لقد استدارت الأيام وتعطرت الأجواء بذكري مولد سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم وهلت بشائر الخير احتفاء بطلعته البهية فأنوار الحق تبارك وتعالي قد صاحبت هذا المولود الهاشمي ولا غرو فرب العزة قال في كتابه الكريم: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" 107 الأنبياء وحين نتأمل مسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم نري معالم الطريق بصورة تبهر كل من يتابع فصول حياته صلي الله عليه وسلم فقد اشرقت أنواره حين خرج من رحم أمه آمنة بنت وهب. فقد رأت نوراً خرج منها عم المشرق والمغرب. نسمات الخير تعم الدنيا كلها والرحمات لكل البشرية بعيداً عن نزعات العرق والطائفية بكل آشكالها الناس جميعاً سواسية كلكم لآدم وآدم من تراب. أدب وأخلاق في كل التعاملات الإنسانية تتجلي بأبهي صورها في كل تحركاته!! هذه الصفات الطيبة لرسول الإنسانية محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم أثارت انتباه صديقه ورفيق دربه منذ الصغر أبي بكر الصديق حيث قال له: إنني أعرف القبائل العربية والانساب لكن فما وجدت أحسن منك خلقاً وتأديباً فمن أدبك يا رسول الله؟ قال صلي الله عليه وسلم: أدبني ربي فأحسن تأديبي" وهذا الأدب الرباني انعكس علي مسيرته صلي الله عليه وسلم منذ بدء حياته وخلال مسيرته التي استمرت نحو ثلاثة وستين عاماً. كان نموذجاً يفيض بالرحمات علي كل من تعامل معه. التواضع بأسمي المعاني في حديثه مع تلك السيدة التي قدمت إلي مجلسه وتتهيب الموقف لكنه طمأنها وقال لها بتواضع: أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد من قريش. مما يؤكد أن محمداً بن عبدالله صلي الله عليه وسلم قد التف الناس من حوله حتي من لم يؤمنوا برسالته وقد أطلقوا عليه صلي الله عليه وسلم ألقاباً تنطق بمدي سماحته وحسن تعامله. فهو الصادق الأمين صاحب الخلق العظيم. وقد بدت ملامح النجابة وحسن التصرف منذ صغره صلي الله عليه وسلم بصورة لفتت انتباه جده عبدالمطلب فأحاطه بعنايته ورعايته ولم تغفل عيناه عن متابعته وكان يصطحبه في تحركاته ويجلسه بجواره ويحب متابعته أثناء جلوسه مع كبار القبائل بجوار الكعبة وقد كان عبدالمطلب مهاباً في قومه ولا يستطيع أحد أن يجلس مكانه في البيت الحرام لكن هذا الفتي الصغير حفيد عبدالمطلب تخطي هذه التقاليد وجلس مكان جده وعندما تقدم البعض لمنعه من الجلوس في هذا المكان تدخل عبدالمطلب وقال لهم: اتركوه فإن ابني هذا سيكون له شأن. متنبئاً بمستقبل عظيم للحفيد وقد تحققت هذه النبوءة وبعث الله محمداً هادياً ومبشراً ونذيراً للإنسانية بأسرها. ومنذ أن أعلن الرسول صلي الله عليه وسلم دعوته استجاب البعض وأبي آخرون وعندما سأل هؤلاء الذين رفضوا الاستجابة لدعوته قائلاً: هل جربتم علي كذبا. فأجابوا جميعاً: أنت الصادق الأمين لكن لن نترك دين الأباء والأجداد. وصدق الله العظيم إذ يقول: "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" من الآية 33 الأنعام. ورغم كل هذا التعنت إلا أن هؤلاء كانوا لا يجدون أحداً غير الصادق الأمين لكي يودعوا لديه أماناتهم وعقودهم. وقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم حريصاً علي حفظ هذه الأمانات وردها لأصحابها. تلك هي القيم والمبادئ التي أرسي معالمها سيد الخلق في نفوس أصحابه الذين استجابوا لدعوته. وقد كان صلي الله عليه وسلم أشد حرصاً علي بناء الإنسان وكان هذا الهدف في مقدمة الأولويات لدي رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأن تكون قيم العدل والسماحة والرحمة هي السمة الأساسية في تعاملاتهم مع الآخرين. ليت المهتمين بالشئون الاجتماعية والقيم الإنسانية يستلهمون هذا الأسلوب في بناء الأجيال هذه الأيام والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم. إن الإنسانية في أشد الحاجة للاقتداء بالرسول في بناء البشرية وتربية الأجيال علي المبادئ التي ترتقي بالإنسان والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.