ملايين البشر يأتون للحياة ويرحلون ولا يشعر بهم أحد.. وآخرون تجدهم مؤثرين فاعلين في حياتهم بأخلاقهم وعلمهم وتواضعهم وأعمالهم الخيرية.. وعندما يرحلون يتركون فراغًا كبيرًا وحزنًا أكبر في النفوس.. ومنذ أيام أصابتنا فاجعة رحيل الأستاذ محمد عبدالمنعم أبونار صاحب مدارس منارة الإسلام الخاصة للغات بدمنهور وأحد رواد العلم والمعرفة وأحد أفضل من أنجبت محافظة البحيرة.. أدي دورًا كبيرًا شهد به الجميع في تطوير منظومة التعليم الخاص من خلال نهج تفرد وتميز به في الإدارة. الحروف والكلمات تعجز عن التعبير.. وعندما أتحدث عن مآثر المعلم الفاضل الأستاذ محمد عبدالمنعم أبونار.. فلا عبارات المدح ولا قصائد الشكر تفي حق هذا الرجل الذي كرس وقته وجهده وصحته لخدمة العملية التعليمية ونشر نور العلم والمعرفة الحديثة بعيدًا عن التقليد. ليبني جيلاً جديدًا واعيًا ومتفردًا يمتاز بالثقافة والأخلاق الرفيعة والوعي والوطنية حتي أصبح دائمًا في المقدمة. ظل الراحل طوال حياته المليئة بالكفاح والعمل الجاد حريصًا علي التطوير والتحديث ونقل التجارب الناجحة لمدارس المنارة مع الدقة الشديدة في اختيار أفضل عناصر العملية التعليمية من مدرسين وإداريين وعمال. فلا مكان عنده للوساطة والمحسوبية.. اختيار المدرسين يجري علي أعلي مستوي ووفق معايير دقيقة لانتقاء المتميزين للعمل بالمدرسة التي أصبحت قبلة معظم أولياء الأمور بدمنهور. لقد استطاع الراحل العزيز الأستاذ محمد أبونار. بجهده وإخلاصه وحبه للعلم. بناء صرح تعليمي متميز تفاخر به البحيرة أمام المحافظات الأخري.. حقق به ريادة علي الساحة التعليمية شهد بها الجميع. كان "أبونار" يستمع في حب ومودة وبآذان صاغية وقلب مفتوح لكل أولياء الأمور ومقترحاتهم وشكاواهم.. لم يكن أبدًا غليظ القلب.. بل كان ودودًا بشوشًا لا تفارق الابتسامة وجهه.. عندما يتحدث إليك يؤثرك بجميل كلماته وبساطة عباراته البعيدة عن التكلف والتكبر.. تستطيع الحديث إليه ليس في أوقات العمل الرسمية فقط ولكن في أي وقت تحتاجه. تجده دائمًا مرحبًا سريعًا في تلبية طلبات أولياء الأمور حتي استطاع خلق حالة فريدة من الألفة والجو الأسري بين إدارة المدرسة والمعلمين وأولياء الأمور. هذا الحاج محمد أبونار المعلم.. أما عن محمد أبونار الإنسان فالحديث يطول ويطول وهذه الزاوية لن توفيه حقه.. لقد كان حريصًا دائمًا علي نشر الحب والخير.. يسعي بقوة وإخلاص للصلح بين المتخاصمين.. أعماله الخيرية تتحدث عنه وكان دائمًا حريصًا علي إخفائها راجيًا بها وجه الله.. لقد أذهلني مشهد جنازته.. الأهل والأحباب والأصدقاء توافدوا من كل مكان لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة علي إنسان قلما يجود الزمان بمثله.. تساقطت الدموع وتعالت الأصوات بالدعاء له بالرحمة والمغفرة وأن يجعل الله مسيرته العلمية في ميزان حسناته.. فالعلماء ورثة الأنبياء. إذا كان الأستاذ محمد أبونار قد رحل عنا بجسده فسوف يظل باقياً بيننا بعلمه وأخلاقه وسيرته العطرة.. وعزاؤنا أنه ترك لنا أبناء بررة هم: الأستاذ عبدالمنعم محمد أبونار مدير مدرسة المنارة للغات.. والدكتور مصطفي أخصائي المسالك بمستشفي دمنهور التعليمي والأستاذتان فاطمة وأسماء.. هؤلاء الأبناء إمتداد طيب وخير خلف لخير سلف.. قادرون علي استكمال مسيرة والدهم وحمل مشعل التنوير. اللهم اغفر للراحل محمد أبونار وارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة.