لماذا ننتظر دائماً أن يوجهنا أحد للقيام بواجبنا.. ولا نقوم بهذا الواجب من تلقاء أنفسنا؟! السؤال دق رأسي بعنف وأنا أستمع إلي رئيس الجمهورية خلال الجنازة الرسمية لشهداء الكنيسة البطرسية.. وهو يطالب الحكومة والبرلمان بضرورة التحرك بشكل أسرع لتعديل القوانين المكبلة للقضاء وإصدار التشريعات اللازمة لمعالجة القضايا الخاصة بالإرهاب وبشكل حازم وناجز. وعقب هذا النداء من رئيس الجمهورية تعاقبت ردود الأفعال فقد رحب نادي القضاة بهذا الطلب وأكد المستشار محمد عبده صالح عضو مجلس إدارة نادي القضاة أن النادي يؤكد أن تعديل القوانين البالية وخاصة قانون الإجراءات الجنائية هو الحل السريع والأساسي للقضاء علي مشكلة بطء التقاضي. وانتفض مجلس النواب ولوح بتعديل الدستور لمواجهة الإرهابيين وإحالتهم لمحاكم عسكرية.. وقرر استمرار انعقاد الجلسات لحين الانتهاء من القوانين.. وكلف د. علي عبدالعال رئيس مجلس النواب اللجنة التشريعية والدستورية بتجميع كل الاقتراحات والآراء التي تقدم بها الأعضاء ودراستها.. ومراجعة القوانين المتعلقة بالإرهاب وقانون الإجراءات الجنائية لوضع تقرير مفصل بتعديل ما يلزم من هذه القوانين. قال رئيس مجلس النواب: الرأي العام ينتظر منا الأفعال.. تكلمنا كثيراً والآن جاء وقت العمل.. ودعا الحكومة لضرورة حضور اجتماعات اللجنة وعرض ما تنتهي إليه اللجنة علي المجلس خلال أسبوع. ثم أعلن د. حسام الدين عبدالرحيم وزير العدل أنه حان الوقت لتعديل قانون الإجراءات الجنائية لتسريع إجراءات التقاضي.. مشيراً إلي أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل القانون والذي سينتهي خلال شهر. بصراحة قلت في نفسي يا سبحان الله.. أين كان كل هذا النشاط وهذه الحمية منذ وقت طويل.. ففي نفس المكان الأسبوع الماضي وتحت عنوان: عفواً.. سيادة وزير العدل!! اختلفت تماماً مع تصريحات الوزير للزميلة الأخبار التي أعلن فيها أن تأخير الفصل في القضايا يؤكد عدالة المحاكمات.. وقلت بصريح العبارة إن مطالبة المجتمع بالعدالة الناجزة لا تعني مطلقاً ألا تتحقق العدالة في المحاكمات.. وشددت علي أننا مطالبون بسد الثغرات التي يستغلها البعض لإطالة أمد التقاضي حتي يتحقق الردع والزجر للجاني الذي يرتكب جريمته ويظل سنوات وسنوات حتي يتم الحكم عليه ويكون المجتمع قد نسي الجرائم التي ارتكبها في حقه!! قلت هذا الكلام قبل أن تقع الكارثة التي هزت مصر بأسرها في الكنيسة البطرسية.. وعبر الرئيس بصدق وموضوعية عن ضمير المجتمع الذي يلح كثيراً علي طلب العدالة الناجزة ورغم ذلك لا يتحرك أحد من الحكومة والبرلمان للمواجهة وفي الاتجاه الصحيح لأداء الواجب.. بدليل أن رئيس مجلس النواب اضطر للاعتراف بهذه الحقيقة عندما قال: "الرأي العام ينتظر منا الأفعال.. تكلمنا كثيراً والآن جاء وقت العمل". أما في جانب الحكومة وتحديداً وزارة العدل فقد أكد المستشار خالد النشار مساعد وزير العدل لشئون الإعلام ومجلس النواب أن وزير العدل شكل لجنة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية.. بما يحقق العدالة الناجزة ويقضي علي مشكلة بطء التقاضي.. موضحاً أنه بناء علي توجيهات رئيس الجمهورية بضرورة تعديل القوانين المكبلة للقضاة والتي تطيل أمد التقاضي تقرر تشكيل هذه اللجنة.. فهل هذا معقول يا سادة..؟! ولماذا لا نتحرك من تلقاء أنفسنا في مصر الجديدة التي نريدها؟ ولماذا لا يقوم كل منا بدوره دون أن ينتظر التوجيه لما يجب أن يقوم به؟! بصراحة.. المرحلة تحتاج رجالاً من نوع خاص.. فهل نفعل؟! أتمني.