كان الله في عون ساكني حلوان وضواحيها. فمخاطر التلوث تكاد تطبق علي أعناقهم وتزهق أرواحهم بلا رحمة.. وتجعل حياتهم معاناة محفوفة بالمرض والموت.. أرقام التلوث صادمة ومضاعفاتها كارثية.. وأجراس الإنذار لا تكاد تتوقف تارة من مراكز الأبحاث وتارة أخري من نواب البرلمان.. وكلها تطلق صيحات التحذير من أضرار صحية محققة وخسائر اقتصادية قدرها البعض بنحو 13 مليار دولار. في الأسبوع الماضي أطلق النائب رضا البلتاجي صرخة برلمانية في غيبة وزير البيئة لظروف سفره. في اجتماع لجنة الطاقة التي تلقت عددا من طلبات الاحاطة حول التلوث البيئي. صرخة البلتاجي سببها إقدام شركات الاسمنت في حلوان علي استخدام الفحم والنفايات كوقود بديل للغاز والطاقة النظيفة دون عمل دراسة تقييم بيئي. استباقا لصدور تعديلات عقابية لهذا الاستخدام ضمن قانون البيئة. البلتاجي اتهم مصانع الاسمنت بعدم الالتزام بتطبيق القانون أو تقييم الأثر البيئي أو حتي الاستماع لشكاوي وأنين المواطنين بهذه المناطق. محذرا من انتشار الإصابة بالمرض اللعين بين أهالي حلوان المعصرة. فضلا علي استنزاف ميزانية الدولة والفرد في علاج لا جدوي منه. صرخة البلتاجي ليست الأولي تحت قبة البرلمان. بل سبقتها اتهامات قذف بها النائب مصطفي بكري وزميله علي فتح الباب في وجه حكومة نظيف عام 2006. مؤكدين أنها وراء قتل وإصابة الآلاف من سكان حلوان والتبين ومايو بالأمراض الصدرية والكلي والكبد. بسبب التلوث الكبير الذي تبثه مصانع الحديد والاسمنت ومداخن 500 مصنع تضخ في الهواء مادة الرصاص المسببة للقصور الشديد في الأداء العقلي. خصوصا بين الاطفال. مستندين إلي ما توصلت إليه تقارير منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي- وقتها - من وجود نحو 400 طن أسمنت متطاير في الهواء الملوث بحلوان. وأكثر من 1200 من تراب الباي باص القاتل.. الأخطر ما حذرت منه دراسة المركز القومي للبحوث التي أعدتها الباحثة د. أسماء المكاوي عن مادة "البنزو" المسرطنة التي بلغت 70 ضعف المعدل المسموح به عالميا في حلوان. كما ان متوسط تركيز الجسيمات العالقة في الهواء علي مدي 24 ساعة سجل رقما أعلي بثلاثة أضعاف الحد المسموح عالميا. خطورة الأتربة العالقة بحلوان وضواحيها تتمثل في ارتفاع معامل عكارة الهواء بمعدلات كبيرة تصل إلي أكثر من ثلاثة أضعاف كميته قبل التصنيع بالمناطق السكنية النظيفة بحسب دراسة أعدها لواء أ.ح.د.جمال الدين حواش-. وهو الأمر الذي خفض معدلات الاشعاعات الشمسية بالمنطقة بمعدل 30 إلي 50%. معظم هذا الفاقد في الأشعة البنفسجية التي تمد الانسان بما يحتاجه من فيتامين "د" الطبيعي. أما الأتربة المتساقطة فتحتوي علي 42% من المواد العضوية المسببة للسرطان و20% من مادة السيلكا الحرة التي تنتشر في المخلفات الملوثة للهواء وتسبب عند استنشاقها تلفيات في رئة الإنسان وتحتوي الأتربة المتساقطة علي 16:7% من الأتربة القابلة للذوبان في الماء والتي تمتصها أجسام الحيوان والنبات والانسان بسهولة فتحدث بها اصابة مختلفة.. والسؤال كم مرة زار وزير البيئة مناطق حلوان والتبين وحدائق حلوان والمعصرة مصطحبا أجهزة الرصد البيئي للوقوف علي حقيقة الوضع ودرجات التلوث في تلك المناطق. ومدي التزام المصانع بالاشتراطات البيئية؟.. ومتي يشكل البرلمان لجنة تقصي حقائق للغرض نفسه؟.. وهل يسمع وزير البيئة عن ترعة السيل وخطورتها البالغة علي الصحة العامة بحدائق حلوان؟!!