هنا حيث التمسك بعادات الأجداد وتقاليد يصعب أن تجدها في مكان آخر.. خاصة فيما يتعلق بروحانيات شهر رمضان الكريم.. فالسكان الطيبين الذين يسكنون هذا المكان مازالوا يحافظون علي تراثهم التعبدي الذي يمتازون به.. إنها سيوة ذات الطقوس المختلفة تماماً من الواحات الأخري. زارت "المساء" الواحة الخلابة لترصد وتتعرف عن قرب علي عادات أهلها في الشهر الكريم. يقول زكريا عبدالعزيز صالح وشهرته "باصور" إن أهالي سيوة متدينون بالفطرة لذا يتعاملون مع شهر رمضان باجلال وورع ويمتنعون عن اللهو والموسيقي بما في ذلك آلة "الشبابة" المحببة إليهم والتي يسمونها بلغتهم الأمزيغية "تي شببت" وهي مصنوعة من النحاس وتشبه الناي في إصدار نغمات شجية وحزينة وكذلك يمتنعون عن أداء رقصة "الزقالة" الشهيرة وهي الرقص بالعصي كما يمتنعون عن كل الأشياء التي تلهيهم عن ذكر الله. ويؤكد باصور علي وجود طريقتين دينيتين في سيوة هما أقرب للتصوف "الطريقة السنوسية" و"الطريقة المدنية" وهاتان الطريقتان ساهمتا في لم الشمل بين أهل سيوة الشرقيين والغربيين وقضت علي النزاعات والخلافات بينهم. وتقوم النساء والأطفال بتنظيف الساحات حول المنازل وقطع بعض عراجين النخيل وتعليقها علي أبواب المنازل ابتهاجاً بقرب الشهر الكريم ويقوم أهالي سيوة باهداء المغتربين المقيمين في الواحة البلح والطعام ورغم أن نساء سيوة جميعهن منتقبات بطبيعتهن إلا أنهن يحتجبن تماماً عن الخروج طوال شهر رمضان. وقديماً كان هناك شخص حاد البصر يتمركز عند أعلي نقطة في جبل "شالي" ومعه طبلة كبيرة لمراقبة طرق الواحة وقرع الطبل وتنبيه الناس في حالة رؤيته لدخيل أو غزاة للواحة وكان من ضمن مهامه أيضاً استطلاع الهلال من مكانه المرتفع حيث توضع بجواره "قصعة" كبيرة بها ماء لتكون بمثابة مرآة عاكسة وعندما يشاهد الهلال منعكساً علي سطح الماء يقرع الطبل بطريقة معينة معلناً عن رؤية الهلال ومع التطور أصبح الإعلان عن رؤية الهلال بإطلاق أعيرة نارية وكل من يسمعها يطلق أعيرة أخري ليعرف أهالي المناطق البعيدة بقدوم الشهر الكريم. ومع التطور وزحف المدينة إلي الواحة أصبح الاعتماد علي التثبت من رؤية الهلال عن طريق وسائل الإعلام. ويضيف تعتبر سيوة من المجتمعات التي عرفت المسحراتي منذ القدم حيث كان يقوم شخص بالطواف وهو علي ظهر حمار علي منازل الواحة المتفرقة وايقاظ أهلها لتناول السحور ومازالت هذه العادة موجودة. وفي شهر رمضان من كل عام تتكفل مجموعة من أبناء سيوة بالمرور علي المنازل وجمع الطعام والسلع الغذائية والنقود ثم إعادة توزيعها علي بيوت الواحة وأصبح هذا التقليد عرفاً منذ القدم ولا يسبب حرجاً للفقراء حيث يعطون ويأخذون وبهذا الاسلوب تتشابه موائد سيوة في هذا. ومن أهم الأكلات الملوخية السيوي والأرز بأصنافه والمكرونة واللحوم ويفطر أهالي سيوة علي التمر والرايب أو الزبادي ثم يذهبون إلي صلاة المغرب في المسجد حيث يحرص الجميع علي صلاة المغرب جماعة. ومن المشروبات الخاصة بهم "اللتبي" أو روح النخلة وهو يستخلص من أحد أجزاء جزع النخلة وهذا المشروب مفيد ومقوي. لكنه إذا بات لليوم الثاني أصبح خمراً وضاراً.