في الوقت الذي تضطر فيه مصلحة الضرائب إلي إصدار تعليمات- بشكل يومي- بخضوع أو إعفاء الكثير من السلع والخدمات للضريبة في ظل قانون الضريبة علي القيمة المضافة بسبب عدم وضوح القانون في الكثير من بنوده تمتنع ذات المصلحة ووزارة المالية عن تحديد الموقف الضريبي لبعض السلع والخدمات رغم مرور اكثر من عشرة أشهر علي صدور القانون.. والسؤال إلي أين يذهب المستثمر لتحديد موقفه الضريبي إذا كانت الجهتان المنوط بهما تحديد المعاملة الضريبية ممتنعتين عن الاجابة؟ أكياس الدم "الفارغة" من بين السلع التي تعاني منذ صدور القانون من شهر أغسطس من العام الماضي من امتناع وزارة المالية عن تحديد موقفها الضريبي في ظل قانون القيمة المضافة.. ففي ظل قانون الضريبة علي المبيعات كانت أكياس الدم "الفارغة" تعد من المستلزمات الطبية التي تخضع لسعر حكمي 1% إلا أنها في ظل قانون الضريبة علي القيمة المضافة وبسبب خطأ وزارة الصحة التي نسيت إدراج أكياس الدم للمعاملة بسعر حكمي أي سعر خاص في ظل قانون القيمة المضافة تخضع أكياس الدم حالياً للسعر العام للضريبة علي القيمة المضافة بسعر 13% واعتباراً من أول يوليو تخضع لسعر 14% مما يعني ببساطة ارتفاع الدم علي المصريين المضطرين إلي شراء الدم. في أي بلد فيه وزارة مالية تحترم آدمية مواطنيها كان من المؤكد أن تأتي مشكلة أكياس الدم علي أولويات وزير المالية ونائبه للسياسات الضريبية.. إلا أن ما يحدث في مصر خلاف ذلك.. فان شكوي مستوردي أكياس الدم مثارة منذ اليوم الأول لصدور القانون ومع ذلك فان كل من السيد عمرو الجارحي وزير المالية والسيد عمرو المنير نائب الوزير للسياسات الضريبية لم يلتفتا إلي الشكوي ولم يتخذا بشأنها موقفاً حتي الآن بل إنني في اتصالات متكررة مع نائب الوزير للسياسات الضريبية حرص علي التأكيد علي أن التأخير في إصدار الموقف الضريبي ليس علي سبيل التعنت ضد المصريين الغلابة المضطرين لشراء الدم ولا رغبة في رفع أسعار الدم عليهم.. كل ما في الأمر أن أجندة وزارة المالية مكدسة بالقوانين والاتفاقيات والمؤتمرات الخارجية والداخلية. يحدث ذلك رغم أن وزير المالية الحالي لديه ثلاثة نواب من المفروض أن لكل منهم ملفاً. والنائب الواحد لديه عشرة مستشارين ومع ذلك يقول إن وزارة المالية ليس لديها وقت لتحديد الموقف الضريبي لأكياس دم المرضي من المصريين. علمت أن السبب الحقيقي وراء تعطيل صدور الموقف الضريبي لأكياس الدم.. يرجع إلي أن الأيدي المرتعشة هي التد تدير السياسة الضريبية في مصر.. فان تلك الايادي قادرة علي كل يوم علي اجراء تعديل ضريبي يضيف علي المصريين ضريبة جديدة.. إلا أنها ابداً لا تستطيع اصدار قانون لتصحيح خطأ يؤدي إلي تخفيض الضريبة علي المرضي من المصريين. فوفقاً لقانون القيمة المضافة تخضع أكياس الدم للضريبة بسعر 13% بينما المقترح خضوعها لسعر 3.1% وهو أمر يمكن الوصول له بطريقتين إما أن يتقدم وزير المالية أو نائبه للسياسات الضريبية باقتراح إجراء تعديل تشريعي بمعاملة أكياس الدم معاملة حكميه أو يتحملا المسئولية ويصدرا تعليمات بخضوع أكياس الدم لسعر حكمي.. إلا أن الوزير ونائبه لا قاما بهذا ولا ذاك مما يفسر بأن السياسة الضريبية تدار بأيدي مرتعشة.. لا تتحمل مسئولياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية تجاه المصريين وتجاه الوطن. أو تدار بأناس لا يهمهم إلا الحصيلة حتي لو كانت علي حساب دم المصريين. لقد سعت الحكومة خلال العامين الأخيرين إلي تصدير معلومة تفيد بأن قانون الاستثمار هو الحل السحري لمشكلة جذب الاستثمارات إلي مصر.. وهو أمر غير حقيقي علي الإطلاق.. فان السياسة الضريبية تعد علي قائمة الأولويات التي تجذب الاستثمار الأجنبي لسبب بسيط أن الضريبة تعني التكلفة التي سيتحملها المستثمر وبالتالي الربح الذي سيحققه المستثمر من الاستثمار في هذا البلد.. وبالتالي فان كثيراً من المستثمرين الباحثين عن الاستثمار خارج بلادهم يسألون عن السياسة الضريبية التي تحكم البلد الذي يطلبون الاستثمار فيه قبل السؤال عن قانون الاستثمار. والسؤال: هل يتصور أحد أن المستثمر الأجنبي سيفكر في الاستثمار في مصر عندما يعرف أن وزارة المالية في إمكانها تعطيل قدرته علي تحديد ربحه من الاستثمار لأكثر من عام؟ وهل المصريون الذين يحصلون علي أسوأ خدمة صحية ناقصين رفع سعر الدم عليهم بسبب الضريبة؟