منذ تولي الأرجنتيني هيكتور كوبر مهام المدير الفني لمنتخب مصر في مارس 2015 وكان الحظ ملازماً له في كل المباريات التي يلعبها ويفوز بها.. لازمه الحظ كثيراً في طريقته الدفاعية التي كان يلعب بها ويضع فريقه تحت ضغط المنافسين ويخرج سالماً بنقاط اللقاء.. أو أن يرزقه الله بمنافس في أسوأ حالاته مثلما حدث في مباريات عديدة.. هذا الحظ لم ينكره أحد في بداية المشوار.. واعترفوا بأننا نلعب بالطريقة المثلي التي سنصل بها لمنصات التتويج. بمرور الوقت بات لدي الكثيرين قناعة تامة بأمرين.. أولهما أننا نكسب فلا داعي للنقد.. وأننا نلعب علي قدر ما نملك من إمكانات "هي دي القماشة". وهذا الدفاع تم ترجمته لجملة واحدة هي أننا نملك مدرباً عملاقاً. لكن جاء الشوط الأول من لقاء مصر مع الكاميرون ليؤكد حقيقة مهمة هي أننا نملك أفضل قماشة.. وفي المنتخب أفضل الأوراق.. ولكننا لا نملك المصمم الجيد ولا من يجيد ترتيب الأوراق. في هذا الشوط ونحن نلاعب الأسد الكاميروني المتوحش قدمنا عرضاً نموذجياً دفاعاً وهجوماً.. أحرزنا هدفاً رائعاً علي المستوي الفردي والجماعي وأضعنا أكثر من فرصة أخري للتهديف وحسم اللقاء مبكراً.. استطعنا مجاراة الكاميرون بل والتفوق عليهم فنياً وبدنيا.. اكتشف كوبر فجأة أن لديه ورقة أكثر من رائعة اسمها عمرو وردة كان يستحق لقب رجل المباراة.. تألق صلاح كما لم يتألق من قبل وتفوق النني علي نفسه بالهدف الرائع.. تفوق بعد أن حصل علي قسط من الراحة. في الوقت نفسه تراجع أداء عبدالله السعيد وتريزيجيه وتسبب حجازي وجبر في الهدفين اللذين دخلا شباك الحضري.. ولكن لماذا حدث ذلك؟! هذا التراجع حدث لأن منتخبنا انهار بدنياً في الشوط الثاني.. وسبب الانهيار ليس في إجهاد اللاعبين فقط.. ولكن لأن المدير الفني رفض فكرة الاعتماد علي أوراقه البديلة واكتفي بإجراء تغيير واحد وجاء متأخراً بعد أن شعر أن تريزيجيه يكاد يغشي عليه من شدة الإجهاد فأشرك رمضان صبحي.. نسي كوبر أن هناك عمر جابر وسعد سمير ودويدار وكريم حافظ.. لم يلحظ أن الأسود انتفضت وخرجت من عرينها وبات عليه أن يؤمن مرماه قبل أن يلتهموا حارسه.. اعتمد علي علي جبر وحجازي الذي وضح أنهما كانا غير قادرين علي العطاء.. وضح ذلك من الهدفين اللذين دخلا المرمي.. لم يفكر كوبر في استخدام ورقة تقف علي قدميها مثل سعد سمير أو دويدار أو ابراهيم صلاح ولكنه ترك الملعب لخصمه يفعل ما يريد.. وهل يعقل أن ألعب هذا النهائي ولا أجري إلا تغييراً واحداً. الكاميرون لم يكن في حالته واستسلم وقبل أن يفيق جاء هدف مصر فحدثت للكاميرون انتكاسة ولكننا أعدنا له الروح بأدائنا المخيب فانتفض وهاجم وأحرز وفاز وضيع الحلم. القصة ليست وليدة مباراة الكاميرون إنما هذا اللقاء هو الفصل الأخير منها.. فكوبر من البداية هو من عود لاعبيه علي طريقة واحدة وهي الدفاع واللعب في ثلثي ملعب ولو عود اللاعبين علي اللعب بشكل طبيعي وفي كل أنحاء الملعب من البداية لأسعفتهم لياقتهم البدنية علي إكمال اللقاء. كوبر هو ومن حوله هم الذين رسخوا فكر هي دي القماشة. والقماشة كشفته شاهدنا ماذا فعل كهربا ورمضان صبحي ووردة وجابر عندما لعبوا.. هو من أصاب اللاعبين بإجهاد لعدم اعتماده علي البدلاء بحجة أنهم أقل وأضعف من الأساسيين برغم أن البدلاء من اختياره وليس اختيارنا هو من عاند واختلف من النجوم واستكبر وأشاد باختياراته التي ركنها علي الخط.. ألا يوجد في مصر ظهير أيسر يمكن الاعتماد عليه؟!.. لماذا لم تضم طلبة الذي اصطحبته معك.. لماذا عاندت أمام حسام غالي ووليد سليمان كأوراق خبرة هل وصلت جريمتهما لهذا الحد. كوبر هو من أضعف المنتخب وجعله أقل بدنياً من منافسيه وكرر جملته الشهيرة ورددها خلفه الكثيرون وهي أننا لو فتحنا الملعب وهاجمنا هذه الفرق لافترستنا.. رجل يتولي تدريب المنتخب عامين.. ويقول أنه غير قادر علي مجاراة هذه الفرق.. ماذا كنت تفعل خلال سنتين وأمامك الدوري المصري القوي الذي لم يحدث منذ سنوات إذا؟!.. لا أعرف. كوبر هو من خلص علي فكرة اللعب بالجناحين.. لم نر في البطولة سوي بعض التمريرات العرضية للمحمدي ولم تتكرر مرة أخري وتقرر فرض حظر التقدم علي المحمدي وعلي أحمد فتحي نهائياً ولم يفكر في عمر جابر أو كريم لأنه يعلم أنهما يحبان الكرة الهجومية.. هذا بجانب طارق حامد والنني فلم نر منهما تصويبات يملكان القدرة عليها إلا مرة واحدة من كل لاعب. عناد كوبر صنع حاجزاً بينه وبين الابتكار فتمسك بطريقته ولم يفكر في التجديد.. كان يستطيع استخدام حجازي كليبرو وأمامه سعد سمير وجبر ليحرر الجناحين المحمدي وفتحي علي أن يلعب بطريقة 3/4/3/1. وتحرر الجناحين وانطلاقاتهما كانا سيزيدان من الكثافة الهجومية والتمريرات داخل المنطقة ونشعر أننا نلعب كرة هجومية برأس حربة ولكن فكرة رأس الحربة ليست واردة في ذهن كوبر إلا مجبراً مثلما يغيب عنه فكرة الأكثار من الموهوبين في وسط الملعب. فهو يريد فقط متاريس دفاعية وتمريرات أمامية والمحصلة 16 هدفاً في 14 مباراة. أحرز منهم محمد صلاح 8 أهداف و3 للسعيد وهدف لرامي ربيعة ورمضان صبحي وكهربا والنني والأخير لباسم مرسي الذي غاب عن البطولة. تحرر الظهيرين فتحي والمحمدي كانا سيقرب المسافة بينهما وبين الجناحين صلاح وتريزيجيه وهذا التقارب يغلق المنطقة الشاسعة التي يتركها صلاح وتريزيجيه أمام المحمدي وفتحي عندما يهاجمان ولا يتقدم خلفهما الظهيران.. هذه المساحة ينقض منها الخصوم علي الجانبين.. وهذه الطريقة تدفع صلاح وتريزيجيه لبذل أقصي جهد ومعهما طارق حامد "انتحار" للدفاع. وغياب الابتكار هو من جعل كوبر يغمض عينيه عن اكتشاف نجومه.. ولم يدرك أن لاعباً مثل رمضان صبحي ما كان ينبغي أن يهمل بهذه الطريقة.. ولا وردة ولا كهربا ولا عمر جابر ولا ضم حسام غالي أو باسم مرسي. كوبر المدرب الوحيد الذي يعرف كيف يذبح لاعبيه.. فلا يوجد منتخب في العالم يشرك لاعباً واحداً في ثلاثة مراكز ببطولة واحدة.. أحمد فتحي الذي استهلك خلال البطولة جاء في اللقاء الأخير ولم يقدر علي الحركة.. الأمر الوحيد الذي جعله صامداً أنه كان يلعب في مساحة ضيقة للغاية جعلت حركته بسيطة.. ولولا ذلك لسقط اللاعب مثلما سقط مروان وكوكا وغيرهما. بقي أن نذكر أن صلابة دفاع مصر سببها تفوق حجازي وجبر وليس الطريقة التي لعب بها كوبر.. ولو كانت الطريقة السبب لاعتمد كوبر علي أي اثنين آخرين عندما أصيب حجازي وأجهد جبر.. ولما تعرض الحضري لكم الهجمات الشرسة التي وصلته في المباريات الأخيرة.