مضت أسابيع علي إعلان د. هشام الشريف وزير التنمية المحلية خلال زيارته لاسيوط واجتماعه بخمسة محافظين عن تشكيل لجان للتنمية بكل المحافظات تتولي وضع خطة للتنمية الشاملة. إعلان الوزير الذي أصدره في 19 فبراير الماضي لايبدو انه خرج إلي النور بعد.. فلا لجان تشكيلية ولا خطط تنموية جري وضعها.. البعض وصفها ب "الفنكوش" وآخرون يبنون عليها آمالاً عريقة ويعتبرونها خطوة صحيحة علي طريق طويل.. ومطالبة بالاسراع بتشكيل المجالس المحلية باعتبارها تجمع "أهل مكة" الادري بشعابها رحب الخبراء واستشاريو التنمية بمحافظة قنا. التي أعلن عنها د. هشام الشريف وزير التنمية المحلية والتي بموجبها سيتم تشكيل لجنة للتنمية بكل محافظة تضم في عضويتها شخصيات تنفيذية وشعبية تتولي وضع خطة للتنمية المتكاملة في المحافظة. مؤكدين في الوقت ذاته ضرورة ان يتم اختيار أعضاء هذه اللجان بناءً علي معيار الكفاءة لمن يمتلكون القدرة علي صياغة المشروعات التنموية القابلة للتنفيذ وليس تكريما أو مجاملة لاحد محذرين في الوقت ذاته من أن تتحول اللجان المزمع تشكيلها إلي لجان روتينية تموت بداخلها الافكار وتصبح مجرد "مكلمة" غير قابلة للتطبيق. وتطرق الخبراء ممن استطلعت "المساء" آراءهم إلي نقاط القوة التي تتميز بها محافظة قنا والتي تجعل الفرصة سانحة لاقامة العديد من المشروعات التنموية في مجال الاستثمار الاقتصادي والزراعي خاصة في منطقة المثلث الذهبي التي تنتظر إشارة مؤسسة الرئاسة للبدء في تنفيذ والتي ستغير خريطة الحياة بالكامل في صعيد مصر بأكمله لوجود العديد من الموارد التي يمكن ان تقوم عليها مجتمعات صناعية وعمرانية متكاملة والتي ربما تجعل قنا تخرج من تصنيف المحافظات الاكثر فقرا. في البداية أوضح الاستاذ الدكتور محمود خضاري معلة نائب رئيس جامعة جنوب الوادي أن محافظة قنا تتمتع بموقع استراتيجي متميز حيث تتوسط محافظاتسوهاج والاقصر ومطارها الدولي والبحر الاحمر وموانيه إضافة إلي قربها من محافظة اسوان التي تعد بوابة مصر الجنوبية إلي أفريقيا ويعتبر الموقع من أهم نقاط القوة للمحافظة مع احتوائها لبعض المناطق الاثرية وأراضي قابلة للاستصلاح لافتا إلي وجود جامعة جنوب الوادي بكوادرها والتي تعد بيت خبرة كبيراً يقدم الاستشارات اللازمة ومنه يمكن للمحافظة ان تنمو في محاور عدة سواء كانت زراعية أو ثروة حيوانية ومعها مصانع صغيرة لمنتجات الالبان واللحوم بالاضافة إلي إمكانية إعداد معبد دندرة والترويج السياحي له وبناء قرية للحرف التراثية بجوار المعبد خاصة وان محافظة قنا تشتهر بالعدد من الحرف التراثية مع الأمل في عودة السياحة بقوة لمصر مؤكدا علي أهمية التركيز علي محوري الزراعة والسياحة. أما الدكتور علي الدين عبدالبديع القصبي استاذ ورئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بقنا. فأكد علي ضرورة الاستعانة بذوي الخبرات ممن يمتلكون رؤية واضحة لحل المشكلات علي أرض الواقع عند تشكيل لجنة التنمية التي أعلن عنها وزير التنمية المحلية لافتا إلي أن هذا ينطبق علي أعضاء هيئة التدريس بالجامعات لقدرتهم علي رصد المشكلات وطرح قضايا مستقبلية للتنمية محذرا من أن تتحول اللجان المزمع تشكيلها إلي لجان عادية روتينية تقتصر علي عقد جلسات فقط ولا يتم تبني ما تخلص إليه الجلسات فتصبح مجرد "مكلمة" غير قابلة للتطبيق موكدا علي أهمية ان تكون هناك معايير لاختيار اعضاء لجان التنمية في المحافظات اهمها الاستعانة بالكفاءات الحقيقية وليست تكريما لاحد أو لمجرد السمعة أو لان هذا قريب فلان أو علان فيتم مجاملته باختياره عضوا في اللجنة فيجب ان يكون المعيار الاساسي هو الكفاءة والقدرة علي رصد المشكلات وطرح الحلول وتقديم خطة حقيقية للتنمية قابلة للتنفيذ وإلا ستتحول اللجنة إلي "مكلمة" لاخير يرتجي منها. لفت "القصبي" إلي أن محافظة قنا تتمتع بالعديد من المقومات التي تدفع إلي إقامة مجتمعات عمرانية جديدة بها كنموذج مدينة قنا الجديدة التي تعد من أهم الانجازات التي تحققت مشيرا إلي ان المجتمعات العمرانية الجديدة قد تواجه مشكلة عدم استيعاب الناس لفكرة الاقامة بها لانها تفتقد لعناصر الجذب وعلي رأسها توفير وسائل مواصلات للانتقال إليها مؤكدا ان منطقة المثلث الذهبي ستكون منطقة واعدة لاقامة مجتمع عمراني جديد بفضل توافر الصناعات والمساحات الجاهزة للاستثمار الزراعي وهي تنتظر إشارة مؤسسة الرئاسة للبدء في التنفيذ خاصة وأنها ستحقق نقلة حضارية وتنموية كبيرة في الصعيد لتوافر المقومات لتحقيق تنمية زراعية خاصة وان هاك أكثر من 200 فدان قابلة للاستصلاح الزراعي في وادي قنا ووادي المتولا بطريق قفط- القصير فضلا عن الصناعات التعدينية الضخمة وإن كان ذلك يستلزم تطوير الميناء النهري وبقنا ربطه بخط سفاجا- القصير وإنشاء رصيف حاويات لخدمة المستثمرين. قال الجيولوجي عبدالناصر حجاج القاضي. صاحب إحدي شركات التعدين بقنا إن منطقة وادي قنا ووادي المتولا شرق محافظة قنا من أهم المناطق بجنوب مصر في مجال الاستثمار حيث تتميز المنطقة بمصادر المياه الجوفية وتنوع التربة التي يمكن ان تستثمر زراعيا . وكذلك خامات البناء من رمال وزلط والخامات الطبيعية لصناعة الاسمنت. ونظراً لأهمية المنطقة وقربها من موانئ التصدير بالبحر الاحمر فقد تم إنشاء العديد من الطرق بها مثل طريق البحر الاحمر- وادي النيل الذي يربط محافظة البحر الاحمر ومحافظتي قناوسوهاج وكذلك طريق أسيوط. وأضاف "القاضي" أن الجزء الغربي من المثلث الذهبي من أهم المناطق في صعيد مصر الواعدة في مجال الزراعة والاستثمار لاحتوائها علي أراض صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية وتوفر المياه الجوفية وتم اختيار منطقة وادي قنا لامتدادها الواسع حيث يمتد الوادي من مدينة قنا إلي حدود مدينة رأس غارب علي البحر الاحمر شرقا والمنيا غربا علي نهر النيل حيث طريق الشيخ فضل- رزس غارب وتعتبر المنطقة من أهم المناطق الواعدة للاستثمار والاستصلاح الزراعي والزحف العمراني لقربها من نهري النيل والمنشات العمرانية وسهولة الوصول إليها من مدن البحر الاحمر وكذلك قناوسوهاجوأسيوط من ناحية وادي النيل وأثبتت الدراسات التي قمنا بإعدادها بالمنطقة ان منطقة المثلث الذهبي تضم أفضل الخامات المعدنية بالعالم حيث تحتوي خام الفوسفات الذي يبلغ الاحتياطي منه أكثر من مليار ونصف طن والحديد. والذهب كما تضم المنطقة أكثر من 100 موقع لخام الفضة وكذلك معادن المنجنيز والكروم والتنجستين والمولبين والنيكل والتيتانيوم والناناديوم والنحاس والرصاص والقصدير والنيوبيوم والفلسبار والكوارتز والرمال البيضاء والتلك والكبريت والبوتاسيوم والطفلة بالاضافة إلي مواد البناء من الرمل العادية والزلط والحجر الجيري والطفلة والجبس وخامات صناعة الاسمنت. وكذلك أحجار الزينة من رخام بأنواعه والاحجار شبه الكريمة. من جانبه قال الدكتور علاء تاج الدين وكيل كلية التجارة بقنا وأستاذ ورئيس قسم إدارة الاعمال بالكلية انه لابد من وضع خطة استراتجية لاستغلال منطقة المثلث الذهبي وهي في الغالب خطة طويلة الاجل حيث لن يعمر الصعيد إلا أبناء الصعيد أنفسهم لانه قد يكون في ذلك انتماء للمكان ويكون له دافعية نحو تعمير المناطق التي يجب استثمارها واستغلالها سواء في الزراعة أو التنمية العمرانية حيث يوجد كثير من الخيرات والمصادر الطبيعية والمعادن وكثير من المحاجر داخل تلك المنطقة التي يجب استغلالها لجذب المستثمرين داخل جنوب الصعيد ومن وجهة نظري الادارية لجذب وتشجيع المستثمرين داخل المنطقة لابد من مشاركة الجامعة ووضع دراسة علمية للمشروعات الفعالة وتقديم الدراسات والابحاث العلمية للمساعدة في تنمية هذه المناطق وعمل ورش وتدريبات لذلك لابد من وجود دعاية في ذلك المجال لتشجيع الاستثمار في جنوب الصعيد. وأكد ضرورة اقامة مؤتمرات اقتصادية داخل محافظات الصعيد كبديل عن إقامتها في القاهرة وذلك لاستغلال الموارد الاقتصادية والثروة المعدنية ومعادن الذهب المتوفرة في المثلث الذهبي ووضع خطط طويلة الاجل قد تصل إلي 10 سنوات لتنمية تلك المناطق واستغلالها وتتضمن اقامة صناعات صغيرة ومتوسطة وصناعات كبيرة الحجم حيث تقوم بدراسة الاسواق الخارجية لانتاج الجودة المعينة ودراسة معاير الجودة الخاصة بها وعمل بروتوكولات تعاون مع الدول الاخري للاستفادة منها بالخبرة والامدادات الفنية وكيفية استيراد الالات والمعدات الحديثة وذلك ما يسمي بالدول المحيطة بنا ومن الناحية الاقتصادية فيجب الاخذ بإنشاء مناطق عمرانية جديدة في المناطق الصحراوية والجبلية وذلك في شكل مدن جديدة علي شاكلة مصنع الالمونيوم بنجع حمادي والذي يحقق عائدا كبيرا لابناء الصعيد وغيرها حيث اصبح نموذجاً ناجحاً أدي إلي توطين الناس وإقامة الكثير من الانشطة الترفيهية والثقافية والتعليمية كإنشاء المدارس والحضانات مشيرا إلي ضرورة الاهتمام بشبكة الطرق لتنمية الاستثمار وجذب المستثمرين للصعيد حيث تعاني شبكة الطرق في الصعيد عامة من سوء حالتها وزيادة المطبات الصناعية التي تطرد ألي مستثمر لها ولكي نعمل علي الاستيراد والتصدير والربط بين القاهرةوقنا ولتنشيط الصناعة لابد من وجود طرق حديثة بمعايير ليست عشوائية ويجب علي المسئولين سرعة التحرك لانشاء خط سكة حديد يربط محافظة قنا بمحافظة البحر الاحمر لكي يساعد في عملية النقل والتصدير وكذلك إنشاء خطة سكة حديد يربط قنا بالوحات وبذلك تساعد علي التنمية الاقتصادية وتنشيطها من الناحية الاستثمارية للمشروعات بالإضافة لربط شبكة مواصلات حديثة من الناحية الغربية في الصحراء الغربية ما بين القاهرة والاسكندرية لربط الصعيد بأماكن التصدير والأسواق مما يساعد علي التنمية العمرانية وتشجيع الاستثمار في الصعيد عامة وقنا خاصة. أما سراج الدين حسان عضو مجلس محلي سابق فقال إن الاهم الآن هو سرعة إجراء انتخابات المجالس المحلية لان له دوراً هاماً في عملية تحقيق التنمية من حيث وضع الخطط ومراقبة تنفيذها وهذا يقتضي ايضا المطالبة باصدار قانون المحليات والتحول الفوري للامركزية خاصة وان المحافظات والوحدات المحلية للمدن والقري مكبلة وعاجزة من تحقيق التنمية لكن القرار مركزي في كافة القطاعات أما تشكيل اللجان فلن يحقق أي شيء خاصة وان السبب الرئيسي في تدهور الخدمات وغياب التنمية هو اللجان التي تنبثق عنها لجان أخري وتنتهي دائما إلي لا شيء فالاولية يجب ان تكون لتشكيل المجالس المحلية ولا يأس من وجود لجان لوضع خطط التنمية فيما بعد يشارك فيها أعضاء المجالس المحلية.