الموسم الجديد لدار الأوبرا والذي يتم الاعلان عنه يؤكد انه حين يتفرغ المسئولون للصراعات الشخصية والتخلص من الكفاءات ومحاربتها تكون النتيجة موسماً يفتقر الي حد ما للثراء الفني المتوقع من هذا الصرح الذي مضي علي افتتاحه 23 سنة!! الموسم لم يبدأ حتي الآن رغم انه من المفترض ان يتم الافتتاح في أول سبتمبر خاصة ان هذا العام ليس هناك مسرح تجريبي كان يلتهم عشرة ايام من الشهر حيث كان يقام من 1 : 10 سبتمبر كل عام علي مسارح هذه الدار كما إنه من المفترض في افتتاحيات المواسم تكون البداية مع اعمال لها قيمة فنية وايضا عنصر جذب جماهيري وتتضمن دلالة علي ما سوف يشاهده الجمهور خلال الموسم.. وهذا لم يحدث فقد تم الاعلان عن البداية بحفل لعمر خيرت يوم السبت القادم ثم تم إلغاؤه أو تأجيله وعامة ما يقدمه عمر خيرت موسيقي خفيفة لا تدخل ضمن النشاط الرئيسي لدار الأوبرا هذا وفق المفاهيم العالمية لدور الأوبرا في العالم ثم تم الاعلان عن انه سوف يقدم أوبرا "الحفل التنكري" وهي من ريبرتوار فرقتنا ولكن سبق تقديمها في مايو الماضي والغريب انها تستمر 8 أيام علي المسرح دون النظر للتسويق والسؤال هل هناك جمهور لكل هذه الأيام واذا كان معظم الجمهور شاهدها اي لم تمح من ذاكرته هل سوف يعود لها مرة أخري.. إذن تقديمها نوع من الاستسهال حيث ان ديكورها مازال متوفرا والمغنيون مازالوا يحفظون الأدوار. أما باقي ايام الشهر فليس بها حفلة تحمل في طياتها تجديداً وإنما كلها سد خانة. بشكل عام فرقة أوبرا القاهرة تدور في فلك رصيدها الفني ولا تقدم جديداً نظراً لعدم توافر الميزانية التي يجب ان تتوفر لهذه الفرقة !! وبالنسبة لفرقة الباليه يبدأ موسمها بباليه "الاهرامات والثورة" والذي ايضا كان في ختام الموسم الماضي ولم ينسه الجمهور.. أما الباليه المحلي في اطار عالمي والذي يعبر عن هويتنا فليس له وجود علي الخريطة رغم اننا نطالب به منذ إنشاء هذه الدار وهذا يعود الي ان الفرقة انغلقت علي اشخاص بعينها في مجال التصميم ولا تعطي فرصة للمصممين المصريين الموهوبين لتقديم افكارهم. ومن الفرق المحلية التي انعكست عليها الصراعات أوركسترا القاهرة السيمفوني الذي حاولت د.إيناس عبدالدايم مديرة الفرقة ان تحجز اماكن لعرضه علي الخريطة الا انه الي الآن لا تتضح رؤية واضحة خاصة انه لم يتم تعيين قائد اساسي ويقف عبدالمنعم كامل حجر عثرة ضد تولي المايسترو المصري أحمد الصعيدي لهذا المنصب ويسعي لتوليه لأحد القادة الأجانب وذلك ضمن مسلسل محاربة الكفاءات الذي ظهر جلياً عقب الثورة وفي رعاية وزير الثقافة الحالي الذي يفتقر هو الآخر لأي رؤية ثقافية لهذا المنبر الثقافي الهام. انفراد بالفرق الأجنبية أما الفرق الأجنبية والتي تم التعاقد معها وننفرد هنا بذكرها فعددها 7 فرق فقط معظمها فرق بسيطة لا تستحق ان تقام حفلاتها علي المسرح الكبير كما أننا سبق ان شاهدناها فهي فرقة "فلامنكو دي مدريد" والتي تقدم عروضها في شهر ديسمبر وأوركسترا صوت فيينا الذي يصاحب باليه أوبرا القاهرة في أول عروضه بشهر نوفمبر وعرض 12 عازف بيانو والذي يقام بالتعاون مع المانيا وتشارك فيه عازفة البيانو دينا الليثي وتقام عروضه في ابريل .. وفي إطار العروض الأمريكية تقدم فرقة "مومكس" عرضها في أكتوبر ونوفمبر وهي فرقة سبق ان شاهدناها منذ عامين وكان من المفترض ان نراها الموسم الماضي وبعد ان تم الدعاية والإعلان عنها اعتذرت عن الحضور وربما حضورها هذا العام تعويضاً عن رحلتها الماضية. عروض هامة ولكن وسط هذا الزخم من العروض التي لا تمثل قيمة فنية كبري نجد الأوبرا حفظت ماء وجهها بالتعاقد مع فرقتين هامتين الأولي فرقة بولشوي بيلاروسيا والتي سبق ان شاهدناها وتقدم إلي حد ما عروضاً كلاسيكية متميزة وممتعة وجاذبة للجمهور وهذا العام سوف تأتي في شهر مارس القادم وتقدم باليه "الجمال النائم". أما الفرقة الأخري والتي يحسب للأوبرا دعوتها وتأتي بالتعاون مع الجانب الفرنسي فهي فرقة الرقص الفرنسي الحديث وهي من الفرق المشهورة علي المستوي العالمي وتأسست عام 1982 علي يد انجليلين بريل جوكاز Angelin prel Jocaj وتضم أكثر من 26 راقصاً دائماً ورصيدها الفني يحتوي علي أكثر من 100 عرض منها 45 عرضاً لمؤسسها الذي نشاهد هنا من تصميمه باليه "سنوهوايت" المأخوذ من قصة الأطفال الشهيرة وهو من إنتاج 2008 ويحمل رؤية فنية مبتكرة ويعد من المكاسب التي يشاهدها الجمهور المصري. ويبدو كما ان مصر لديها فرقة رقص حديثة جيدة وتعد من أهم انجازات الأوبرا خاصة نجاحها في تقديم عمل جديد كل عام فأيضاً اختيار العروض الحديثة في هذا المجال تأتي جيدة وأخيراً الموسم بهذا الشكل كما سبق ان ذكرت لا يمثل ثراء فنياً وبالمقارنة بمواسم أخري يعد ضعيفاً نسبياً وبمقارنته بدور الأوبرا في العالم لا نجد المجال للأسف مجالاً للمقارنة ومازال الحلم قائماً بتقديم موسم قوي من خلال فرق محلية تعبر عن هويتنا في إطار عالمي واستضافة فرق عالمية تمثل إضافة للساحة الفنية المصرية وللجمهور وللفنانين علي حد سواء.