استيقظ مجلس النواب متأخرا جدا.. وتذكر ان عليه ان يحاسب الحكومة ويراقب تصرفاتها ويسائلها عن قراراتها.. خاصة القرارات التي تتخذها بشكل مفاجيء لزيادة الأسعار.. دون أخذ رأيه أو حتي اعلامه.. وبسبب هذه اليقظة المتأخرة قدم النائب محمد بدراوي استجوابا لرئيس الوزراء وقدمت النائبة ثريا الشيخ بيانا عاجلا ضد وزير التموين حول قراره برفع سعر الزيت والسكر في التموين. وقد تعجب - مثلي - لأن يقظة النواب جاءت في أعقاب قرار وزير التموين بزيادة سعر كيلو سكر التموين من 7 إلي 8 جنيهات وعبوة الزيت من 10 إلي 12 جنيها والمسلي النباتي من 75.11 إلي 13 جنيها.. وهي زيادات طفيفة كما تري وان كانت مؤثرة جدا لدي الطبقة التي تعتمد علي سلع التموين.. في حين صمت النواب صمت القبور عندما اتخذت الحكومة قرارات سيادية حاسمة ورفعت الأسعار بفجاجة دون أدني اعتبار لأخذ رأيهم أو حتي اعلامهم بما ستفعل. هل أخذت الحكومة رأي مجلس النواب أو أعلمته قبل ان تحصل علي القروض الضخمة التي حصلت عليها وأولها بالطبع قرض صندوق النقد الدولي - 12 مليار دولار - وما ترتب علي ذلك من تعويم الجنيه وزيادة أسعار الطاقة والمواد البترولية بمعدلات رهيبة كانت صدمة حقيقية علي المواطنين؟! هل أخذت الحكومة رأي مجلس النواب أو أعلمته قبل أن يوقع رئيسها اتفاقية ترسيم الحدود مع الشقيقة السعودية وترتب عليها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.. باعتبارها اتفاقية سيادية.. ربما لو حدث ذلك ما وقعنا في الانقسام والتخبط الذي نعيشه اليوم؟! هل استيقظ النواب عندما جأر الشعب بالشكوي مرات عديدة من ارتفاع فواتير الغاز والمياه والكهرباء ومن ضريبة القيمة المضافة والضريبة العقارية. لقد شكونا كثيرا من التصرفات الحكومية الجامحة.. وكتب كثيرون يستغيثون بمجلس النواب الذي هو قناتنا المشروعة.. لكن المجلس اعطانا أذنا غير صاغية.. أذن من طين وأخري من عجين.. إلي الحد الذي دفع أكثر الكتاب اعتدالا إلي القول بأنه لا يمثل المصريين ولم يقف يوما مع مطالب الشعب ومصالحه.. وأقرب مثال علي ذلك مقال الأستاذ عباس الطرابيلي في "المصري اليوم" الأربعاء الماضي تحت عنوان " ليس مجلسا للشعب". كان من المفروض والواجب أن ينتفض المجلس الموقر ويعقد جلسة طارئة يرفض فيها بكل قوة طلب رئيس الوزراء الزيادة في مرتبات ومعاشات رئيس الحكومة والوزراء ونواب الوزراء.. ويرفض فيها أيضا وبكل قوة طلب رئيس البرلمان بشراء سيارات مصفحة تصل قيمتها إلي 18 مليون جنيه.. وبسعر الدولار اليوم 39 مليون جنيه.. كان يجب علي المجلس أن يقول بأعلي صوته ان الدولة التي تقول انها فقيرة وانها شبه دولة.. وترفع الدعم عن محدودي الدخل وترفع سعر زيت وسكر التموين لا يليق أبدا بحكومتها ان تطلب زيادة.. ولا يليق برئيس برلمانها ان يطلب سيارات مصفحة.. لأن الناس الذين يتلقون هذه الأخبار سيقع ظنهم مباشرة ان الحكومة تقتسم المغانم مع البرلمان وتضيق علي الشعب.. فلا زيادة في المرتبات ولا المعاشات. يقول النائب محمد بدراوي صاحب الاستجواب ان الزيادات المتتالية في أسعار السكر والزيت مثلت أكثر من ضعف زيادة الحكومة لمبلغ الدعم من 18 إلي 21 جنيها.. وقرار الزيادة الأخير يصعب من أعباء الحياة علي المواطنين خاصة البسطاء منهم. وتقول النائبة ثريا الشيخ صاحبة "البيان العاجل" ان رفع اسعار السلع التموينية يحمل المواطنين أعباء اضافية وان المبلغ المحدد للدعم بواقع 21 جنيها "مالوش لازمة" ولن يكفي إلا لزجاجة زيت وكيس سكر واحد.. دون الحصول علي الأرز أو غيره من السلع الأساسية.. ارتفاع الاسعار بهذا الشكل فيه ظلم كبير علي الناس في ظل عدم ارتفاع المعاشات أو مرتبات العاملين سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص. ويقول د.علي المصيلحي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ان اللجنة فوجئت بقرار زيادة الأسعار.. ولم نكن علي علم مسبق به.. علي الرغم من استدعائها وزير التموين مؤخرا للرد علي بيانات النواب وطلبات الاحاطة المقدمة بشأن ارتفاعات اسعار السلع في الأسواق مشيرا إلي أن اللجنة ستعقد اجتماعا طارئا وستصدر بيانا عاجلا بشأن موقفها من قرارات وزير التموين الأخيرة. عفوا يا حضرات النواب.. ان صحوتكم المتأخرة تذكرني بأناس لم يكترثوا لدم الحسين وآل بيت النبي الذي أزهق في كربلاء.. لكنهم ذهبوا يسألون ويستفتون الشيوخ: هل دم البرغوث ينقض الوضوء؟!