من هو البطل الملحمي؟؟ إنه كل هؤلاء!!

رنات

هو شخصية تسمو فوق المستوي العادي للبشر.. رجل يتصف بما هو من سمات الأبطال الأسطوريين.. يىنجز بجسارة وإقدام بالغين الوقائع الخارقة. ويخوض غمار البطولات الحربية محققا مآثر خارقة تدخل في صميم الصراع الوطني والقومي دفاعا عن حق مغتصب وفي سبيل أن تحيا الأمة التي ينتمي إليها بحرية وكرامة..
والسؤال أعلاه وليد خاطر راودني وأنا أتابع اللقاءات التي بثها التليفزيون مع عدد من الشخصيات العسكرية التي شاركت في حرب 1973 وحروب الاستنزاف وحرب 1967 وذلك بمناسبة عيد تحرير سيناء..
ومصر لديها بالتأكيد من نموذج البطل الملحمي الآلاف. ومنهم رجال أفذاذ بكل المقاييس. هىم "رِجالة ورِجالة قوي" كما قال اللواء طيار أحمد كامل المنصوري الذي وصفته اسرائيل بأنه "الطيار المصري المجنون" جنون الاستبسال والقتال حتي النفس الأخير وبكل الاساليب للاجهاز علي العدو..
هذا الطيار وأنت تسمعه في اللقاءات الكثيرة التي شاهدت بعضها. تشعر بأنك أمام تجسيد حي وحقيقي لنموذج البطل الملحمي المقاتل الذي لا يهاب العدو حتي وإن كان الأخير يتفوق عليه بمعداته وتجهيزاته العسكرية انه مزيج من البطل الأسطوري. والشاعر العاشق لطائرته "حىبه الأبدي" و "خوذته" التي يكتب عليها إسمه والتي رافقته في معاركه في سماوات الوطن. إنه المؤمن بشفافية نادرة إذ تتسلل عبر أحاديثه آيات من القرآن في سياق دقيق ومناسب جدا. انه أيضا الرياضي الذي يمتلك لياقة فائقة وروح رحبة رحابة السماء المفتوحة التي يبحر فيها مصارعا منتصرا ورغم ذلك فهو ليس سوي واحد من أبطال ملحمة 1973 التاريخية في الصراع مع العدو.. لقد تابعنا في الأيام الأخيرة اثناء الاحتفالات وأيضا خلال المؤتمر الرابع الذي عقده الرئيس السيسي مع الشباب نماذج فذة للبطولات الجماعية والرئيس نفسه نموذج يقُتدي لأبطال الملاحم النبلاء. أبطال من نوع حديث يواجهون حروب عصابات وميليشيات ارهابية تدعمها دول استعمارية جبناء لا يعرفون في قتالهم شرف المواجهة الصريحة وإنما الخسة ووحشية الضباع.
في أفلام الملاحم العسكرية الضخمة التي أرخت بها هوليود لحروب أمريكا الاستعمارية أتحدي أن تجد نموذجا مثل ذلك "الشهيد الحي" اللواء عبدالجواد محمد مسعد سويلم السماعيني. الذي فقد قدميه وإحدي ذراعيه وعينه اليمني علي إثر صاروخ اسرائيلي ثم استمر يقاتل بنصفه الباقي وينتصر ويدمر 11 مدرعة اسرائيلية ويقتل 22 جنديا اسرائيليا وذلك أثناء حرب الاستنزاف. ولم تتوقف حياته بل تزوج وأنجب ثمانية من الابناء ولديه الآن 17 حفيدا.
انه بكل المعايير بطل أسطوري فذ وما أكثر الاساطير الحية التي أنجبتها مصر فحولت ما هو خيال إلي واقع فعلي وإلي إبداع عسكري يتم تدريسه في المعاهد العسكرية.
السينما المصرية الروائية أرخت لمسيرة "الراقصات" منذ أول فيلم وأول سينمائي مصري "محمد بيومي" ولم تترك راقصة واحدة من مصر من أصول عربية أو غير عربية دون الاحتفاء بها وبإسناد دور ونمرة راقصة في القصة العاطفية التقليدية المتكررة والرتيبة وعندما احتفت بانتصار "أكتوبر" أضافت للقصة التافهة نفسها بضعة مشاهد عن الحرب وحتي عندما قررت أن تبعث "معركة الكرامة" وجدنا أشباه ضباط يدخنون بشراهة ونساء بأصباغ زاعقة ملونة تغطي وجوههن ودموع تماسيح ورموش صناعية لزوم "الفراق".
لن تجد نماذج مثل اللواء سمير عزيز أفضل من قاد الطائرة الميج أو اللواء باقي يوسف مخترع مدافع المياه. ولا إبراهيم شكيب صاحب فكرة اجهاض أنابيب النابالم أو ابراهيم الرفاعي اسطورة الصاعقة المصرية.
علي أي حال هناك حاليا من يقوم بالتخفيف من هذا القصور من صناع السينما التسجيلية فإذا كنت للآن لم تتعرف علي "المجموعة 73 مؤرخون" فأرجوك أن تدخل علي موقعهم علي الإنترنت لكي تتعرف علي نشاطها..انهم مجموعة من الرجال والشباب المتحمسين لتاريخ الوطن والتأريخ للبطولات المصرية في حروبها ومحاربة عمليات تشويه البطولات المصرية وقد جمعتهم الظروف والمقادير تحت مظلة ابيهم الروحي اللواء طيار محمد عكاشة مؤسس الموقع ومنسق المجموعة أحمد عبدالمنعم زايد وأحد من أبناء ابطال القوات المسلحة وقد تأسست عام 2008 وحتي مايو 2016 قاموا بالتسجيل مع 225 بطلاً ممن شاركوا في حروب مصر وتم عرض جانبا من بطولاتهم علي الإنترنت إضافة لعمل 200 ندوة لأبطال القوات المسلحة داخل الجامعات والمعاهد والمكتبات العامة كما أنتجت عددا من الافلام الوثائقية عن تاريخ القوات المسلحة ومنها أفلام "أبابيل" الذي أرخ لبطولات القوات الجوية. وفيلم "اجنحة الغضب" و"الكتيبة 418" وتقوم حاليا بانتاج فيلم روائي 53 دقيقة تمثيل أحمد عز وذلك كله بالجهود الذاتية.
وقد أصدرت المجموعة أول كتاب لها بعنوان "من النكسة إلي النصر.. النسور الذهبية" الذي يسجل ما دار في الحروب المصرية من النكسة مرورا بحرب الاستنزاف وحتي نصر أكتوبر.. والكتاب يتناول سيرة بطولات أحد عشر طيارا من القوات الجوية معظمهم مازالوا أحياء وقد شاهدنا بعضهم في لقاءات عديدة في الأيام القليلة الماضية.
فلم تعد الشاشة داخل دار العرض هي النافذة الوحيدة لعرض البطولات التاريخية والاحداث القومية الكبري.. فالموقع "المجموعة 73 مؤرخون" يزوره ملايين ويشاهد الافلام الوثائقية الملايين أيضا.