الأنبياء المثل الأعلي..في الصبر علي الإيذاء والشدائد أقول للقائمين علي أعمال الخير.. لاتلتفتوا لقالة السوء المسلم صبور يمضي في العمل المسند إليه فيتقنه علي أكمل وجه. ولم يتقاعس يوماً في أداء الواجب. سلوكياته أسوة للآخرين. لم يدخر وسعاً في الاستمرار في هذه المسيرة بعيداً عن الغرور والخيلاء وان اعتراه قالة السوء بأي أقوال لا يعبأ بها. فقد ابتلي الانبياء والصالحون بهؤلاء الذين يبتكرون الحيل والافتراءات للإساءة لهؤلاء العاملين المخلصين الجادين. لا يضرهم من خالفهم ولا ينصتون إلي ما يرددونه من أباطيل وأكاذيب. هؤلاء يمضون في طريقهم ويتأملون حياة سيدنا موسي عليه الصلاة والسلام. فقد كان فرعون بكل جبروته وحاشيته يطاردون سيدنا موسي و يتناولونه بكل ألوان الإيذاء مرة يقولون إنه لا يكاد يبين. ومرة يقولون ساحر. وموسي صابر محتسب مفوض أمره لله. لم يتوقف إيذاء هؤلاء عند أي حدود وإنما أخذوا يبتكرون من المكايد والحيل وقد كان منها أنهم زعموا أن موسي به عيوب خلقية فنزل قول الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسي فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها" وقد أخرج الإمام البخاري عند تفسير هذه الآية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن موسي عليه السلام كان رجلاً حيياً ستيراً لا يري من جلده استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل. فقالوا: ما يستتر هذا الستر إلا من عيب في جلده إما برص وإما أدرة وإما آفة. وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسي عليه السلام. فخلا يوماً وحده. فخلع ثيابه علي حجر. ثم اغتسل فلما فرغ أقبل علي ثيابه ليأخذها. وإن الحجر عدا "أي أخذ يجري" بثوبه فأخذ موسي عصاه وطلب الحجر. فجعل يقول: ثوبي يا حجر. ثوبي يا حجر. حتي انتهي إلي ملأ من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله عز وجل وبرأه الله مما يقولون. ثم أخذ ثوبه فلبسه وأخذ يضرب الحجر بعصاه. فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً". براءة سيدنا موسي جاءت من عند الله وهكذا الانبياء والصالحون يتعرضون للافتراء وقالة السوء فعن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قسم رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات مرة قسماً فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. قال: فقلت: يا عدو الله أما لأخبرن رسول الله صلي الله عليه وسلم بما قلت. فذكرت ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فأحمر وجهه صلي الله عليه وسلم ثم قال: "رحمة الله علي موسي. لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر". هذا القصص يذكره الحق تبارك وتعالي لمواساة الصالحين وبيان ما يتعرض القائمون بالأعمال العامة من قيادة أمور الأمة أو شئون الدعوة أو أي عمل من أعمال الخير. وليذكرهم بضرورة الصبر في مواجهة هؤلاء طالما أنتم تحققون كل أسباب العمل الطيب وتوخي العدل والصدق وإعطاء كل ذي حق حقه. عندئذ لا تخشون هؤلاء. كما أن رب العالمين دائما يذكر جميع من آمن بالله واليوم الآخر. بأن طريقهم ستكون مليئة بالأشواك فعليكم التذرع بالصبر واستمرار العمل الطيب بأقصي جهد كما كان الانبياء. ولا تعيروا هؤلاء المثبطين للهمم أي اعتبار فكل من يتعرض للعمل العام لا يسلم من ألسنة هؤلاء المستهزئين. لكن رب العالمين يحبط كل مسعاهم. "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد". *** دعاء "رب زدني علماً اللهم زيني بالإيمان. واجعلني هاديا مهتدياً بفضلك يارب العالمين. اللهم إني أسألك الثبات في الامر. والعزيمة علي الرشد. واسألك شكر نعمتك. وحسن عبادتك. وأسالك قلبا سليما. ولسانا صادقا. واسألك من خير ما تعلم. واعوذ بك من شر ما تعلم. واستغفرك لما تعلم. انك انت علام الغيوب. اللهم اني أسالك خير المسألة. وخير الدعاء. وخير العمل. وخير الثواب. وخير الحياة. وخير الممات.