لماذا يتطور العالم من حولنا ونتأخر نحن ونتراجع بشكل مستمر؟ كل دول العالم حتي تلك التي كنا نساعدها في الماضي ونقف بجوارها تطورت وتقدمت وأصبحت ندا لنا حتي علي مستوي كرة القدم وعلي مستوي الفن فضلاً عن تطورها صناعيا واقتصاديا واجتماعيا. فما السبب في ذلك؟ مثلا ما السبب الذي يجعل كبار نجومنا وهم في الحقيقة وعلاوة علي نجوميتهم مليونيرات لا ينقصهم شيء يهرعون عند أول إشارة لحضور مهرجانات لدول لا يزيد عمرها كدول علي 40 سنة. ولم تنتج في تاريخها فيلما واحدا ولا تخجل من الادعاء بأنها تنظم مهرجان السينما في نفس الوقت الذي تنظم فيه مصر مهرجانها السينمائي العريق. ويصبح المشهد مؤلماً وانت كمصري تري نجومك يساعدون دول أخري علي إنجاح مهرجانها ويتركون مهرجان بلادهم يعاني من الترنح والسقوط. لماذا يخرج من بيننا من يطالب باقتطاع والتنازل عن جزء من اراضينا لغيرنا. بينما هذا الغير لم يخرج منه شخص واحد يطالب بمثل ما طالب به العشرات من صحفيينا وإعلاميينا وسياسيينا وفنانينا ورياضيينا!! ما الذي أحدث هذا التحول الرهيب في الشخصية المصرية وأفقدها الكثير من الولاء والتمسك بهويتها وتاريخها وتراثها؟ هل هو الفقر؟ الإجابة لا بالطبع!! ففضلاً عن اننا دولة ليست فقيرة فإن هناك كثيراً من الدول أفقر منا كثيرا يعتز فيها المواطن بتراثه وتاريخه وجنسيته ولا يغادر ارضه إلا للتعليم والتدريب والعودة لتطوير بلاده ويعتز برموزه ويتغني ببلاده في كل مكان ويري هذه الرموز اسماءاً مقدسة بقدر ما قدمت لبلادها. بينما نحن لم يعد لدينا كبير من الملك رمسيس وحتي جمال عبدالناصر والسادات الكل تم تشويه تاريخه والافتئات عليه بالحق وبالباطل. حتي لم يعد لدينا ما نفخر به أمام العالم. الشيء الوحيد الذي نجحنا فيه هو الجدل العقيم وتشويه التاريخ وتشويه الناجحين والتقليل من المنجزات ومن صنعها. تا نعبث فيه.. اصولنا نتجادل حولها. ديننا اصبح مقسماً حسب المزاج الي إسلام معتدل وإسلام متشدد وإسلام جهادي وإسلام تكفيري وإسلام سني وإسلام شيعي وإسلام بهائي الي آخر هذه التسميات. لقد أصيبت الشخصية المصرية بشروخ عميقة في تركيبتها فلم تعد تلك الشخصية السوية المرحة المتسامحة القادرة علي الابتكار والابداع وتغيير واقعها الي الأفضل بل أصبحت شخصية معقدة متأثرة بفقه وسلوك الصحراء رافضة التطور ومتمسكة بروايات الأثر وقصص الصحراويين وحكايات الأولين. انانية. جشعة واستحواذية. الفرد يريد كل شيء لنفسه ولا شيء للآخرين. حتي اصبحت الدولة مجموعة عائلات مترابطة المصالح والعلاقات تتوارث المصالح والوظائف وتتقاسمها مع بعضها ومع اتباعها فعادت من جديد عبارة "واسطتك مين" هي بطاقة المرور نحو الوظائف الهامة والمواقع الحساسة في البترول والكهرباء وغيرها وأصبحت الحياة وقفا علي أهل الثقة وأهل الواساطة وليس علي أهل الكفاءة والخبرة بل اصبح هؤلاء هم أهل البطالة والفقر. لقد عدنا من جديد الي مجتمع نصف في المائة! ذا المصف اصبح يحتكر كل شيء ويتحكم في كل شيء من الإبرة الي الطيارة وترك الشعب يطحن في بعضه ويحسد بعضه ويحقد علي بعضه ويجتر الامه وحزنه علي ضياع فرص من الممكن ان تكون من نصيبه لو ان هناك قدراً من العدالة الاجتماعية.. ياسادة الحل في: العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص!!