فرحة.. بطعم الألم!

أحمد الله كثيراًعلي ما ابتلاني به فقد نشأت في أسرة تحاول بالكاد توفير الحد الأدني لأبنائها من متطلبات المعيشة ولم يكن غريباً أن أتوقف في دراستي عند التعليم المتوسط فحصلت علي الدبلوم التجاري وعجزت عن العثور علي وظيفة ثابتة - لأخوض العمل الحر تارة كمندوب مبيعات أو "أخصائي علاقات عامة" تارة أخري.. وللأسف دون أن يسفر ذلك عن أي تحسن يذكر في أحوالي المادية يمكنني من البحث عن مسكن مستقل والتفكير جدياً في الزواج الذي طالما حلمت به.
وحين بلغت الأربعين من العمر شدني الحنين للزواج والأبناء فبحثت أولا عمن توافق علي الارتباط بي ولديها شقة ولم يشغلني إن كانت بكراً أو غير ذلك. وبالفعل وجدتها.. سيدة مطلقة عندها شقة وتتطلع للاستقرار.. ولكن.. لم يكتب الله لزيجتنا أن تستمر أكثر من ست سنوات وعجل من هذا غياب أهم رابط يمكن أن يجمع بين أي زوجين وهو "الابناء" والسبب كان مني مما جعلني أضيق بتصرفات زوجتي وشجارها الدائم مع الجيران وأنا بطبيعتي رجل هادئ مسالم لذا ما كان لحياتنا أن تدوم طويلا وحمداً لله علي كل حال.
أما مصدر حزني الثاني وأعترف أنني كنت سبباً فيه هو عدم اكتراثي بتحذيرات الاطباء حين ينبهوني إلي أن نظري يتراجع بشكل ملحوظ ولابد من المتابعة والعلاج ونتيجة لاهمالي أصبت بانفصال شبكي بالعين اليسري لأفقد الرؤية بها تماماً وأخرج منها بعجز جزئي وكان عزائي أنه أعطاني الحق في الحصول علي معاش من الضمان الاجتماعي!!
** سيدتي باختصار 21 عاما وحالة عيني تزداد سوءاً فصرت لا أستغني عن ارتداء النظار الطبية "السميكة" حتي بدأت مؤخراً أشكو من وجود مياه بيضاء علي العين اليمني "كتاركتا" لأصبح بحاجة إلي عملية بها..!
ومع بلوغي الستين صرت أعاني أيضا من ارتفاع في ضغط الدم ومن خشونة مزمنة بالمفاصل.. و.. وفي الفترة الحالية - وهذا وراء كتابتي لكمم - أجدني رغم ذلك كله مشغولا عن صحتي بما أراه الأهم. فأخيراً وبعد طول صبر وعذاب حصلت علي شقة ضمن حالات "الأولي بالرعاية" علي طريق الواحات بمدينة 6 أكتوبر. وهي شقة بالايجار مساحتها 42 متراً مربعاً بالتمام والكمال!!
وحتي تصلح للسكني فيها مطلوب اجراء بعض أعمال السباكة والدهانات لها إلي جانب تأمينها بباب حديد خاصة انها تقع في منطقة نائية وشراء بعض الفرش والأثاث اللازم لها.
** سيدتي حقيقة بقدر فرحتي بحصولي علي شقة في هذا المشروع لكني أراها فرحة بطعم الألم فمعاشي من الضمان يذهب كله علي شراء الدواء وليس في استطاعتي تدبير التكاليف المطلوبة لعمل التجهيزات الاساسية وشراء الضروري من لوازم المعيشة حتي استطيع الانتقال إلي شقتي الجديدة وانهي حياة البدروم بلا رجعة وأملي من الله أن اجد من بين قرائك من يقف بجانبي ليضاف له في ميزان حسناته.
ع. أ. ع - الدرب الأحمر
المحررة :
رغم كل ما نزل بك وأصابك حرصت علي أن تبدأ رسالتك لنا بحمد الله تعالي وهذه خصال الإنسان المؤمن الذي يرضي بقدر الله فيه خيره وشره.. والذي يمتلك في الوقت ذاته "شجاعة الاعتراف" بما اقترفه في حق نفسه من إهمال وتقصير حين أغفلت تحذيرات الاطباء بشأن تدهور إبصارك ليكون الثمن باهظاً "فقدك للعين اليسري"!! لكن يبدو أنك تعاني من ارتباك واضح في ترتيبك للأولويات وبدلا من أن تتعلم ن الدرس السابق وتحافظ علي ما تبقي لديك من بصيص نور وتسارع بإنقاذ العين اليمني شغلت نفسك تماماً بموضوع الشقة وتطلعك إلي الانتقال إليها سريعا!!.
موضوع علي أهميته وأنت من كابدت لأعوام طويلة حياة البدروم - إلا أنني أجد من الأصوب أن يأتي في ثاني أولوياتك فابدأ بعلاج عينك أولا قبل أن يحدث مالا يحمد عقباها خاصة وأنك مريض!! "ضغط مرتفع"!
مرة أخري: أعد ترتيب أولوياتك حتي لا تزداد ظروفك تعقيدا أما تكاليف تجهيز الشقة فلا تحمل لها بالا وسيفيض الله لك - بإذنه تعالي من يعينك عليها لتجد الفرحة الحقيقية لكن بدون ألم.
لمن يرغب في مساعدة صاحب الرسالة التواصل مع المحررة.