أصدر النائب العام المستشار نبيل صادق قراراً بحبس المتهمين الأربعة وبينهم سيدة 15 يوماً علي ذمة التحقيقات علي خلفية اتهامهم بالتخطيط وتنفيذ تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية الذي أسفر عن مصرع 24 شخصا واصابة 47 آخرين. كما أمر بضبط وإحضار جميع المتهمين الهاربين. وجهت لهم النيابة العديد من الاتهامات تلخصت في الانضمام إلي جماعة أسست علي خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلي تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء علي الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة التي كلفها الدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والعمل علي تحقيق أغراض الجماعة إلي تغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء علي المنشآت العامة والبنية التحتية لمرافق الدولة ودور العبادة والمنشآت الدينية وكان الارهاب احدي وسائلها التي تستخدمها هذه الجماعة في تحقيق أغراضها والتحريض علي الأعمال الارهابية والتخطيط لارتكاب تفجيرات ارهابية وقتل والشروع في قتل المواطنين المسيحيين داخل كنائسهم وإمداد جماعة أسست علي خلاف أحكام القانون بالأسلحة والذخائر والمفرقعات والمهمات اللازمة لارتكاب جرائمهم وحيازتها والتواصل مع قيادات الجماعة الارهابية بالخارج بغرض تنفيذ أعمال ارهابية واستهداف الأمن القومي للبلاد والوحدة الوطنية وضرب الاقتصاد المصري. أشار مصدر قضائي إلي أن التحقيقات مازالت جارية معهم باستثناء فترات راحة بسيطة.. وأكد أن المعلومات التي توصلت إليها النيابة حتي الآن عن المتهم الهارب مهاب مصطفي السيد قاسم والمطلوب ضبطه وإحضاره أنه اعتنق أفكار سيد قطب وانضم لتنظيم أنصار بيت المقدس. حيث سافر إلي دولة قطر خلال عام 2015 وارتبط بشكل قوي مع بعض قيادات جماعة الإخوان الارهابية الهاربة الذين تمكنوا من احتوائه وإقناعه بالعودة للبلاد لتنفيذ عمليات ارهابية بدعم مالي ولوجيستي كامل من الجماعة في اطار زعزعة استقرار البلاد واثارة الفتن وشق الصف الوطني. تبين أنه عقب عودته للبلاد توجه إلي محافظة شمال سيناء وتواصل مع بعض الكوادر الارهابية الهاربة هناك. حيث قاموا بتنظيم دورات تدريبية له علي استخدام السلاح وتصنيع العبوات التفجيرية لفترة ثم عاد لمحل إقامته وهو الذي قام بتصنيع الأحزمة الناسفة التي استخدم احداها في تفجير الكنيسة. كما ثبت استمرار تواصله مع الإخوان الهاربين في قطر ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي كلفه بالبدء في الإعداد والتخطيط لعمليات ارهابية تستهدف الأقباط بهدف اثارة أزمة طائفية واسعة خلال الفترة المقبلة دون الإعلان عن صلة الجماعة بها. حيث قام المذكور بتشكيل مجموعة من عناصره المتوافقة معه فكرياً وأعد لهم دورات تدريبية بأحد الأوكار بمنطقة الزيتون بمحافظة القاهرة استعداداً لتنفيذ بعض العمليات الارهابية. كما تلقت النيابة منشوراً تم ضبطه في مسكن المتهم الهارب أصدره تنظيم جديد بالخارج يسمي المجلس الثوري المصري أحد الأذرع السياسية للجماعة الارهابية بالخارج مؤرخ بيوم 5 ديسمبر الجاري يتوعد قيادة الكنيسة الأرثوذكسية بسبب دعمها للدولة. اعترافات المتهمين وقد أدلي المتهمون الأربعة في التحقيقات باعترافات مثيرة تكشف مدي ارتباطهم بالجماعة الارهابية واعتناقهم للأفكار التكفيرية. قال المتهم رامي محمد عبدالحميد عبدالغني: أنا حاصل علي بكالوريوس تجارة وانضممت لجماعة الإخوان منذ عدة سنوات وكانت زوجتي علا حسين أحد العناصر الفعالة داخل الجماعة وبعد مقتل القيادي الإخوان الكبير محمد كمال مسئول الحراك المسلح علي مستوي الجمهورية أصيب التنظيم بحالة من الارتباك الداخلي حتي صدرت لنا تعليمات من الخارج بأن مهاب مصطفي السيد قاسم الذي كنا نطلق عليه لفظ الدكتور إذ يعمل طبيباً هو البديل لمحمد كمال في إدارة الحراك المسلح داخل مصر والإشراف علي تنفيذ التفجيرات والأعمال المسلحة. كان الدكتور قد سافر إلي العاصمة القطريةالدوحة منذ عام والتقي عددا من القيادات الإخوانية الهاربة هناك وعلي رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي. وعقب مقتل محمد كمال عاد لمصر مجددا وتسلل لسيناء والتقي مجموعات من التكفيرين والعناصر المتطرفة وتعلم تصنيع المتفجرات وتدريب الكوادر علي التكتيك المسلح والقنص عن بُعد وتنفيذ التفجيرات. أضاف المتهم في اعترافاته: الدكتور كان يستقبل بعض الشباب في محيط سكنه بمنطقة الزتيون ويشرح لهم التكتيكات العسكرية وأفكار سيد قطب وبعض الأفكار المتشددة للعناصر التكفيرية ويحثهم علي العنف والتخريب وأكد لهم أن يوم 5 ديسمبر الماضي صدرت لهم تعليمات من القيادات الارهابية بالدوحة بالقيام بعمل تخريبي في مصر يستهدف الأقباط نظراً لمساندة الكنيسة للدولة ودورها في ثورة 30 يونيو والاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي. طلب الدكتور ترشيح بعض الاسماء للقيام بالأعمال التخريبية علي أن يكون لديهم استعداد لتفجير أنفسهم في أي وقت ولم يكن لدينا سوي محمود شفيق المعروف عنه ولاؤه الشديد للجماعة واعتناقه للأفكار المتشددة. خاصة أنه رغم حداثة سنه التي لم تتخط 22 سنة إلا أن سجله الإجرامي كبير إذا سبق له الارتباط بإحدي الأسر الإخوانية في محل إقامته بالفيوم وتلقي تدريبات علي تأمين مسيرات الجماعة باستخدام الأسلحة النارية وتم ضبطه أثناء قيامه بذلك وبحوزته سلاح آلي في القضية رقم 2590/2014 إداري قسم الفيوم. وتم إخلاء سبيله بقرار من المحكمة. عقب ذلك هرب إلي القاهرة فاستضفته للإقامة في منزلي وألحقناه بإحدي البؤر التكفيرية لإعداده لاعتناق الأفكار المنبثقة من فكر الإخواني سيد قطب. تلقي محمود شفيق تدريبات سريعة خلال أيام قليلة وأبدي رغبته في القيام بالعمل الانتحاري. فتم تجهيز الحزام الناسف له لدينا. وكان سعيداً بعدما أكد له قيادات الإخوان بالدوحة أن مصيره الجنة لأنه يقوم بعمل يخدم الدين. ونفذ محمود شفيق ما طلب منه بالفعل. أما المتهمة علا حسين محمد زوجة المتهم الأول.. فقالت في التحقيقات: تزوجت رامي محمد الذي يكبرني بسنتين منذ عدة سنوات وضمني لجماعة الاخوان إذ كنت أتولي مسئولية الإشراف علي الصفحات والكتائب الإلكترونية للجماعة عبر السوشيال ميديا والإنترنت وكنت مسئولة عن تهييج الشارع المصري في قضايا الرأي العام ومنها غلاء الأسعار والدولار والقبض علي الشباب والنشطاء السياسيين واختفاءهم قسرياً إلي جانب قضايا الحريات وكان لي دور بارز في الجماعة. تابعت المتهمة علا قائلة: لم يتوقف دوري عند هذا الحد وإنما كنت أساعد زوجي في التواصل مع القيادات الإخوانية الهاربة لقطر وتركيا وعبر التقنيات الحديثة للهرب من الملاحقات الأمنية. ويوم الحادث أنا اللي فطرت محمود شفيق بإيدي قبل ما يفجر الكنيسة وغمرتني السعادة عندما شاهدت أدخنة الانفجار تتصاعد بجوار الكاتدرائية. وقد أكدت في بداية التحقيقات معها أنها تبلغ من العمر "31 عاما" ومتزوجة من محمد عبدالحميد محمد والمتورط أيضا في تفجير الكنيسة وهي ربة منزل ولا تعمل في أي وظيفة حكومية أو خاصة وأم لطفلين وتسكن في مساكن المشروع السويسري بمدينة نصر وشاركت في اعتصام رابعة العدوية وتلقت تعليمات من تنظيمات ارهابية لتنفيذ عمليات في مصر بعد فض الاعتصام. كما شاركت في تفجير الكنيسة البطرسية. أدلي المتهم الثالث محمد حمدي عبدالحميد عبدالغني باعترافات تفصيلية تخص العملية الارهابية.. فقال: كان دوري في القضية متابعة محمود شفيق وتوفير الأماكن التي يتردد عليها في القاهرة سواء في مدينة نصر أو الزيتون للابتعاد عن الملاحقات الأمنية وساهمت في تجهيز المواد المتفجرة والحزام الناسف وإعداده جيداً قبل الحادث بساعات. كما كان دوري في الواقعة هو تحديد الأماكن التي يتم تدريب محمود شفيق فيها وتنظيم اللقاءات السرية بينه وبين الدكتور الذي يتلقي التكليفات من الدوحة ويشرحها لمحمود شفيق في أماكن كنت اختارها بعناية شديدة بعيداً عن الملاحقات الأمنية. اعترف المتهم محسن محسن مصطفي السيد قاسم بأنه شقيق الدكتور مهاب وغمرته السعادة عندما وقع اختيار جماعة الإخوان علي شقيقه بديلاً للقيادي محمد كمال بعد مقتله.. وقال: كان شقيقي يرسل معي بعض التكليفات لنقلها للعناصر الإخوانية حتي لا يظهر في المشهد إذ كان لا يثق في أحد إلا أنا ونجحت في تمرير العديد من التكليفات. أضاف أن التكليفات الصادرة من جماعة الإخوان الارهابية منذ عدة أشهر كانت تقتضي تنفيذ أعمال ارهابية تستهدف الأقباط في أعيادهم وخلال الاحتفال برأس السنة إلا أن الأحداث الأخيرة من قتل كوادر العناصر الإخوانية في الصعيد والقليوبية عجلت بموعد تنفيذ الحادث. فضلاً عن رغبة التنظيم في ضرب موسم السياحة في مصر تزامناً مع اقتراب رأس السنة الميلادية. وأوضح أنه تم اختيار موعد التنفيذ بعناية إذ يقام في هذا الموعد قداس كبير والذي صادف يوم اجازة المولد النبوي ما يعني وجود كل الأسر داخل الكنيسة وهو ما يحقق المخطط المستهدف بإسقاط أكبر خسائر بشرية. الانتحاري كان هادئ الطباع وفي إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث كشفت تحريات الأجهزة الأمنية أن الانتحاري محمود شفيق محمد مصطفي كان هادئ الطباع قليل الكلام يسمع أكثر مما يتحدث وتحول بشكل كبير عقب حكم جماعة الإخوان المسلمين وبدأت تتغير أفكاره بعد حضور الدروس الدينية في مسجد التوحيد وكان يضم آنذاك العديد من عناصر الجماعة وبعض الجماعات التكفيرية التي غيرت من فكره وتحول إلي الأسوأ وبدأ يعارض كل من لا يتبع هذا الفكر. خاصة عقب فض اعتصام رابعة بدأ يشارك في المسيرات التي تخرج ضد نظام الدولة القائم وتم إلقاء القبض عليه لانضمامه لجماعة محظورة ومشاركته في مظاهراتها بالمخالفة للقانون وتم إخلاء سبيله في شهر مارس 2014 وهجر القرية منذ ذلك التاريخ بعدما عرف أنه مطلوب أمنياً. شهادة راعي الكنيسة في السياق فقد استمعت النيابة إلي شهادة القمص أنطونيوس راعي الكنيسة البطرسية الذي قال إنه التقي مساء يوم السبت في تمام الحادية عشرة مساء عشية العمل الإجرامي مع الارهابي محمود شفيق في حضور أحد خدام الكنيسة وأن الارهابي كان حاملاً معه شنطة سوداء وقد قال إنه مسلم ولكنه يريد بعض الكتب المسيحية وطلب الدخول إلي الكنيسة لكن طلبه قوبل بالرفض لأن الكنيسة قد أغلقت أبوابها وانتهت من التسبحة. كما أن مكتبة الكنيسة قد أغلقت وإذا أراد شراء كتب منها فعليه الحضور في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي وبالفعل جاء في هذا الوقت. كما استمعت النيابة إلي مرقص مختار أمين مدرسة الشمامسة بالكنيسة الذي تحدث إلي الارهابي عشية التفجير فقال: بعد ما انتهت التسبحة كنا نقف خارج الكنيسة وكان الولد يحمل حقيبة سوداء. وقال إنه مسلم وعايز أعرف عن الديانة المسيحية. فطلبنا منه العودة في اليوم التالي وسيجد ما يريده من كتب في العاشرة صباحا حيث موعد فتح مكتبات الكاتدرائية. وفوجئنا بالانفجار في تمام العاشرة صباحا وتوقعنا في بادئ الأمر أن احدي السيدات دخلت وهي تحمل متفجرات داخل حقيبة يدها لكن بعد إعلان رئيس الجمهورية عن الجاني وحين رأينا الصورة تعرفنا عليه علي الفور. أقوال المصابين وقد استمعت النيابة عن الحالة الصحية للمصابين الذين يتلقون علاجهم بمستشفيات الدمرداش ودار الشفاء والجلاء العسكري والمعادي للقوات المسلحة تمهيداً لانتقال فريق من النيابة العامة للاستماع إلي أقوالهم. حيث تتلقي 11 حالة الرعاية الصحية بالعناية المركزة بينها حالتين وضعهما الصحي حرج بمستشفي دار الشفاء و7 بمستشفي القوات المسلحة بينهم 3 أطفال وحالة بمستشفي المعادي. قال المصابون الذين استمعت النيابة إلي أقوالهم إنهم كانوا في نهاية القداس الصباحي وكانت الكنيسة مزدحمة بالحضور وأثناء انشغالهم بالصلاة شعروا بموجة هائلة ترفعهم عن الأرض وتلقي بهم في جنبات الكنيسة ومع هذه الموجة الهائلة سمعنا دوياً هائلاً لصوت تفجيرات أطاحت بكل شيء موجود في الكنيسة التي تحولت إلي بركة من الدماء والاشلاء. وعقب ذلك لم نشعر بشيء غير في المستشفيات. كما أدلت احدي الفتيات من المصابين بشهادتها فقالت إنها رأت شاباً غريباً ومخيف الملامح وقف بجوارها أثناء القداس وبعدها بلحظات وقع الانفجار.