مبادرة الأزهر الشريف بعقد مؤتمر الأزهر العالمي للسلام. جاءت في التوقيت الحاسم الذي يشهد فيه الإسلام والمسلمون هجمة شرسة في مختلف أنحاء العالم بسبب الأعمال الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام. والإسلام منها براء. والمؤتمر الذي ناقش علي مدار اليومين الماضيين. عدداً من المواضيع والقضايا المهمة. يؤكد من جديد دور الأزهر كواجهة مشرفة للإسلام والمسلمين. وكمنارة مشعة تسهم في تبديد ظلمات حملات التشويه والإساءة. حيث يحاول البعض دمغ الأزهر بما ليس فيه وتصويره علي أنه السبب في موجة التطرف والعنف التي تجتاح العالم في الوقت الحالي. ودعوة رموز الأديان المختلفة من شتي أنحاء العالم إلي المؤتمر توضح انفتاح الأزهر الشريف علي كل الأديان والحضارات. وتبين مدي القدرة علي التحاور مع أصحاب الديانات الأخري وعدم وجود خصومة ولا عداء بين الإسلام وغيره من الديانات علي مستوي العالم. ولعل الكلمات الافتتاحية التي أدلي بها ممثلو الأديان في اليوم الأول توضح مدي التقاء الديانات السماوية وعدم تنافرها. وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تشير إلي وحدة الإنسانية وأنه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوي. والآيات التي وردت في القرآن الكريم وتخاطب "الناس" دون تحديد لدياناتهم أكبر دليل علي احترام الآخرين وعدم المبادرة بالخصومة أو العداوة معهم. ومن هذه الآيات: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير". "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا". "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون". ما معني ذلك؟ معناه أن الإسلام ليس دين قتل ولا سفك دماء. وأنه بخلاف ما يدعيه أعداء الإسلام هو دين تعارف ودين سلام ومحبة وتعارف بين الشعوب وينهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. وإذا كانت هناك جماعات إرهابية تزعم أنها تتحرك باسم الإسلام وتبذر غرسها الشيطاني. فمن غير شك أن كل الديانات والمجتمعات يوجد بها المتطرفون والإرهابيون. ومن هنا فإن إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي فيه ظلم وافتئات. كما أن اتهام الأزهر بأنه وراء نشر الإرهاب والتطرف يحمل في طياته نوايا وأهدافاً خبيثة. لا هدف منها سوي هدم صرح إسلامي ينشر قيم الاعتدال والتسامح التي حثنا عليها الدين الإسلامي. لقد تسبب الإرهاب والإرهابيون في نشر ظاهرة الإسلاموفوبيا. ومصطلح "فوبيا" في علم النفس معناه "الخوف الموهوم" من شيء لا خوف منه. كأن تجد شخصاً يخاف من الملعقة مثلاً أو من أي شيء آخر لا يخيف. وهو نفسه الخوف الموهوم من الإسلام بعد أن ربطت الجماعات الإرهابية بين الإسلام وما تقوم به من أعمال دنيئة. ترفضها جميع الأديان وبعد أن قامت أجهزة الدعاية بتضخيم هذا الربط المزعوم بين الإرهاب والإسلام. وقد وصل هذا الخوف إلي درجة لم أكن أتخيلها. إذ قرأت تقريراً حديثاً علي موقع "أمريكا أونلاين" يقول إن الصين فرضت حظراً علي تسمية المواليد بأسماء إسلامية. مثل محمد وجهاد وغيرهما من الأسماء التي تحمل معاني إسلامية!! وقال التقرير: إن السلطات الصينية أصدرت قائمة تضم 30 اسماً ممنوعاً إطلاقها علي المواليد في مقاطعة شينجيانج التي تقطنها أغلبية مسلمة في غرب البلاد وبررت ذللك بمنع انتشار التطرف الإسلامي!! إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام في مختلف أرجاء العالم هي نتاج الغرس الشيطاني للجماعات الإرهابية ومن يؤيدونها ويمدونها بالمال والسلاح! ومن غير شك فإن جهود الأزهر الشريف تتركز جميعها علي اجتثاث هذا الغرس الشيطاني الذي يحاول الإرهابيون نثر بذوره الشريرة في كل مكان!