ظن انها قد فُرجت وانه آن الاوان ليودع حياة التشتت والترحال وهو ما حدثني به في عبارات مفعمة بالامل في نوفمبر الماضي وسطرته تحت عنوان "يا فرج الله" لكن لم يمض وقت كبير حتي تبدلت أحوال العم رأفت حسن عسكر وشهرته "أبوالعربي" ليجد نفسه يعود من جديد الي نقطة الصفر. حدثني مجددا عبر الهاتف قائلا: بعد ان اكرمني الله بوظيفة بمرتب مجز باحدي شركات التنمية العمرانية بمدينة برج العرب الجديدة بالاسكندرية وبدأت في تحقيق العيش الكريم لزوجتي وولدنا الصغير و.. وبعد ان أخذت أم ولدي في التعافي من المرض المزمن الذي تعاني منه الصرع -ذلك الذي تشتد نوباته عليها كلما تأزمت احوالنا - حتي تبدد كل شيء فقد اختلف صاحب الشركة التي اعمل بها مع المدير المختص ليتم تسريح كثير من العمال وكنت واحدا من بينهم! تطورات مفاجئة جعلتني أشعر كمن يهبط من سابع سماء إلي سابع أرض مما دفعني الي مغادرة الاسكندرية نهائيا والعودة وأسرتي الي بورسعيد والاقامة مع ولديّ الشابين في شقتهما الصغيرة. يواصل: عدت إلي بورسعيد لأجدهما يعيشان في ظروف صعبة فالشقة التي يقيمان بها مهددان بالطرد منها لتأخرهما في سداد الاقساط المستحقة عنها والتي بسببها تم تحويل ملفها الي الشئون القانونية بالمحافظة فضلاً عن فواتير المياه والكهرباء والغاز في الوقت الذي لا يزال إبني صاحب المؤهل العالي عاطلاً أما أخيه - صاحب المؤهل فوق المتوسط - فيكابد مشقة العمل كتباع علي سيارة نقل لينفق علي نفسه وشقيقه!! سيدتي انني منذ قدومي لبورسعيد ابحث عن عمل وصاحب المخبز الذي كنت اعمل لديه سابقا ليس مستعدا لتشغيلي الآن فهو بصدد تدوير المخبز لشراء ماكينات جديدة لانتاج العيش "الطباقي".. أحوال جعلتني اشعر بالاسي وانا موثوق اليدين عاجز عن اقناع ابني العاطل عن ضرورة الخروج للعمل . فأي وظيفة احصل علي وعد بقبوله فيها يرفضها لانها بعيدة عن مؤهله العالي!! فأخبريني كيف اخرجه من دائرة اليأس والاحباط واعرفه قيمة العمل والحياة؟! ثم كيف اساعده وشقيقه في الحفاظ علي الشقة التي لا مأوي لنا جميعا سواها؟ وكما تعلمين انني علي مشارف الستين من عمري الآن ومع ذلك لن اتردد لحظة ان جاءتني فرصة عمل حتي انهض بمسئولياتي تجاه زوجتي وابني الصغير علي الاقل؟ المحررة : في البداية ألفت نظر اصدقاء النافذة ان هذه المحادثة دارت بيني وبين "أبوالعربي" منذ أسابيع قليلة ما دعاني الي الاتصال في وقتها بفاعل خير من قراء الباب والذي ما ان اطلعته علي ظروفه وما وصل اليه حاله بعد استغناء الشركة عنه حتي رصد له مبلغا من المال ليغطي به اقساط الشقة المتأخرة علي ولديه وغيرها من فواتير المياه والكهرباء والغاز. هكذا استطعت بفضل الله ثم بتجاوب المتبرع الكريم رفع الحرج عن الرجل قليلا امام ولديه وهو الذي لايزال ينزل وزوجته وولديهما ضيوفا عليهما لكن تبقي الاشكالية الثانية التي ينتظر مني الاب المهموم مساعدته فيها وهي كيفية اقناع ابنه العاطل بالخروج إلي العمل.. اقول له: في الحقيقة لا استطيع اخفاء دهشتي في ان يستحل ابنك صاحب المؤهل العالي العيش علي حساب أخيه الذي لم يتردد في القبول بوظيفة لا ترقي لمؤهله الدراسي لكنها تبقي خطوة علي الطريق لا شك انها ستفتح أمامه -وبإذن الله - آفاقا أخري للكسب والعمل مصداقاً لقوله تعالي: "من عمل صالحاً من ذكر وانثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". فلا تتوقف عن نصحك له وافهامه بأن جزء من رسالته في الحياة بل وكرامته يكمن في ان يكون له عمل شريف أو كما قال الخليقة العادل عمر بن الخطاب: "لا يقعدن احدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم ان السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة". وأخيرا علي من يستطيع مساندة هذا الاب في الخروج من أزمته والحصول علي مزيد من البيانات الاتصال بنا.