إذا أردت ان تبحث عن سبب نهوض أمة أو انكسارها فانظر إلي ثقافة أبنائها وإذا أردت ان تستشرف مستقبل هذه الامة فانظر إلي حجم ومستوي القراءة بين أطفالها. الواقع العربي يؤكد أننا أمة في خطر فالفعاليات التي تقدم للصغار علي امتداد البلدان العربية- أو معظمها - لا تعدو كونها مجرد برامج للترفيه والتسلية ينتهي أثرها سريعاً. لكن ان يرتبط الترفيه بالقراءة ليصبح الاثر ممتد المفعول فهذا لم أشاهده إلا في فعاليات محدودة منها- أو في مقدمتها- مهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي انطلقت دورته التاسعة يوم الاربعاء الماضي ويختتم فعالياته في التاسع والعشرين من ابريل الجاري وأصبح احتفالية أو بالأحري ظاهرة ثقافية عربية كبري تتكرر كل عام في نفس التاريخ وتحتاج إلي التأمل والمحاكاة في البلدان الاخري فالاهتمام بثقافة ووعي الاطفال هو في حقيقته استثمار في المستقبل. المهرجان يسعي وعبر طرق ووسائل مبتكرة إلي ترسيخ القراءة لدي كل الفئات العمرية انطلاقاً من رؤية ثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلي حاكم الشارقة ومتابعة كريمة من قرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الاعلي لشئون الاسرة بالشارقة. وفعاليات الدورة التاسعة التي انطلقت منذ أيام تحت شعار "اكتشف عن قرب" بمركز اكسبو الشارقة تؤكد ما ذكرناه مراراً بأن القائمين علي المهرجان لا يضعون سقفاً لطموحاتهم ومفاجآتهم ففي كل مرة يدهشونك بالمزيد من التألق والتوهج. من أبرز الفعاليات- أو المفاجآت- التي شهدت إقبالاً مميزاً من الكبار قبل الصغار معرض "رحلة عبر الدماغ" الذي يمثل تجربة فريدة هي الاولي من نوعها في الامارات والدول العربية الاخري ويقام بالتعاون مع المتحف الامريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك بهدف اكتشاف اسرار الدماغ البشري. يقول الصديق أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب ان إمارة الشارقة نجحت في ترسيخ القراءة عند جميع الفئات العمرية من خلال العديد من المبادرات والفعاليات. وفي مقدمتها مهرجان الشارقة القرائي للطفل. الذي يشهد نمواً وإقبالاً متزايداً من عام إلي آخر. بعد ان تحول إلي حدث سنوي متكامل يجمع أفراد العائلة علي حب القراءة والاستمتاع بالفعاليات المعرفية والترفيهية. وهذا شي شاهدناه بأعيننا فمن المألوف والذي رصدته أنا وغيري من الاعلاميين من مختلف بلدان العالم ان تجد أسراً بأكملها تجمعت في ردهات مركز اكسبو الشارقة لمتابعة الفعاليات مثلما تجد حشوداً من طلاب المدارس يملأون قاعات العرض. فالثقافة والترفيه صنوان لا ينفصلان ولا تشعر بالملل وأنت تأتي للمهرجان مرة واثنتين وعشراً. النجاح ليس في زخم الفعاليات وتميزها فقط وإنما ايضاً في التنظيم الرائع الذي يميز كل مهرجانات ومعارض الشارقة والوجوه المشرقة التي تلقاك في حلك وترحالك بابتسامة لا تتأثر بالجهد الكبير الذي يبذلونه أو الاعباء أو الضغوط التي يتحملونها حتي يحققوا النجاح بتلك الصورة المبهرة. تحية واجبة إلي الراعي الاول لكل نجاح تحققه الشارقة سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي المبدع والمثقف الذي حول الامارة إلي ملتقي ثقافي مفتوح.. وتحية لفريق العمل الكبير الذي يقف خلف هذا النجاح وعلي رأسه أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب الذي يبذل جهوداً جبارة حتي تخرج لنا الفعاليات بتلك الصورة البديعة. كل عام والشارقة حاكماً وحكومة وشعباً بخير. وإلي مزيد من التألق والنجاح.