"روبابيكيا".. "كراكيب".. عالم غريب عجيب.. هو المعني لكل شيء قديم يحمل ذكريات وحكايات وأحيانا تاريخا. عمل يجمع بين الهواية والرزق. أصبح منتشرا بكثرة نراه يوميا في أشخاص يبحثون عن قديم لإعادة تصنيعه أو للاستفادة منه بأي طريقة سواء بيعه للمصانع أو لمن يهوي القديم.. يجوبون شوارع الاحياء الشعبية والراقية ينادون "بيكيااا" ونصادف تلك الصيحة الشهيرة حتي وقت الظهيرة. رصدت عدسة "المساء" شخصا تبدو عليه علامات الإرهاق والفقر يرتدي ملابس رثة قد هلكت من حرارة الشمس واتسخت من كثرة السعي وراء لقمة العيش ومل كل ما هو قديم يجوب الشوارع بحماره المنهك لجره عربة "كارو" تحمل الكراكيب. يحكي عم عبدالمعبود: عمري 57 عاما متزوج ولدي ابنتان وولد. عملت "بالروبابيكيا" منذ عشرين عاما وقبلها كنت عامل نظافة ولكن العائد لم يكن يكفي احتياجات أسرتي فأصبحت أعمل "بالخردة" خاصة بعد غلاء الاسعار. أبدأ عملي في السادسة صباحا باستئجار حمار بالعربة بثلاثين جنيها يوميا ولم أقدر علي شرائه خاصة أن أكل الحمار غال جدا وليس لدي مكان للاهتمام به فأنا أطعم اولادي بصعوبة. أتوجه إلي مخزن تاجر "الخردة" وأتسلم منه 200 جنيه يوميا لأشتري من المواطنين كل قديم يريدون بيعه.. ويقوم تاجر الخردة بإعطائي تعليمات بالأسعار التي اشتري بها حيث انها تختلف من يوم لآخر ومن سلعة لأخري. فعلي سبيل المثال كيلو الكتب القديمة بجنيه والحديد المصاب بالصدأ بجنيه ونصف واحيانا يكون الوزن تقديريا وتصنف علي حسب انواعها لتدخل في الصناعات المختلفة. استكمل عم عبدالمعبود حديثه قائلا ان سوق "الروبابيكيا" تراجع لأن الكثير من الناس يعيدون تشغيل ما لديهم من اشياء قديمة ويستغلونها وهو ما جعل اغلب العاملين معنا يبحثون عن مصدر رزق آخر فأحيانا بعد تسليم البضاعة لصاحب المخزن لفرزها وتوزيعها علي التجار أحصل علي عشرة جنيهات فقط خاصة بعد دفع ايجار الحمار وتكفي يوم أسرتي خصوصا ان أولادي غير متعلمين.. فهذا أفضل من أن أتسول في الشوارع لأطعم اولادي. أوضح أن الجمعيات الخيرية قضت علي جزء كبير من تلك المهنة بعدما أصبح الناس يرسلون إليها الأشياء القديمة مباشرة للاستفادة منها.. ولم يقتصر عملي علي المنازل فقط ولكن احيانا أبحث في المستشفيات عن الاشعة والخراطيم والبلاستيك وايضا اشتري من "الزبالين" الزجاجات البلاستيك والعلب المعدنية فهي تدخل من ضمن "الخردة". أكد أن هناك مواقف صعبة تعرض لها من خلال عمله في "الروبابيكيا" منها التعرض للسرقة وشغب البلطجية وعدة محاولات لسرقة الحمار أوالعربة خاصة بعد تدهور الامن بالبلد خلال ثورة 25 يناير وبعدها ولكن "ربنا بيسترها". اختتم حديثه قائلا: اتمني ان أزوج بناتي وأجد عملا لابني ولا أريد ان يكون مثلي وان أكون قادرا علي تلبية احتياجاتهم ويرزقني الله برزقهم ويجعلني سندا لهم في الحياة.