ألقي معتصم راشد المستشار الاقتصادي للاتحاد العام للمستثمرين بالمسئولية عن جنون الأسعار الحالي لكل السلع علي الحكومة التي تركت السوق "سداح مداح" وأهملت تشجيع الاستثمار الحقيقي في انحياز واضح للمستوردين علي حساب المنتجين ورجال الصناعة ما يضرب الصناعة المصرية في مقتل. قال في حواره ل "المساء الأسبوعي" ان قانون الاستثمار الجديد مازال في علم الغيب وان مجتمع الأعمال لم يشارك في اعداد المسودة النهائية له وانه مليء بالعديد من السلبيات التي تنسفه من الأساس مثل إلغاء المناطق الحرة الخاصة التي ليست هي السبب في التهريب الذي يستنزف اقتصادنا. اضاف: المشكلة الاساسية لدينا هي الفجوة الهائلة بين الصادرات والواردات رغم قرار الحكومة برفع مواصفات السلع المستوردة وهي الحسنة الوحيدة للحكومة الحالية وانه لا يوجد لدينا حتي الآن آلية حقيقية لحماية المستهلك. أوضح ان نظام الشباك الواحد تحول إلي حكاية من حكايات "ألف ليلة وليلة" وان الاستيراد العشوائي بدون ضوابط وراء تراجع مستوي المنتج الوطني وان الرقابة الادارية لا تتواني عن حل المشاكل التي تسند إليها وإعادة الحقوق لأصحابها. قال ان الاتحاد يطالب بتطبيق نظام الضريبة التصاعدية لأنها السبيل لتحقيق العدالة الاجتماعية فليس معقولا ان يصل حجم التهرب الضريبي سنويا إلي 400 مليار جنيه سنويا ونجري وراء المنح والقروض الخارجية رافضا احياء اتفاقية اتفاقية "ورور" مع الجانب التركي الذي يحصل منها علي كل المزايا بينما الجانب المصري يحصل علي الفتات. * ما هي الأسباب وراء عدم اصدار القانون الجديد للاستثمار رغم الانتهاء من اعداده؟ ** الحمد لله انه لم يصدر حتي الآن لأن آخر مسودة اطلعنا عليها مليئة بالعيوب والتناقضات التي تنسفه من الاساس فالحكومة اهتمت فقط بالاعلان عن اقترابها من اصدار القانون ولم تهتم بمحتواه وبنوده وهو نفس الخطأ الذي ارتكبته في عام5 201 فقد التزمت الحكومة قبل انعقاد القمة الاقتصادية في شرم الشيخ باصدار قانون جديد للاستثمار وفعلا التزمت بذلك لكن جاء القانون معيبا وبه العديد من السلبيات والمعوقات فتعالت الاصوات بتعديله للتخلص من الاخطاء العديدة الموجودة به ونحن الآن نعاني من مشكلة مشابهة فالمسودات التي أعدت للقانون لم يشارك مجتمع الأعمال في صياغتها وخاصة بعد المسودة الثالثة حيث تم استبعادنا تماما من أي مناقشات حوله واكتفت الحكومة بمناقشة المسئولين الكبار له ثم تحويله إلي مجلس الدولة الذي رصد 23 ملاحظة حول المسودة التي أرسلت إليه وأوصي بإعادة المشروع للحكومة لاعداده من جديد لأن به العديد من المواد التي يشوبها عدم الدستورية وهذه الملاحظات من الناحية الشكلية والصياغة القانونية فما بالنا بالملاحظات الموضوعية التي تنسف القانون من أساسه ورغم ذلك تم احالة المشروع إلي مجلس النواب ومازال حتي الآن لديهم ولا نعلم متي يصدر ولم يأخذ رأينا فيه من جانب المجلس رغم اننا ارسلنا إلي مجلس النواب خطابا رسميا نطالبه بعقد جلسات استماع حول القانون قبل اقراره لأنه لا يوجد مستثمر واحد اطلع علي المسودة النهائية التي ارسلتها الحكومة إلي المجلس ولم نتلق رد المجلس حتي الآن رغم اننا أرسلنا الخطاب منذ أول فبراير الحالي وكذلك أرسلنا إلي الحكومة ملاحظاتنا علي المسودة النهائية للمشروع ومطالبتنا بحضور النقاش حوله فرفضت وأعلنت انه ستراعي هذه الملاحظات عند اعداد المسودة النهائية ولا نعلم ما إذا كان تم ذلك أم لا؟ دراسة كاملة * وما هي تحديدا السلبيات الموجودة في مسودة القانون من وجهة نظر الاتحاد؟ ** أعد الاتحاد دراسة متكاملة حول آخر مسودة للقانون اطلعنا عليها وهي المسودة الثالثة وتتكون الدراسة من 54 ورقة تناقش كل مواد القانون الذي يأتي في مقدمة سلبياته تجاهل النظم الاستثمارية المعروفة في العالم والتي ليست محل اجتهاد فمثلا ألغي القانون في آخر مسودة نظام المناطق الحرة سواء العامة التي تقيمها الدولة باشتراطات معينة وكذلك إلغاء نظام المناطق الحرة الخاصة التي يقيمها المستثمر بنفس الاشتراطات التي تضعها الدولة من تحديد مكان محاط بأسوار عالية لمنع التهريب وفي كلتا الحالتين لا يخضع للقوانين المصرية ولكن هناك ضوابط تحكم العمل في هذه المناطق وليست الحرية مطلقة في ادارتها كذلك تضمن مشروع القانون العديد من العراقيل أمام الاستثمار الوطني وأيضا لم يتضمن القانون أي مواد خاصة بالتصفية أو الافلاس أو حتي الاحالة إلي ما جاء في القوانين الأخري عن ذلك ولم يرد في القانون ما يفيد حد أقصي لمدة الموافقات الأمنية وهذه الجزئية محل شكوي من غالبية المستثمرين وهذه الملاحظات من الناحية العامة. أما الملاحظات التفصيلية فهي عديدة ومتشعبة ومنها علي سبيل المثال عدم ادراج العديد من المجالات تحت عنوان المشروع الاستثماري منها مشروعات الصوب الزراعية ومشروعات تصنيع معدات الطاقة الشمسية ومشروعات انتاج هذه الطاقة ومشروعات الصناعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.. كذلك استحداث مشروع القانون جهة جديدة تحت اسم مكاتب الاعتماد مهمتها فحص المستندات الخاصة بالمشروعات الاستثمارية وهذا تزيد غير مطلوب وسيترتب عليه اضافة جهة اختصاص يعاني منها المستثمر كما ان ادخال مكاتب الاعتماد سيخلق بابا جديدا للاسترزاق وطلب رسوم من المستثمرين إلي جانب تعدد الجهات التي سيتعامل معها المستثمر وهكذا في باقي المواد هناك الكثير من السلبيات التي لا يجب أن يمر القانون وهي موجودة به لأن ذلك سيؤدي إلي زيادة الأعباء علي الاستثمار وليس تسهيله وتشجيعه. نظام عالمي * لكن لماذا تعارضون إلغاء المناطق الحرة الخاصة رغم انها إحدي أهم الوسائل للتهريب باعتراف بعض المستثمرين؟ ** المعارضة تنبع من ان هذا نظام استثماري معترف به في كل دول العالم والتجارب الحية اثبتت ان الدول التي حققت تقدما اقتصاديا وطفرات تصديرية مثل ماليزيا وسنغافورة وتونس اعتمدت علي هذا الاسلوب خاصة انه لا يحمل الدولة أي أعباء خاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر فالمستثمر يتحمل كافة تكاليف انشاء المنطقة من بناء ومد المرافق لها سواء الكهرباء أو الطرق أو المياه أو التليفونات وكافة المتطلبات الأخري ويكفي ان نعلم ان الاحصائيات تؤكد ان المناطق الحرة الخاصة في مصر أقامت 215 مشروعا حققت صادرات قيمتها 2 مليار و700 مليون جنيه خلال عام واحد ومبلغ حجم العمالة بها 82 ألف عامل أي انها تساهم بشكل فعال بها وممتاز سواء في الناتج المحلي الاجمالي أو زيادة الصادرات أو في توفير آلاف من فرص العمل والحد من البطالة. أما عن القول بحدوث تهريب من خلالها فهذا ليس مسئولية المستثمر بل مسئولية مندوب الجمارك المسئول عن المنطقة وهذا الأمر بفرض حدوثه لا يجب ان يكون بالغاء المناطق الحرة الخاصة بل العلاج يتمثل في وضعط ضوابط لمنعه خاصة ان المستثمرين لا يمانعون ان تضع الدولة ما يحلو لها من ضوابط لتنظيم العمل في تلك المناطق مثل تحديد رأس المال وعدد العمالة ونوعية الاستثمارات المسموح بها فهذه المناطق ليست بدعة وموجودة في جميع دول العالم التي ترغب في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ناهيك ان الدولة لم تعد تقيم مناطق حرة عامة بسبب التكلفة العالية لاقامتها التي لا تستطيع ظروفنا الحالية تحملها وهناك مخططات لاقامة مناطق حرة عامة في العبور والغردقة منذ أكثر من 10 سنوات وتعوق التكلفة العالية من تحقيق هذا الأمر. مشاكل وعراقيل * تشكون دائما كمستثمرين من وجود مشاكل وعراقيل أمامهم فما هي؟ ** نحن لا نطالب بأي امتيازات أو استثناءات ولكن نطالب فقط بأن نكون علي قدم المساواة مع المستثمرين الأجانب أو العرب في بلادهم فالاستثمار في مصر الآن يتحمل تكلفة رهيبة لاقامة البنية الاساسية من غاز وكهرباء ومياه وغيرها.. بالاضافة إلي فرض ضرائب متنوعة عليه مثل فرض الضريبة العقارية علي المصانع وهي غير موجودة في أي بلد من بلدان العالم فالمصانع وحدة انتاجية تساهم في زيادة الانتاج والحد من البطالة وليس منزلا للمستثمر وكذلك الضرائب والرسوم المفروضة علي استيراد مستلزمات الانتاج فهذا يزيد من تكلفة المنتج بشكل كبير والمفترض ان نترك المستثمر ينتج ويعمل ثم نحصل علي الضرائب من الانتاج كما ان سعر الأرض أصبح غير محتمل بحجة ان الدولة لا يوجد لديها أموال ورغم اعترافنا بذلك الا انها ليست مشكلة المستثمر كما انه لا يجب أن ينظر للأرض علي انها مصدر لتحقيق الدخل للخزانة العامة ولكن ينظر إليها علي انها أحد مكونات العملية الانتاجية والصناعة يتم منحها للمستثمر بالشروط التي تراها الدولة ثم يتم تحصيل ضرائب علي المنتج النهائي وبصراحة أشد نحن هنا كمستثمرين نعاني من محاربة الأجهزة الرسمية لنا علي عكس ما يحدث من دول العالم من تشجيع للصناعات الوطنية حتي في أعتي الدول الرأسمالية وكلنا رأينا كيف ان الرئيس الأمريكي الجديد أكد ان الصناعة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه وانها السبيل الوحيد لتوفير فرص عمل للأجيال القادمة ومن ثم تقديم كافة انواع الدعم والمساعدة لها لأن النتائج الايجابية لن يحصدها المستثمر وحده ولكن المجتمع ككل. قول خاطئ * لكن كيف تقولون هذا والدولة متهمة بأنها تحابي رجال الأعمال علي حساب قطاعات أخري في المجتمع؟ ** هذا القول خاطئ جملة وتفصيلا فالدولة تنحاز للمستوردين علي طول الخط مما يضرب الصناعة والاستثمار الوطني في مقتل وهو ايضا ما يجعلها السبب وراء جنون اسعار مختلف السلع سواء الاساسية أو الكمالية حيث تركت السوق بالتعبير الدارج "سداح مداح" واهملت تشجيع الاستثمار الحقيقي الذي يحقق النمو المستمر ويساهم في حل مشكلة البطالة وتصر علي ضرب الصناعة الوطنية في مقتل من خلال الاستيراد العشوائي الذي يتم بدون أي ضوابط مما أدي إلي تراجع مستوي المنتج المحلي لعدم مقدرته علي مواجهة المستورد الرديء منخفض السعر فالمواطن بسبب معاناته الاقتصادية يبحث عن الأرخص الذي يناسب دخله المنخفض حتي لو كان مستواه غير جيد ورغم ان الأزمة الحقيقية للاقتصاد الوطني تتمثل في الفجوة الهائلة بين الصادرات والواردات واصبح اسهل مهنة يمكن ان يمتهنها أي شخص أي الاستيراد تحت دعوة تشجيع الاقتصاد الحر وهذا لا يوجد له أي مثيل في أي دولة فالاقتصاد الحر لا يعني الانفلات ولكن حرية الحركة بضوابط أما ان نترك التجارة الداخلية نهبا لكبار المحتكرين يفرضون الاسعار الجنونية بدون ان يحاسبهم أحد فهذا ضد مبادئ الاقتصاد الحر ففي كل دول العالم هناك هامش ربح لا تستطيع ان تتجاوزه والا تعرض من يرتكب هذا الفعل إلي عقوبات صارمة تصل إلي منعه من مزاولة العمل أو حتي السجن بينما لا يوجد لدينا مبادئ واضحة للنواب والعقاب تحدد الطريق الذي يجب ان يسلكه من يعمل بمهنة التجارة. فئات قليلة * لكن هل تنكر ان الدولة تنبهت لهذا الأمر ووضعت مؤخرا ضوابط للاستيراد؟ ** اعتقد ان الحسنة الوحيدة للحكومة هي رفع مستوي مواصفات السلع المستوردة بحيث لا تصبح أسواقنا مكانا لتصريف نفايات الدول الأخري كذلك حظر استيراد العديد من السلع الاستفزازية التي يستخدمها فئات قليلة للغاية من المجتمع أما دون ذلك فمازال الاستيراد العشوائي يحاصرنا فما أسهل ان يقوم المستورد بفتح اعتماد بنكي واحضار البضاعة التي يستوردها من الخارج ويقوم بطرحها في الأسواق بالسعر الذي يحلو له ويزيد من ارباحه بصورة جنونية ويكفي ان نعلم انه اسعار جميع السلع متفاوتة وتباع في مكان بسعر معين وفي آخر بسعر مختلف تماما تبعا لرغبة التاجر الذي يعرضها أو الذي يقوم باستيرادها لأننا في الأساس نفتقد للآليات المطلوبة لحماية المستهلك لأن الجهاز الذي يمارس هذا النشاط يعاني من مشاكل جمة سواء في عدم وجود قانون ينظم عملة أو لنقص الإمكانيات المادية والبشرية لأننا مازلنا غارقين في مفهوم "سيبه ياكل عيش" ولا أحد يتم محاسبته ليكون نموذجا للآخرين ناهيك عن ان الاسعار لا تخضع لأي ضوابط فسعر الخضراوات علي سبيل المثال ضعف ثمنها في سوق الجملة بالعبور بالاضافة إلي أننا لا نهتم كثيرا بلغة الارقام التي تساعدنا علي التخطيط للسوق الداخلية فالأرقام الخاصة بالسلع سواء التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أو البنك المركزي أو وزارة المالية يوجد بينهما اختلافات كبيرة تصل إلي 35% مما لا يساعد علي وضع أي خطط لضبط الايقاع. قصة طويلة * وهل الأمر ينطبق علي جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؟ ** المشكلة في الجهاز لدينا انك لكي تثبت حدوث عملية الاحتكار فهذا يستغرق وقتا كبيرا والجهاز لا يتحرك من نفسه ولكن يستلزم الأمر وصول شكوي إليه من جانب المتضرر من حدوث حالة الاحتكار ويرفق بهذه الشكوي المستندات التي تثبت وجهة نظره والأسباب الذي دعته لاتهام الآخر بالاحتكار والممارسات الضارة بالسوق ويطالب الطرف الاخر بتقديم ما يفند هذه الاتهامات والدفاع عن أسلوبه بعد ذلك يقوم الخبراء بفحص القضية وهذا يستغرق فترات زمنية طويلة قد تزيد علي 3 سنوات لكي يحصل الشخص الذي تضرر من الممارسات الاحتكارية علي حقه وطول المدة بالتأكيد يجعل الكثيرين لا يقومون بالابلاغ لأنهم لن يحصلوا علي حقوقهم بصورة فورية علي عكس ما يحدث في الخارج فالأجهزة المماثلة لها قوة كبري اكتسبتها من انشائها منذ فترة طويلة ولأن السوق ليس فيه مجال للهزار أو المحاباة فكل شيء يتم من خلال قواعد صارمة للشفافية والوضوح وكل عملية تجارية تتم من خلال أوراق وفواتير سليمة توضح ثمن شراء البضاعة ثم يضاف عليها هاشم الربح المعقول المتفق عليه لنحصل علي ثمن السلعة الذي يدفعه المستهلك ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبات صارمة حتي لا يعود لارتكاب مثل هذا الفعل وحتي يكون عبرة وردع للآخرين ومن ثم تقل الممارسات الاحتكارية كثيرا في الدول التي تدار فيها المنظومة الاقتصادية من خلال قوانين واضحة لا مجاملة فيها لطرف علي حساب الآخر. المضحكات.. المبكيات *1⁄4 وهل يتم حاليا تطبيق نظام الشباك الواحد للقضاء علي الروتين والبيروقراطية في الجهاز الحكومي؟ ** هذا الأمر من المضحكات المبكيات وأصبحنا نسمع عنه منذ فترة طويلة مثل حكايات "ألف ليلة وليلة" التي لا تنتهي ففي كل دول العالم تذهب إلي مكان محدد لتحصل علي استمارة بها المستندات المطلوبة منك والأوراق الخاصة بمشروعك معتمدة من الجهات المختلفة التي يتعامل معها المستثمر وبعد فترة لا تزيد علي أسبوع يتم الرد عليك وإذا تم تجاوز هذا الأسبوع يعتبر ذلك موافقة ضمنية من الجهة المسئولة عن منحك الترخيص.. أما لدينا فالأمر مختلف والقانون ينص علي انه إذا لم يتلق المستثمر ردا خلال شهرين من تاريخ تقديم الطلب فهذا يعني عدم الموافقة ونقص المستندات المطلوبة والسؤال الذي يفرضك نفسه لماذا قام الموظف المسئول من البداية وهو يفحص الأوراق بتنبيه المستثمر بنقص المستندات ناهيك علي ان المندوبين للوزارات المختلفة الموجودين في هذا المكان ليس لهيئة الاستثمار ولاية عليهم ولا تستطيع محاسبتهم والأدهي ان معظم الموظفين الذين ترسلهم الجهات المختلفة يكونوا من المغضوب عليهم في جهة عملهم الأصلي ويتم ابعادهم ليتحمل المستثمر المزيد من المعاناة في التعامل معهم والغريب اننا بدلا من ان نتقدم ونذلل العقبات أمام المستثمر نطبق النظم بطريقة خاطئة وهو عكس ما كان يحدث في الفترات والقوانين السابقة حيث كان يوجد بهيئة الاستثمار ما يسمي بقطاع علاقات المستثمرين الذي يتقدم إليه المستثمر إلي أحد الموظفين فيه بطلبه ليقوم هو بانهاء الإجراءات عنه وكان هذا النظام جيدا للغاية وساهم في انهاء الكثير من المشاكل. تحرك فوري * أسند منذ فترة للرقابة الادارية مهمة ازالة العقبات أمام المستثمرين بتوجيهات من رئيس الجمهورية فهل نجحت في اداء ذلك؟ ** الرقابة الادارية تحرص بشكل مستمر علي دفع الاستثمار والاستماع إلي آراء الخبراء والمتخصصين وكانت حريصة علي ضم ممثل للاتحاد العام للمستثمرين إلي اللجنة المسئولة عن اعداد القانون الجديد وبالفعل حدث ذلك حتي المسودة الثالثة وبعد ذلك لم تقم الوزارة المسئولة عن اعداده بتوجيه الدعوة لنا وهذا ليس ذنب الرقابة الادارية ولكن من اتخاذ القرار.. أما عن الهيئة فهي للأمانة لا تتواني عن حل مشاكل الاستثمار والمستثمرين حيث تتحرك فورا بناء علي تلقي أي شكوي أو حدوث مخالفة وتستمع جيدا إلي كل الاطراف وتعطي المستثمر كافة حقوقه إذا كان صاحب حق حيث تدير الأمر بشفافية ووضوح كاملين ولهذا أنا استغرب من رفض البعض لمشاركتها وتخوفهم من ذلك فالرقابة الادارية لا تقترب من أي شخص شريف يمارس عمله في وضوح وفقا لصحيح القانون ولهذا لا يجب ان يهاجم الشرفاء هذا الدور بل يجب ان نحييهم علي جهدهم الكبير في مواجهة الفساد الذي يعتبر من اخطر عوائق الاستثمار فأي مستثمر لا يبحث عن مزايا بقدر بحثه عن نظام استثمار واضح يتم فيه انجاز الاجراءات بسرعة في النور مهما كلفه ذلك من نفقات تذهب إلي خزينة الدولة بدلا من ان تذهب إلي جيوب السماسرة. * وهل مثلت المحاكم الاقتصادية عاملا مساعدا في سرعة انهاء المنازعات الاقتصادية؟ ** في حدود ما يحال لها من قضايا بكل تأكيد نعم انجزت الكثير والكثير ولكن المشكلة في ان هناك قضايا عديدة تتعلق بالجانب الاقتصادي يتم احالتها من خلال النيابة إلي المحاكم العادية لأسباب لا أعرفها والنتيجة ان الأمر يستغرق وقتا طويلا لأن السادة القضاة ليس كلهم متخصصين في الاقتصاد وقوانينه علي عكس القضاة العاملين في هذه المحاكم حيث يتلقون دورات تدريبية في الاقتصاد قبل التحاقهم بالعمل مما يسهل كثيرا من قيامهم بأداء دورهم. استقرار المجتمع * وما هي وجهة نظر الاتحاد في النظام الضريبي القائم وهل يحتاج إلي تعديلات؟ ** بداية أحب ان أؤكد ان اتحاد المستثمرين يطالب منذ فترة طويلة بتطبيق نظام الضرائب التصاعدية لأنه السبيل الوحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية الذي يعني المزيد من الاستقرار في المجتمع الذي هو في النهاية في صالح المستثمرين والمنظومة الاقتصادية بالكامل فليس منطقيا ان من يحققون مكاسب بالملايين يدفعون ضرائب مثل محدودي الدخل فهذا يمثل نسفا للعدالة الاجتماعية وهذا في نفس الوقت لا يعني محاربتنا لمن يكسب كثيرا فمن يحقق من عمل شريف ملايين الجنيهات لا غبار عليه ولكن عليه في نفس الوقت ان يسدد ما عليه من التزامات تجاه البلد الذي يعيش فيه والا يتساوي مع شخص دخله الشهري محدود ويكفي متطلباته الاساسية بالكاد بالاضافة إلي أن نظام التحصيل يحتاج إلي إعادة نظر واستبداله بنظام أكثر فاعلية فليس معقولا ان حجم التهرب الضريبي لدينا وفقا لتصريحات حكومية رسمية يتجاوز ال 400 مليار جنيه في العام الواحد في الوقت الذي نقوم فيه بالحصول علي قروض ومنح من الخارج تمثل ضغطا علي الاقتصاد القومي وعلينا ان ندرس التجارب المطبقة في الدول التي تنخفض فيها المتأخرات الضريبية إلي مبالغ ضئيلة للغاية ولن يتحقق ذلك في رأيي الا بوجود عقوبات صارمة للمتهربين ونشر ثقافة رفض التهرب بين جميع فئات واعتبارها جريمة مخلة بالشرف. ليس بدعة * وهل يؤيد الاتحاد انشاء المجلس الأعلي للاستثمار الذي تم مؤخرا؟ ** هذا المجلس ليس بدعة ووجوده يمثل فائدة كبيرة للاستثمار وتشجيع المستثمرين ويوجد في الكثير من الدول الراغبة في النمو ويتوافق في نفس الوقت مع الثقافة السائدة في مجتمعنا فعندما يصدر مجلس يتولي رئيس الجمهورية رئاسته قرارا فالجميع سوف يسرع بتنفيذه علي عكس ما يحدث من قرارات تصدرها الكثير من الجهات الحكومية حيث يتعطل تنفيذها لأسباب مختلفة منها عدم اعطاء الاهتمام الكافي لها وكذلك لأننا نعاني من وجود خلافات بين الوزارات المختلفة مما يجعل كل وزارة تعطل القرارات التي تصدرها الوزارات الأخري. الاستثمار والتعاون * وماذا عن دمج وزارتي الاستثمار والتعاون الدولي في التعديل الوزاري الأخير؟ ** نختلف كاتجاه مع هذه الخطوة فكل وزارة من الوزارتين لها طبيعة عملها المختلفة ومشاكلها المتباينة التي تستوجب وجود وزارة مستقلة لكل مجال وكان هناك بدائل أخري لهذا القرار فإذا كان الدمج مثلا تم لتقليل عدد الوزارات فكان يمكن إلغاء وزارة الاستثمار والاكتفاء بهيئة الاستثمار كما يحدث في كل دول العالم علي ان أن تتبع مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية لنضمن سرعة انجازها لعملها بالاضافة إلي ان طبيعة عمل وزيرة التعاون الدولي تتطلب تواجده بالخارج لفترات طويلة وهذا بالتأكيد سيؤثر علي سرعة انجاز العمل في وزارة الاستثمار فهناك قضايا تحتاج إلي قرارات وزارية فورية. ** عارضتم كاتحاد محاولات البعض لاحياء الاتفاقية الاقتصادية المصرية التركية "ورور" فلماذا هذا الموقف؟ ** لقد لاحظنا في الفترة الأخيرة نشاطا ملحوظا من الجانب التركي للتواجد مرة أخري في المجال الاقتصادي المصري ومحاولة إلغاء الضوابط التي وضعها الجانب المصري للاستيراد من الخارج حيث يتطلب الأمر الاستيراد من شركة مسجلة في بلدها ويتم تسجيلها في مصر وهذا استثناء لا يجب ان نمنحه لأحد لأنه يجعل السوق الاستيرادي بدون أي ضوابط بالاضافة إلي محاولات البعض لاعادة احياء اتفاقية الترانزيت بين الجانبين المعروفة باسم "ورور" وهذا ما نرفضه تماما لأنها لا تمثل أي مكسب للجانب المصري وكل الفوائد يحصل عليها الجانب الآخر فإذا كانت الرسوم مثلا علي الكونتر 10 آلاف جنيه فالجانب التركي يحصل علي 9 آلاف جنيه بينما الجانب المصري يحصل علي الفتات الذي لا يتجاوز الألف جنيه في أحسن الأحوال ناهيك عن ان هذه الاتفاقية تجعل من الجانب التركي دولة داخل الدولة فالبضاعة القادمة يتم انزالها في ميناء الاسكندرية لتوضع في تريللات تركية ويقودها سائق تركي حتي تصل إلي العين السخنة ومنها إلي الدولة التي يتم تصدير السلعة إليها وممنوع علي الجانب المصري الاطلاع علي ما في هذه السيارات أو فحص البضائع وهو ما يعني عودة كل الموبقات التي كانت تحدث في الماضي أثناء تنفيذ هذه الاتفاقية من تهريب للسلاح والمخدرات بالاضافة إلي اضرارها بالبنية الاساسية من طرق حيث ان وزن الشاحنة يتجاوز ال 40 طنا وهو ما يمثل عبئا كبيرا علي الطرق لدينا.