اجتمعت سبعون دولة من مختلف قارات العالم في مؤتمر باريس للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بمبادرة فرنسية ودعوة من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند. واتفقت هذه الدول علي عدة مبادئ أساسية مهمة في مقدمتها إقرار حل الدولتين.. وأن يلتزم هذا الحل بحدود عام 1967 وفقاً للمرجعيات الدولية. وأن يمتنع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب. واعتبار هذه الخطوات إذا تمت غير مشروعة. وحدها بريطانيا التي تحفظت علي هذه البنود. واجتمع وزراء الاتحاد الأوروبي في خطوة استباقية لأي قرار من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلي القدس. وقرروا معارضتهم لهذا التوجه. وحدها بريطانيا التي تحفظت علي هذا القرار. رغم أنها لم تخرج بصفة نهائية من عضوية الاتحاد بعد. بريطانيا بالموقفين المذكورين لا تريد فيما يبدو أن تحتفل هذا العام بمئوية "وعد بلفور" الذي أصدره وزير خارجيتها عام 1917. وقد تم تفريغ الوعد من أي جزء من مضمونه. ولاءً من حكومتها الحالية للوعد وصاحبه. وللحركة الصهيونية التي كانت وراءه. بلفور وعد اليهود بفلسطين.. فلتكن فلسطين لهم بالكامل. وليذهب أهلها الفلسطينيون إلي الجحيم. لاشيء لدي حكومة تريزا ماي اسمه "حل الدولتين".. ولا وجود في أجندتها لما يسمي بحدود ..1967 ولا حرج لأي خطوات أحادية الجانب طالما كان هذا الجانب هو.. إسرائيل. ولو فعلها ترامب ونقل سفارته للقدس فسوف تكون بريطانيا أول من يلحق به وسوف تنقل تريزا سفارة بلادها إلي جوار السفارة الأمريكية. والحق أنه ليس موقف حكومة تريزا ماي وحدها. فقد كان سلفها ديفيد كاميرون كذلك. لا ننسي أنه الذي فتح أبواب بريطانيا في وجود حكومته أمام تنظيم الإخوان الإرهابي وقياداته الهاربة من مصر بجرائمها الإرهابية ضد المصريين. لا ننسي خروجه علي كل التقاليد والأعراف الدبلوماسية بل واللياقة الشخصية في تعامله مع الزيارة الوحيدة التي قام بها الرئيس السيسي لبريطانيا في عهده. ولا منعه السياحة البريطانية لمصر دون أي سبب يمس البريطانيين ولا بياناته التحذيرية لمواطنيه في مصر من الخروج من منازلهم خشية أحداث إرهابية لا وجود لها. لكن.. دعونا من كاميرون فقد ذهب.. وفي كل الأحوال فإن موقفه من القضية الفلسطينية كان أقل سوءاً من موقف حكومة تريزا. وهنا أقول: ليس أمام الفلسطينيين في هذا الموقف سوي دول الخليج ومجلس التعاون الخليجي الذي يجمعها. فقد اختارت قمة المجلس الأخيرة في ديسمبر الماضي رئيسة الحكومة البريطانية لتكون ضيف الشرف في هذه القمة. في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ قمم المجلس وهي أن يكون هناك رئيس أجنبي ضيف علي القمة. ولابد أن علاقة المجلس ودوله الست برئيسة الحكومة البريطانية بمقتضي هذا الاختيار هي الأوثق. وقدرته وقدرة دوله علي التأثير في سياساتها وتوجهاتها هي الأكبر. وليس متصوراً أن ينال شرف حضور القمة الخليجية وما يترتب عليها من مكاسب من يعادي الفلسطينيين وينحاز مائة بالمائة لإسرائيل.