ظاهرة غريبة يشهدها الشارع السكندري بإحجام المواطنين عن التبرع بالدم وأصبحت عربات التبرع بالدم المنتشرة بشوارع وميادين الإسكندرية أشبه بخيال المآتة وبالرغم من إعلان بنوك الدم بالإسكندرية بصورة مستمرة عن عدم وجود عجز لديها كتصريحات رسمية بل ورفض الكثير منهم التواصل معنا حول أزمة الدم بالإسكندرية إلا أن الحقائق تثبت أن التصريحات ما هي إلا شو إعلامي.. فكيس الدم وصل بالمستشفيات الخاصة إلي 900 جنيه بينما تشترط بنوك الدم الحكومية تقديم طلب بنوع العينة وصورة بطاقة المريض والمكان الذي يعالج فيه لتدخل أسرة المريض في دوامة لا نهاية لها خاصة إذا لم يكن للأسرة متبرعون لشراء كميات من الدم تتطلبها الحالة المرضية. رصدت "المساء" أزمة الدم المستترة التي يعاني منها الثغر خاصة مع إحجام الشباب عن التبرع بالدم. * في البداية يقول عادل سالم - موظف: بنك الدم بمستشفي الشاطبي لا يخدم سوي ثلاثة مستشفيات هي الأميري والجامعي وناريمان والشاطبي ووالدتي تعاني من كسر في المفصل وترقد بمستشفي ناريمان التي رفضت اعطائي أي أكياس دم لوالدتي.. فتوجهت إلي بنك الدم بكوم الدكة للحصول علي الدم الذي تتطلبه الحالة المرضية ففوجئت بأن كيس البلازما يصل إلي 165 جنيها ببنوك الدم الحكومية أما بالقطاع الخاص فهي نادرة ومرتفعة الثمن لتتعدي الألف جنيه لندرتها حيث كانت والدتي تحتاج إلي 20 كيسا بمعدل كيس واحد يوميا فطلبوا مني التبرع ولكني أعاني من عدة أمراض ودمي لا يصلح لكي أتبرع به لانقاذ والدتي كما أني لا أملك المال الذي يجعلني اشتري من أي مصدر للدم يتبع القطاع الخاص فاضطررت إلي ان ألجأ للأقارب والمعارف لأحضر متبرعين فالدم ليس من السهولة الحصول عليه. حالة حرجة * محمود حسنين - موظف - أصيب شقيقي في حادث سير وتم نقله إلي أحد المستشفيات الخاصة الذين طالبوني بأكياس دم فحاولت شراءها من المستشفي ففوجئت بأن سعر الكيس 900 جنيه بالرغم من ان الدولة قد قررته ب450 جنيها فقط ونحن في حالة حرجة ولا يوجد حسيب أو رقيب علي المستشفيات الخاصة فهي تبيع الدم بأسعار حسب الرغبة والطلب وتستغل ندرة فصائل دم محددة وتقوم برفع سعرها عن الفصائل العادية واضطررت أن أدفع المبلغ المطلوب لانقاذ شقيقي ونحن في وضع حرج والحصول علي الدم من بنوك الدم الحكومية ليست بالسهولة التي يتخيلها البعض فالوساطة والمحسوبية تتدخل في كل شيء. * علي محمود - عامل - تعرض شقيقي لحادث وكان في حاجة لأكياس دم وبلازما فتوجهت إلي مستشفي الشاطبي الذي رفض اعطائي الدم لكونه يخدم ثلاثة مستشفيات ليس من ضمنها المستشفي الذي يرقد به شقيقي فتوجهت إلي بنك الدم الحكومي بكوم الدكة الذي طالبني باحضار متبرعين مقابل منحي الدم المطلوب بالاضافة إلي مبلغ 135 جنيها للكيس الواحد. * ولا يختلف الحال بالنسبة لحازم سعيد الذي أصيب والده بجلطة في المخ وقرر الأطباء سرعة إجراء عملية جراحية له ومع وجود نقص بالدم بمستشفي العمال بكرموز حيث يرقد والده توجه إلي بنك الدم بكوم الدكة لشراء كيسين فطالبوه باحضار أربعة أشخاص للتبرع وهو ما اضطره للوقوف أمام بوابة البنك يتصل بالأقارب والمعارف للحضور والتبرع لانقاذ الموقف. في الكوارث فقط * الدكتور محمد عبدالله ان المشكلة الحقيقية تكمن في احجام المواطنين عن التبرع بالدم لعربات الدم المنتشرة في جميع أنحاء الإسكندرية والعربات تقف طوال اليوم تنادي علي المارة للتبرع دون جدوي ولا تظهر الشهامة والجدعنة في عملية التبرع إلا في وقوع الكوارث والنكبات فقط. * الدكتور أحمد خليفة أستاذ الأمراض النفسية والعصبية: لدينا خلل في المنظومة الثقافية والصحية فالمواطن أصبح يحجم عن التبرع لعربات الدم المنتشرة وهي ظاهرة ملحوظة في السنوات الأخيرة لكون الشكل العام لعربة الدم الموجودة في الشارع طوال ساعات اليوم غير مشجع لأي مواطن علي التبرع فالممرضة تقف بشبشب وبجوارها تومرجي بملابس غير نظيفة ومن المشاهد المقززة أن تقوم الممرضة بمحايلة الشباب علي الشواطئ والميادين للتبرع وهو ما يفقدها مصداقيتها ويجعل الشباب يحجم من تلقاء نفسه كما ان العربات الواقفة في الميادين الشعبية لا تعطي أي ايحاء بنظافة العربة لكي يطمئن قلب المتبرع بالاضافة إلي حرب الشائعات التي تشهدها حملات التبرع بالدم من غير المتعلمين أو أبناء المناطق الشعبية بأنه مع المتبرع بالدم سينقل إليهم أمراض فيروس سي وهذا بالطبع ليس حقيقيا. مضيفا في حادث كنيسة المرقسية وجدنا العشرات من الشباب يصارع للتبرع بينما في الأحوال المعتادة لا يتبرع أحد وبالتالي فنحن بحاجة إلي توعية إعلامية إعلانية لدفع الشباب والأسر للتبرع وبالمدارس مع تحسين صورة المظهر العام لعربات التبرع كما لابد من سحب العربات من الميادين والشواطئ فتواجدها بصورة مستمرة جعل المواطنين يعتدون علي وجودها دون ان تلفت نظرهم بأنها واجب قومي. أضاف: أما فيما يتعلق بالمنظومة الصحية فهناك إهدار للدم سواء بصورة مقصودة أو غير مقصودة فمثلا إذا كان المريض داخل المستشفي سيقوم بإجراء جراحة وخاطبنا بنك الدم لتوفير الكمية المطلوبة أو قيام أسرته بالتبرع فإنه مع تأجيل العملية لأي سبب طبي تهدر كمية الدم التي تم احضارها أو التبرع بها لكوننا لا نستطيع إعادتها مرة أخري لبنك الدم. تجربة الأندية * الدكتور خالد مفيد - طبيب أسنان - الظاهرة الغريبة بالفعل ان الأندية الاجتماعية الكبري أصبحت تقوم بحملات للتبرع في يوم خاص بها ويقبل عليه أعضاء النادي لثقتهم في نظافة العربة ومستوي الخدمة المقدم لهم وبالطبع مع توزيع الحلوي والعصائر والمياه المعدنية التي تتناسب مع أعضاء النادي ويتم تسليم الدم إلي البنك أو الهلال الأحمر مقايل شيكات دم تظل متوافرة لدي إدارة النادي لخدمة الأعضاء الذين في حاجة إلي دم وبالطبع هذه الكفاية الذاتية غير متوافرة للمواطن العادي أو البسيط وبالتالي فنحن في حاجة إلي توعية إعلامية جديدة وشكل مختلف تعود به عربات التبرع بالدم خاصة علي مستوي النظافة والقائمين عليها وأيضا إيجاد تحفيز بالهدايا العينية للمتبرع ليقبل علي التبرع وذلك بالتعاون مع العديد من الشركات التي تقدم منتجات غذائية أو ملابس جاهزة وحتي ولو للأطفال. أوضح ان الشكل العام للقائمين علي عربة الدم أصبح منفرا وغير جاذب خاصة مع وجودهم طوال اليوم في الشارع وهو ما يمثل إساءة لهم أولا قبل أن يكون لوزارة الصحة. * د.أشرف محمود - أستاذ الدم بكلية الطب - التبرع بالدم ينقذ مريضا ولا ينقل أي فيروسات لأن كل الأدوات التي يتم استخدامها في أعمال التبرع جميعها معقمة بصورة سليمة ولا يوجد أي خطر علي المتبرع بالاضافة إلي أن العديد من المواطنين لا يعلمون أن المتبرع يجدد دمه لأن كرات الدم الحمراء تتغير في جسم الانسان كل ثلاثة أشهر والتبرع يساعد علي زيادة نشاط النخاع ويفرز كرات دم جديدة وبصورة أسرع ويحسن وظائف الجسم الحيوية. حادث الكنيسة * طارق خليفة - مدير عام المستشفي الأميري الجامعي التابع لجامعة الإسكندرية - بصورة عامة المستشفي لديه ما يغطي احتياجه من دم من خلال تبرع أهالي المرضي قبل إجراء أي جراحة والقسم الوحيد الذي يصرف له الدم بدون متبرع هو قسم الطوارئ ولعل ذلك وضح بصورة جلية في حادث الكنيسة المرقسية حيث لم نعان من مشكلة نقص الدم بالمستشفي وهذا لا يمنع أننا في حاجة باستمرار للتبرع بالدم لانقاذ حالة فنحن لا نستطيع أن نسحب أكثر من نصف لتر من أي متبرع. * أحد الأطباء داخل عربة التبرع بالدم الموجودة بميادين وسط الإسكندرية "رفض ذكر اسمه" أكد انه يعاني من قلة المتبرعين سواء بالمناطق الشعبية أو علي الشواطئ بالرغم من إجراء الكشف المجاني علي المتبرعين والاطمئنان علي صحتهم قبل الإقدام علي عملية التبرع ليصبح عملنا اليومي ووجودنا بالشارع بدون جدوي مهما حاولنا التحدث مع المواطنين واقناعهم بالتبرع وأهميته.