ردد جيل الستينيات والسبعينيات مقولة الأديب السكندري صاحب المجموعة القصصية الشهيرة ¢ الكرة وراس الرجل ¢ محمد حافظ رجب صيحته الخالدة : "نحن جيل بلا أساتذة" علي أساس أنهم قاموا بتطوير أنفسهم بأنفسهم سيما في مسألة التجريب في الكتابة القصصية أو السردية وان أحدا من كبار مثقفي ذلك الزمان لم يوجههم أو يأخذ بأيديهم وإنهم شقوا طريقهم الادبي بمجهودهم ¢وإنهم أبناء الجيل الذي تحرك بناء علي حدسه الخاص وتجربته الخاصة. حتي استطاع أن ينشر ويصل للقراء بل ذهب بعضهم إلي أكثر من ذلك وقال إن نجيب محفوظ حاول تقليده خاصة في مجموعته القصصية المعنونة ¢تحت المظلة¢ . وان الأجيال السابقه لهم لم توفر سبلًا جديدة للاحتكاك والتفاعل. الأمر الذي جعلهم جميعًا يرددون الصيحة. دارت هذه الخواطر برأسي وتذكرتها عندما علمت إن الأديب الكبيرمحمد جبريل في حاجة إلي علاج بالخارج. وأن الجهات المعنية لاتسمع ولا تري وتصم أذنيها عن هذا الأديب الذي يعد قولا وفعلا أستاذ الجيل وأولي بالرعاية من كثيرين نري الأجهزة المعنية تمد لهم يد العون التي لا حاجة لهم بها. والمصادفة إن يكون ضيف هذا المقال من أبناء الاسكندرية أبناء ذلك الجيل الذي ردد تلك الصيحة لكنه أراد إلا يكررها من بعده أحد. وأن يعطي ما فقده وأن يبذل قصاري جهده الادبي في سبيل ذلك وإلا يردد أجيال الثمانينيات فصاعدا هذه الصيحة مادام حيا. وقد كان. فقد اتاح أكثر من بوابه لغالبية أدباء الثمانينيات والتسعينيات وما بعدها كي يمروا من خلالها فإذا ما رأي موهبة في الشعر أو القصة أو اي فن عموما يدعوه لمقابلته منفردا . ويطلب منه إن يحضر إلي الجريدة في الصباح ويصر علي تقديمه ودفعه وتوجيهه إلي ما يجب أن يقرأه انه الأديب والروائي والقاص والناقد والموجه محمد جبريل الذي ولد ¢بالإسكندرية¢ في 17 فبراير 1938م وتجاوزت مؤلفاته المائة كتاب. وهاكم البوابات إلي فتحها حتي تتلمذ علي يديه اغلب أدباء وشعراء ومثقفي هذا الجيل البوابة الأولي . كانت ندوة المساء التي أظن إن معظم كتاب القصة والشعر ارتادوها وان اغلب مسئولي الجهات الثقافية الحاليين كانوا من أعضائها وليسمح لي الصديق يسري حسان أن اكرر ما قاله سابقا لانني كنت شاهد عيان علي ذلك يقول نصا : لا أحد من جيلي . الذي أطلقوا عليه جيل الثمانينيات .لم يمر علي محمد جبريل في ندوته الأسبوعية التي كان يعقدها في جريدة المساء كل أربعاء. عشرات والكلام ليسري - منا كان الأربعاء بالنسبة لهم بمثابة العيد الذي يجمعهم علي منضدة طويلة عريضة هي "ديسك المساء" يشربون الشاي علي حساب الأستاذ جبريل... بمرور الوقت لم تقتصر ندوة جبريل علي كونها ندوة أدبية نتعلم فيها ونتبادل الخبرات فيما بيننا. تحولت الندوة إلي ما يشبه المؤسسة الاجتماعية. كلما توسم جبريل في أحد موهبة وجهه إلي عمل بعينه . وسعي بعلاقاته إلي إلحاقه بهيئة قصور الثقافة أو غيرها من المؤسسات الثقافية . كماسعي لإلحاق بعضنا بصحف ومجلات عربية سواء بالسفر أو بالعمل من مكاتبها في القاهرة. البوابة الثانية الصفحة الادبية التي كانت تصدر يومين في الأسبوع كانت منبرا لهؤلاء وبدأت أعمالهم الأولي من خلالها ولان كاتب هذه السطور شاهد عيان وممن تلقوا دعما أدبيا منه بالنصيحة والإرشاد والتوجيه المخلص وكان يستقبلنا في بيته ومقر عمله في صالة تحريرجريدة المساء ونقابة الصحفيين ولا زال حتي كتابة هذه السطور يعمل في إصرار ليس غريبا عليه رغم ظروفه الصحية وآلام العمود الفقري التي أقعدته عن الحركة مدة تجاوزت عاما كاملا. فقد كان علي حد تعبير يسري حسان - بعينه اللاقطة المدربة علي اصطياد المواهب . كان كلما توسم في أحدنا قدرًا من الموهبة نشر له قصته أو قصيدته. وكان ذلك بمثابة تدشين لأديب جديد .حيث كان النشر في منتصف الثمانينيات نادرًا ومحدودًا .خاصة بالنسبة إلي الأدباء الجدد الذين لايعرفهم أحد. أما من كانت ظروف إقامته في الأقاليم لاتسمح بحضور الندوة فكان طابع البريد هو وسيلته للتواصل مع جبريل. فإذا كانت المادة المرسلة صالحة للنشر نشرها . وإذا كانت غير صالحة كان يرد عليه ويوجه له نصائحه بأدب شديد. البوابة الثالثة ندواته التي كان يعقدها من حين لآخر يتحدث فيها عن تجربته الأدبية ومشواره الادبي. بدأ حياته العملية سنة 1959م محررا بجريدة الجمهورية مع الراحل رشدي صالح ثم عمل بعد ذلك بجريدة المساء عمل في الفترة من يناير 1967 إلي يوليو 1968 مديرا لتحرير مجلة ¢الإصلاح الإجتماعي¢ الشهرية. وكانت تعني بالقضايا الثقافية. عمل خبيرا بالمركز العربي للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير. عمل رئيسا لتحرير جريدة الوطن بسلطنة عمان "تسع سنوات" يعمل الآن رئيسا للقسم الثقافي بجريدة المساء. تبنت الناشرة فدوي البستاني نشر أعماله الأدبية إيمانا منها بعالمية الرجل. حيث بلغت الكتب المنشورة عن محمد جبريل وأدبه "13" كتابا. نشرت بعض قصصه القصيرة في ملحق الجمعة الأدبي بجريدة الأهرام المصرية. كما درست أعماله في جامعات السربون ولبنان والجزائر. حتي رشحه بعض المثقفين المصريين لنيل جائزة نوبل في الأدب. البوابة الرابعة : كتبه ومؤلفاته التي تجاوزت المائة كتاب نذكر منها علي سبيل التذكرة : في الدراسات:مصر في قصص كتابها المعاصرين1973, نجيب محفوظ صداقة جيلين 1995, مصر المكان 1998, البطل في الوجدان الشعبي 2000 وغيرها.. في الروايه والقصة : انعكاسات الأيام العصيبة سوق العيد الأسوار إمام أخر الزمان قلعة الجبل من أوراق أبو الطيب المتنبي قاضي البهار ينزل البحر هل حارة اليهود الصهبة انفراجة الباب مالا نراه رسالة السهم الذي لايخطئ النظر إلي أسفل زهرة الصباح اعترافات سيد القرية رباعية بحري - كتب في أدب المقال: مصر.. من يريدها بسوء ¢ 1986¢ قراءة في شخصيات مصرية ¢ 1995 هذا هو محمد جبريل الذي احتفل به البرنامج الثقافي منذ أيام لما قام به من دور أدبي وثقافي سنسعد وستسعد الأجيال التي وجهها ورعاها إذا ما اهتمت الأجهزة المعنية في الدولة برعايته صحيا.