لأول مرة يأتي افتتاح موسم المسرح الكبير بدار الأوبرا من خلال فصول الباليه في مركز تنمية المواهب والذي أري أنه حفظ ماء وجه المسئولين عن البرنامج في هذه الدار والذين فشلوا في تقديم برامج افتتاح جيدة تليق بهذا الصرح الحضاري الهام. حفلات فصول الباليه لها أهمية خاصة حيث أنها ليست مجرد تشجيع للمواهب التي تدرس في هذا المكان كهواة وصل عددهم حتي الآن أكثر من 500 طالب بل تكون فرصة للمدرسين لإظهار مواهبهم في مجال التصميم والإخراج والتي للأسف لا يحصلون عليها في الفرقة القومية المحترفة حيث تنحصر بين د. عبدالمنعم كامل رئيس الأوبرا وزوجته أرمينيا فقط!! فصول الباليه في مركز تنمية المواهب يقوم بالتدريس فيها ثلاثة من كبار الأكاديمية هم د. منال زكريا والتي قدمت حفلتها في يونيو الماضي.. ود. سامح صابر والذي سوف يقدم حفلاته غداً ولهذا نلتقي بتفاصيلها علي هذه الصفحة الأسبوع القادم ود. لمياء زايد والتي قدمت حفلها مساء الأثنين الماضي والذي نحن بصدده وقد أحياه حوالي 150 طالبة شاهدناهم جميعاً علي المسرح وكان معهم 3 من الراقصين الشباب الذين تم الاستعانة بهم لأن هذه الفصول لا يقبل عليها إلا الفتيات فقط.. الدارسون في هذا القسم أصبحوا الآن صبايا حتي أنهم التحقوا بالمركز منذ كانوا أطفالاً واستمروا فأصبح مستواهم في الرقص يقترب من طلبة المرحلة الثانوية في المعهد الأكاديمي. توظيف جيد د.لمياء استطاعت هنا أن توظف كل طلبتها في جميع المراحل فوجدنا علي المسرح كل الأعمار وهذا تقريباً ما يفعله كل المدرسين في هذه الحفلات والذي يتحمل أهالي الراقصين الجزء الأكبر في تكاليفها المادية.. ولا يكتفون بذلك بل يشترون كماً كبيراً من التذاكر لتصبح هذه الحفلات من أكثر الحفلات احتشاداً بالجماهير التي جاءت لمشاهدة أولادها علي المسرح. شهر زاد برنامج الحفل انقسم إلي فاصلين الأول باليه درامي متكامل مدته حوالي ساعة و10 دقائق بعنوان"ليالي شهر زاد" أما الفاصل الثاني جاء تحت عنوان "باليه حديث". وباليه شهر زاد من الأعمال المعروفة عالمياً وسبق تناولها علي خلفية قصة شهرزاد وشهريار من "ألف ليلة وليلة" والذي خلدها الموسيقار الروسي "كراساكوف" في متتاليته الشهيرة والتي استعانت لمياء بالكثير من أجزائها في هذا العمل بالإضافة لمنوعات موسيقية أخري. العمل تكون من 11 مشهدا تنوع بين الرقصات الفردية والثنائية والثلاثية والجماعية والأخيرة كانت أبدع التصميمات من حيث التشكيلات وأيضاً الحركة المسرحية البديعة في الدخول والخروج والحركات الدائرية إنه جهد كبير في التدريب وأيضاً هذه المجاميع من أكثر المقاطع التي بها فكر تصميمي وإخراج مسرحي جيد ومتميز ورغم أن د. لمياء لم تستطع أن تخرج من عباءة التصميمات العالية الشهيرة التي تناولت هذا الموضوع مثل تصميم "ميخائيل نوكين" من حيث الحركة وأيضاً تصميم الملابس التي انفردت بها إلا أن بصمتها الشخصية وموهبتها اتضحت في الرؤية الشاملة للمسرح حيث نجحت في إعطاء ثراء حركي وبصري من خلال الرقصات التي قدمتها داخل السياق الدرامي والتي جاءت قصيرة لا تبعث علي الملل ولم تنس أبطالها الثلاثة شهر زاد وشهريار ومسرور السياف فكانت تجد لهم دوراً وسط هذه الرقصات الكثيرة مما جعلت الخط الدرامي واضحاً وأمسكت به جيداً.. الثراء تجلي أيضاً في تنوع الرقصات والتي لم يكن هناك ملابس تواكب هذا التنوع الذي تعرف عليه المتفرج من الموسيقي فكانت هناك رقصة تركي استعانت فيها بالغناء التركي التقليدي ورقصة أندلسية وأخري هندية ومن ابدع هذه الرقصات رقصة "أطفال القصر" حيث وظفت فيها صغار السن وأداها حوالي 30 طفلة وجاء التصميم بأسلوب مبتكر حديث مع المعالجة الكلاسيكية في الحركات التفصيلية حيث جعلتهم يتحركون وفقاً لإشارات من شهر زاد وكأنها فنانة ترسمهم بريشة في خطوط متنوعة جاء ذلك بجمال وتقنية ساعدها فيها الإضاءة والأزياء. نجوم الحفل العمل برز فيه ياسين رياض التي قامت بدور شهر زاد وكثيراً منهم نذكر علي سبيل المثال دارين هاني ومريم عصام وندي وائل وفريدة شريف وفرح محمد وأطفال جاسمين أحمد ولوجين أحمد وزينة باسم وتقي وليد ورنا عمرو وغيرهم ولولا ضيق المساحة لذكرناهم جميعاً. من الملاحظات الإيجابية في العرض الدقة في أداء الحركات الكلاسيكية واستخدام كم كبير منها مما يجعل هؤلاء الهواة يقتربون من المحترفين.. وقد برز في هذا العمل ضيوف الفرقة محمود عاطف الذي قام بدور شهر يار ومحمد أبوسريع الذي أدي دور مسرور السياف. أما الفاصل الثاني فجاء تحت عنوان "باليه حديث" وكان عبارة عن رقصات مصاحبة لأغاني البوب الشهيرة وهذا الفاصل اقتصر علي الكبار وأداه حوالي 12 طالبة شارك فيه محمد أبوسريع ومحمد فضل ضيوف الحفل والذي لهم دور بارز فيه وهذا الفاصل لا أجد له مبرراً وكنت أتوقع من مصممه أكاديمية مثل د. لمياء أن تقدم لنا فقرات من الباليهات الحديثة الشهيرة لمصممين عالميين أو يكون هناك تصميم يحمل فكراً معاصراً وليس مجرد تابوهات خلفية للأغاني. أخيراً الحفل بشكل عام يحسب للمركز الذي يشرف عليه الفنان عبدالوهاب السيد وللباليرينا د. لمياء زايد التي نتمني أن تسخر موهبتها لباليهات قائمة علي موسيقي مصرية عالمية تؤلف خصيصاً للباليه بدلاً من المختارات العالمية وتقدم موضوعات محلية تعبر عن هويتنا وربما يفعل هذا المركز ما عجزت عنه الفرقة المحترفة.