كان السلطان محمود سلطان تركيا عام 1839 قد تصور أنه استكمل استعداداته الحربية وتم إعداد الجيش العثماني وتدريبه علي يد أعظم العسكريين في أوروبا وكان علي رأسهم قادة من ألمانيا.. كذلك اطمأن السلطان أن إنجلترا وفرنسا من جهة وروسيا من جهة أخري لن تسمح لمصر أن تتجرأ علي الدولة العثمانية.. وفي ضوء كل هذه الترتيبات أعطي أوامره للجيش العثماني بعبور النهر الفاصل بين الحدود المصرية والتركية.. وكانت قوة الجيش التركي أكثر من 80 ألف جندي.. وبالفعل وصل زحفه إلي قرية تريب واتخذ منها قلعة حصينة حيث أقام استحكامات واحتياطات عسكرية رهيبة. ولكن القائد المصري إبراهيم باشا لم يؤخذ علي غره بالزحف العثماني فقد كان يتوقعه منذ سنوات وسنوات وكان مستعداً تماماً بشتي أنواع الأسلحة والمعدات واستخدم إبراهيم باشا عبقريته العسكرية وأساليبه في المناورات الحربية والتي جعلته يهاجم الجيش العثماني من الخلف ليتفادي ما أنشأه العثمانيون من استحكامات. وقد انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للعثمانيين فاقت كل هزائمهم السابقة فقد خسروا عدة آلاف من القتلي وأضعاف أضعاف من الأسري وقد بلغ عددهم 12 ألف أسير واستولي الجيش المصري علي 20 ألف بندقية و77 مدفعاً كما سقطت في أيدي المصريين هزيمة الجيش التركي نفسها وبها عدة ملايين من الفرنكات. والحقيقة أن خسائر الجيش المصري لم تكن هينة فقد بلغ عدد القتلي والمصابين نحو 4 آلاف.. وانفتح الطريق مرة أخري نحو اسطنبول حيث كان سهلاً وصول الجيش المصري إليها. وحدث أن السلطان محمود توفي ولم يكن قد تجرع نبأ هذه الكارثة. وتسبب هذا الانتصار إلي هياج إنجلترا فقد استطاع القائد إبراهيم أن يهدر خطتها.. ولهذا قررت الدول الأوروبية التدخل لمنع امتداد حرب إبراهيم باشا لتصل إلي تركيا نفسها.. وكانت هناك نية لديه لكي يحتل تركيا لولا تكتل أوروبا لمنعه من الوصول إليها.