليا للبلاد فضلا عن الاعتداء علي كنائسهم وأرواحهم واعتبارهم كفارا.. وإذا استمرت هجرة الأقباط علي هذا النحو فقد تصل في نهاية 2011 إلي ما يقرب من ربع مليون شخص مما يهدد التركيبة السكانية واقتصاد البلاد. والبيان كما تري زاخر بالتعريض والتحريض والدس والتشويه.. فالسلفيون لا يطبقون الحدود.. وما قيل عن قطع أذن مدرس قنا المسيحي ثبت أنه غير دقيق وقد تبرأ منه السلفيون علنا وعلي صفحات الجرائد.. وتبين أن من قاموا بهذه الجريمة شباب عادي متحمس بعضهم له ذقون.. ولم تعط مصر السلطة لأحد لتطبيق الحدود.. وإذا كان السلفيون يعتبرون الأقباط أهل ذمة أو كفاراً فإنهم لا يمثلون إلا أنفسهم.. لا يمثلون الإسلام ولا الأغلبية المسلمة في البلاد. ثم ان السلفيين ليسوا في الحكم حتي يحرموا الأقباط من الوظائف العليا للبلاد.. بل انهم أصلا ممنوعون من هذه الوظائف ولا يعرفون عنها شيئا .. وليس في يدهم سلطة يتحكمون بها فيمن يصعد للوظائف العليا ومن لا يصعد. أما الاعتداء علي الكنائس فإنه جريمة كبري.. تعود إلي التعصب القبلي في مناطق معينة ولظروف معينة والقانون يجرمها ويعاقب مرتكبها أشد العقاب.. لكنها لا تمثل ظاهرة طائفية عامة بدليل وجود آلاف الكنائس في طول مصر وعرضها تعيش في أمن وأمان.. ويمر عليها السلفيون وغيرهم صباح مساء. وفي العموم فإن السلفيين بكل ما ينسب اليهم من أخطاء ليسوا إلا تياراً من التيارات المتلاطمة الآن في مصر.. ويجب أن ندرك أن الأخطاء التي تنسب اليهم مرفوضة تماما من المصريين جميعا.. المسلمين قبل المسيحيين.. وندرك أيضا أن هذه الأخطاء لا تعبر عن روح مصر الطيبة المتسامحة التي تنزع إلي المحبة والتآلف والتعايش السلمي. من أجل ذلك رفضت الكنائس المصرية الثلاثة محاولة التهييج والتشويه التي قام بها نجيب جبرائيل من خلال بيانه التحريضي.. وكذبت ما فيه من أباطيل.. فقال القمص سرجيوس سرجيوس وكيل الكاتدرائية الكبري بالعباسية للأقباط الأورثوذكس انه لا يوجد احصاء لهجرة الأقباط.. والحديث عن هجرة 100 ألف مسيحي في 6 أشهر فقط كلام غير دقيق بالمرة.. كما أننا لم نسمع أن سفارات الدول الأوروبية فتحت أبوابها لهجرة المسيحيين المصريين.. ولا توجد أسباب تدفعنا للهجرة خارج مصر التي يقول عنها البابا شنودة انها وطن يعيش فينا وليست وطنا نعيش فيه. وقال القس الدكتور صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر في التحقيق الذي نشرته "الأهرام المسائي" علي صفحتها الأولي في عدد الاثنين 26 سبتمبر الجاري ان تقرير نجيب جبرائيل غير صحيح بالمرة.. لأن طلب الهجرة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلا يأخذ 10 سنوات للموافقة عليه وكندا خمس سنوات وأستراليا خمس سنوات.. وذلك يختلف علي حسب الدولة والنظام القائم بها.. وفضلا عن ذلك فإن بعض المسلمين يقومون بالهجرة فهل هم أيضا يخشون التيار السلفي كما زعم التقرير. وقال القس الدكتور رفيق جريش المتحدث الإعلامي باسم الطائفة الكاثوليكية في مصر ان عدد الأقباط الكاثوليك في مصر قليل بالنسبة للطوائف الأخري ولا يوجد احصاء عن الهجرة خارج مصر. وعندما سئل جبرائيل عن المصدر الذي حصل منه علي عدد الأقباط المهاجرين والفترة الزمنية التي هاجروا فيها قال انها مصادر خاصة به.. وهو ما يؤكد أن كل ما تضمنه تقريره ليس أكثر من كذب بواح. ان المسيحيين في مصر ليسوا دخلاء ولا غرباء ولا مهاجرين.. وانما هم أبناء وطن وأصحاب أرض وشركاء في السكن والعمل والنيل والماء والهواء والشارع والأتوبيس والمترو والقطار ولقمة العيش.. وإذا ترك أحدهم وطنه لابد أن يكون بحثا عن الرزق كما يفعل اخوانهم المسلمون الذين يهاجرون أيضا إلي أرض الله الواسعة.. ولكن أن تستخدم تلك الهجرة وسيلة للتأليب والتحريض فتلك جريمة ندعو الله أن تسلم مصر منها ومن توابعها.. آمين.