التقرير الذي نشرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية حول عقد قمة سرية في العقبة منذ عام ضمت الرئيس السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي السابق كيري.. يجب ألا ننظر إليه نظرة سطحية أو نتحدث عنه حديثا حنجوريا.. بل لابد من قراءته قراءة متأنية جدا فليست علي رءوسنا بطحة.. وان نركز في هذه القراءة علي توقيت النشر. هذا التقرير المشبوه ذكر أن كيري قدم خلال القمة خطة لمبادرة سلام اقليمي تشمل الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين.. وان الخطة تتضمن 6 بنود: الأول.. حدود دولية آمنة ومعترف بها بين إسرائيل ودولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي علي أساس حدود 1967 وتبادل معين للأراضي. الثاني.. تطبيق القرار الأممي رقم 181 بشأن تقسيم فلسطين. الثالث.. حل عادل وواقعي ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينية لا يؤثر علي الصبغة الأساسية لإسرائيل. الرابع.. حل متفق عليه بشأن القدس كعاصمة للدولتين باعتراف المجتمع الدولي وضمان حرية الوصول للأماكن المقدسة. الخامس.. توفير احتياجات إسرائيل الأمنية وضمان قدرتها علي الدفاع عن نفسها وضمان قدرة فلسطين علي توفير الأمن لمواطنيها في دولة ذات سيادة منزوعة السلاح. السادس.. انتهاء الصراع ونهاية المطالب التي تسمح بتطبيع العلاقات وإقامة علاقات أمنية اقليمية متزايدة وفقا لرؤية السلام العربية.. وذكرت الصحيفة ان نتنياهو رفض الخطة لعدم قدرته علي اقناع الائتلاف اليميني الحاكم بالتصديق عليها زاعمة ان السيسي وعبدالله وافقا عليها..!! وذكرت الصحيفة أنها حصلت علي الخطة من مسئولين في إدارة أوباما طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم وأن القمة عقدت بمبادرة من كيري في حين ان نتنياهو ذكر لوزراء حزب الليكود أن القمة عقدت بمبادرة شخصية منه.. كما زعمت الصحيفة أن كيري طلب من الرئيس السيسي والملك عبدالله اقناع دول عربية أخري خاصة السعودية والإمارات بدعم الخطة.. وانه طلب من السيسي الضغط علي نتنياهو لقبول الخطة وطلب من عبدالله الضغط علي أبو مازن لاستئناف المفاوضات. كل هذا لا شيء فيه وان كان صحيحا فإنه قابل للنقاش والتصحيح.. إلا أن التقرير المشبوه أكد أيضا أن القمة السرية المزعومة عقدت في 21 فبراير 2016 أي "زي النهاردة" من العام الماضي وتم الاتفاق علي أن تظل سرية.. والسؤال هنا: لماذا لم يستمروا في الالتزام بسريتها ويتم الآن بالذات كشفها والافصاح عنها؟؟.. هذا هو السؤال المفصلي المهم.. وإجابته تتلخص في 4 نقاط مهدت لهذا التقرير العبثي: * أولا.. بعد أن رحل أوباما المختلف معه نتنياهو بسبب الاتفاق النووي مع إيران وجاء ترامب الذي يؤيد إسرائيل أكثر من تأييده لأمريكا وبالتالي أوصد نتنياهو بالضبة والمفتاح كل الأبواب التي كانت "مواربة" للتفاوض علي إقامة دولة فلسطينية مستقلة.. وعلي القدس خاصة. * ثانيا.. بعد إذاعة المزاعم الوقحة للإعلام الإسرائيلي الرسمي بأن الرئيس السيسي مستعد للتنازل عن جزء من سيناءللفلسطينيين مقابل تسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي وقد استند هذا الإعلام في ذلك إلي البند الأول من الخطة مبادرة السلام التي ذكرتها الصحيفة "تبادل معين للأراضي".. وهذه بالطبع "أم الأكاذيب".. فهم لا ولم ولن ينسوا أبدا أن السيسي هو الذي أحبط مؤامرة الشرق الأوسط و"الربيع العبري" خاصة اتفاقهم مع الخائن محمد مرسي لبيع 1600 كيلومتر مربع "40 * 40" من شمال شرق سيناء يتم ضمها إلي غزة وتقام عليها الدولة الفلسطينية الإسلامية مما يغلق قضية فلسطين وتضيع القدس للأبد. * ثالثا.. بعد اتفاق نتنياهو وترامب في واشنطن الأسبوع الماضي علي وأد فكرة "الدولتين" إسرائيل وفلسطين إلي الأبد. * رابعا.. للإيحاء كذبا وزورا وبهتانا بأن الرئيس السيسي والملك عبدالله يوافقان علي رؤية ترامب - نتنياهو بنسف فكرة الدولتين. كنت أتمني أن يصدر نفي صريح أو تأكيد صريح لعقد هذه القمة وما دار فيها لمنع اللغط والبلبلة و"الهري" الفارغ خاصة أنها ليست جريمة أبدا أن يلتقي الرئيس السيسي مع نتنياهو.. اللقاء بينهما وارد جدا وممكن يحدث في أي وقت.. إلا أن المعلومات المغلوطة والخطيرة التي تضمنها التقرير المشبوه للصحيفة الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي الرسمي وما وراءهما من ايحاءات مبتذلة وحقيرة كانت أولي بالرد عليها. لذلك.. ركز السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في تعليقه علي ثوابت السياسة المصرية تجاه قضية فلسطين والتي لا يمكن لكائن من كان أن يغفلها أو يزايد عليها خاصة اننا نحملها علي اكتافنا طوال 70 عاما ونتحمل كل أوزارها وضحينا من أجلها بمائة ألف شهيد وأكثر من خيرة أولادنا. نعم نبذل أقصي جهد للتوصل إلي حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة علي أساس حدود 4 يونية 1967 وعاصمتها القدسالشرقية.. نعم تقوم مصر بجهود متواصلة لتهيئة المناخ أمام التوصل لهذا الحل يستند إلي الثوابت القومية والحفاظ علي حقوق الشعب الفلسطيني.. نعم تدعم مصر أية مبادرات أو لقاءات تهدف إلي مناقشة الأفكار العملية التي تساعد علي إحياء عملية السلام وإعادة الاستقرار للمنطقة كلها.. نعم تؤمن مصر بأن القضية الفلسطينية كانت وستظل هي القضية المحورية بالمنطقة وأن التوصل إلي حل نهائي لها سيخلق واقعا جديدا يضمن توفير الأمن والآمان للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ويعطي الأمل لكافة شعوب المنطقة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما سيقضي علي إحدي أهم الذرائع التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتبرير جرائمها الخسيسة. والآن.. هل أدركتم ما يدبر لنا بليل.. هل استوعبتم حجم ما يحاك ضدنا.. أم مازال البعض يهري ويصدق إعلام العدو وكأنه قرآن منزل؟؟.. أفيقوا يرحمكم الله.