في حديث تليفزيوني بين الزميل مفيد فوزي وعالم الآثار د. زاهي حواس الوزير السابق.. ذكر مفيد فوزي كتابي عن أشهر السرقات من المتاحف والاحصائيات والوقائع التي قدمتها في الكتاب. فنفي الدكتور زاهي حواس حدوث أي سرقات وتحدث عن كتابي باستهتار واستنكار لما فيه من الوقائع. ومن بين ما يؤخذ علي الدكتور زاهي حواس مطالبته الالمان بالسماح باستعارة تمثال رأس نفرتيتي "المعروضة في متحف برلين حاليا" لمدة ثلاثة أشهر خلال الاحتفال بافتتاح متحف الآثار الجديد الجاري بناؤه بمنطقة الأهرام. أخطأ الدكتور زاهي حواس عندما طلب استعارة تمثال تملكه مصر. وسرق منا عندما أخرجه عالم الآثار اللص أو مهرب الآثار الدكتور لودفيج بورخارت "رئيس بعثة الجمعية الألمانية للآثار" التي حصلت علي امتياز التنقيب في اطلال مدينة "أخيتا تون" التي تسمي حاليا تل العمارنة. الوقائع التي ذكرتها في كتابي عن أشهر السرقات من المتاحف هي نقلاً عن إحدي محاضرات أستاذنا وأستاذ الدكتور زاهي حواس: المرحوم الدكتور زكي إسكندر مدير المعمل الكيماوي بالمتحف المصري لسنوات طويلة وهو الذي اكتشف مواد التحنيط عند قدماء المصريين وطريقة تحنيط جثمان الملك قبل دفنه وقد أقام معرضاً لهذه الأدوات في مدخل دار الآثار عام 1992 وكان قد قام بتحنيط بطة عام 1936 بطريقة المصريين القدماء.. وذكر لنا خلال محاضراته عن الخامات والأدوات عند قدماء المصريين عندما شرح كيفية تدريب الصبيان قديماً علي تطعيم العين بالأحجار الملونة ومثال ذلك العين الفارغة في تمثال نفرتيتي.. وبهذه المناسبة شرح لنا كيفية تهريب التمثال الذي عثر عليه اللص خلال الحفريات بمشغل النحات تحتمسيس بمدينة اخيتاتون. فقد عثر علي التمثال في المنطقة التي كانت تشغلها ورشة النحت الملكية خلال حكم اخناتون. فأخذ التمثال الجميل الملون من بين الرمال ونقله بحرص إلي خيمته حيث طمس معالم الوجه والألوان بأن رش علي سطحه طبقة من الجبس وهو سائل قبل أن يتحجر وذلك بعد طلائه بمادة عازلة مثل الصابون أو الزيت ليمنع التصاق الجبس بألوان التمثال ودفنه في أرضية خيمته الترابية حتي انتهاء موسم الحفريات عام 1923. ولما أخرجه من تراب الخيمة كان الجبس الجديد قد جف وأصبح يبدو قديما وكأنه تمثال ناقص من الجبس. ولأنه تمثال من الجبس فقد سهل خداع المصريين عند اقتسام المكتشفات ولو كان من الحجر الجيري كما يعلن دون علم الدكتور زاهي حواس لاكتشف المسئولون في هيئة الآثار بالمتحف المصري بالقاهرة أنه تمثال من الحجر نتيجة لوزنه الثقيل عليه طبقه من الجبس الأخف وزناً.. مما يستدعي فحصه. وفي هذه الحالة حالة اختلاف الوزن عن المظهر كان مسئولو الآثار في المتحف المصري رفضوا خروجه. كان الاتفاق أن تحصل مصر علي الأعمال الفنية الهامة المكتشفة ويعتبر هذا التمثال أهمها أما الأعمال المتكررة فيتم اقتسامها بين بعثة الجمعية الألمانية للآثار التي حصلت علي تصريح بالتنقيب في هذه المنطقة وبين المتحف المصري حيث تم اقتسام المكتشفات. عندما عادت البعثة الألمانية إلي برلين قام المهرب اللص "بورخارت" بإزالة طبقة الجبس الجديدة ليظهر التمثال الملون الرائع تحتها. وبمجرد الإعلان عن هذه التحفة النادرة أعلنت مصر احتجاجها وطلبت إعادة التمثال المسروق الذي خرج بالتحايل وبطريقة غير شريفة وهو عكس ما يدعيه وزير الثقافة الألماني من أن مصر لم تطلب إعادة التمثال رسمياً وأن خروجه تم بطريقة شرعية طبقا لتقاليد ذلك العصر.. واستمرت المفاوضات حتي استولي هتلر علي الحكم في ألمانيا والتقي بالسفير المصري وأوضح هتلر لسفيرنا ضرورة استعادة مصر لتمثالها.. وعندما نشرت أجهزة الإعلام وقائع هذه المقابلة طلب مدير متحف برلين من "الفوهلر" زيارة المتحف حيث عرض عليه التمثال التحفة.. فأعلن هتلر في خطبته المدوية عام 1933 بالنص "أن نفرتيتي هي محبوبتي ولن تخرج من ألمانيا".. وتوقفت المفاوضات حتي عاد ذكر حق مصر في هذا التمثال خلال اجتماعات منظمة اليونسكو بباريس ضمن مناقشات إجراءات مقاومة تهريب الآثار وإعادة التماثيل واللوحات المسروقة إلي أصحابها. ورغم نفي وزير الثقافة الألماني لحق مصر في استرداد التمثال أو حتي استعارته كما طلب الدكتور زاهي حواس بتواضع شديد فقد حاول الألمان اسكات الآثريين المصريين بالإعلان عن إقامة "المتحف الآتوني" في المنيا.. وآتون هو معبود اخناتون الذي حاول أن يضعه فوق آلهة طيبة.. لكن بعد فترة أثبتت أبحاث أساتذة كلية الهندسة بجامعة المنيا أن الأرض التي شرعوا في إقامة المتحف عليها هي تربة اسفنجية لن تتحمل البناء فوقها فتوقف المشروع وضاع المقابل الذي كان الألمان يهدفون إلي اسكاتنا به. وانني اقترح رداً علي ادعاءات وزير الثقافة الألماني أن نخصص حجرة خالية من المعروضات في المتحف الجديد الذي يقام في منطقة الأهرامات ونطلق عليها حجرة نفرتيتي ونعلق علي بابها صورة التمثال المسروق وقصة تهريب بورخارت لاجمل التحف التي عثر عليها والصورة بنفس ارتفاع التمثال وهو 48 سم وعرض قاعدته 5.19 سم. بهذا الإعلان العالمي عن اللص والتمثال المسروق يتوقف ادعاء وزير الثقافة الألماني باننا لم نطلب إعادته كما ينفي ما يفعله الدكتور زاهي حواس عندما طلب في حياء شديد استعارة تمثالنا لمدة ثلاثة أشهر.. هذا بخلاف ما يتحتم أن تدفعه ألمانيا من تعويضات عن اجتذاب السياج والمبالغ التي قامت بتحصيلها من عشاق تمثال نفرتيتي بمن فيهم أدولف هتلر الذي جعل من التمثال أحد معاركه ضد الحلفاء.