بالرغم من إعلان هيئة الأرصاد أكثر من مرة عن نوات شتوية قاسية سوف تتعرض لها الاسكندرية إلا أن الحقيقة جاءت مخالفة للتوقعات بعد أن شهدت الاسكندرية فشل أكثر من نوة هامة علي رأسها نوة المكنية وتوابعها وغيرها وبالرغم من سعادة البعض من فشل هذه النوات وارتفاع درجات الحرارة بالثغر إلا أن النتائج البيئية جاءت عكسية وهو ما حذر منه الخبراء. وفي البداية يقول فهمي عميد أستاذ كلية العلوم: إن اختفاء النوات الممطرة من الاسكندرية وهي شيء مقلق لكون مياه الأمطار تقوم بمعادلة نسبة الأملاح بمياه البحر وتهيئ البيئة لتكون صالحة للأسماك ولكن عدم سقوط الأمطار تسبب في زيادة نسبة تبخر مياه البحر وارتفاع نسبة الملوحة به مما يسفر عن تهجير الأسماك بعيدة عن السواحل للوصول إلي أقرب بيئة مناسبة للعيش بها وذلك لعدم ملاءمة البيئة بسبب ارتفاع نسبة الملوحة بها. يقول د.أحمد رضوان أستاذ الطبيعة بالمعهد العالي لعلوم البحار: إنه من المتوقع أن يكون العام المقبل 2017 من أكثر السنوات برودة عن الأعوام السابقة بعد فشل النوات الممطرة وأن هذه الموجة الباردة ستستمر حتي عام 2021 وستشهد الاسكندرية برودة لم تشهدها طوال الأعوام السابقة. مرجحاً أن فشل النوات يرجع إلي الدورات الكاملة الزمنية التي علي أساسها تتغير السنوات الشتوية أو الحارة فهناك دورات قصيرة تستمر لمدة 11 سنة وأخري طويلة تستمر لمدة 70 سنة. حذر د.محمد إسماعيل عبده نائب رئيس جامعة الاسكندرية لشئون جامعة مطروح ومستشار وزارة البيئة من عواقب وخيمة بسبب فشل النوات الممطرة وتأثير ذلك علي الدورة الحياتية للنبات والحيوان بشكل عام بالاسكندرية ولعل من أهم المشاكل التي ستواجهها الاسكندرية هي بحيرة مريوط بعد أن قامت وزارة الري بخفض نسبة المياه بها كإجراء وقائي لعدم غرق المناطق المحيطة للبحيرة مثلما حدث العام الماضي بعد زيادة نسبة الأمطار ولكن العام الجاري ومع عدم سقوط الأمطار سيترتب علي ذلك جفاف المناطق المحيطة بالبحيرة وبالتالي فإن بحيرة مريوط هي أول المتضررين من اختفاء النوات الممطرة وتغذية البحيرة بالمياه. وأضاف عبده أن الأراضي الزراعية بالاسكندرية مهددة بالتصحر وزيادة نسبة الصحراء علي حساب الرقعة الزراعية خاصة الأراضي التي تعتمد علي الأمطار الشتوية في الري وزيادة نسبة الأملاح في الأرض وتكون غير قادرة علي إنتاج المزروعات. بالإضافة إلي أن نقص الأمطار سيهدد المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية بالاسكندرية وذلك ما يؤكده بداية اختفاء ظهور المياه الجوفية بمنطقة العجمي التي كانت تعرف بكثرة ظهور المياه الجوفية. وأضاف أن التلوث البيئي وعوادم السيارات أول وثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان والناتج من المصانع وعوادم السيارات مما أدي إلي الاحتباس الحراري بالكرة الأرضية وتغير المناخ بصورة عامة ولعل ذلك يظهر جلياً بعد اختلاف الطقس خلال الموسم الشتوي ما بين العام الماضي والحالي. أكد د.السيد وجيه السيد أستاذ النباتات بكلية الزراعة أن تأخر النوات هذا العام وفشلها أثر تأثيراً مباشراً علي العديد من النباتات والحاصلات الزراعية لأنها تعد بمثابة موسم لري الحاصلات تنتظره كل عام بصورة دورية لا علاقة للإنسان بها ولكنها طبيعة خلقها الله وبالتالي مع اختفاء الأمطار وارتفاع درجات الحرارة الملاحظ هذه الأيام سيؤدي ذلك إلي عدم نضج الثمار بالصورة المعتادة عليها. مضيفاً أنه لو استمر الحال من تغير البيئة المناخية علي هذا المنوال وتغير الطقس فسوف يؤثر ذلك علي النباتات بشكل مباشر ويكون غير مهيئ لزراعة المحاصيل سواء الصيفية أو الشتوية. وأضاف السيد أنه لا علاقة بزراعة ونضج ثمرة البرتقال أو البلح بالنوات الممطرة ولكن درجات الحرارة هي التي تتحكم في جودة منتج الثمار. تقول د.عبير عبدالمجيد أستاذة قسم الحشرات بكلية الزراعة إن عدم سقوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة الذي تشهده الاسكندرية هذه الأيام أدي إلي انتشار الذباب والناموس والحشرات الضارة التي منها من المفترض أن تبدأ بياتها الشتوي ولكن تأخر انخفاض درجات الحرارة وتأخر النوات الممطرة تسبب في انتشارها حتي الآن وتهيئة البيئة لكي تكون صالحة لظهور الحشرات. علي الجانب الآخر يقول خميس بلال صياد إن قلة النوات خاصة نوة المكنسة التي ينتظرها الصيادون كل عام أدت إلي إنعدام ظهور أم الخلول والسردين البلدي الذي يعشقه أهل الاسكندرية نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود الأمطار. ويضيف محمد عبدالله تاجر أن فشل النوات أدي إلي ارتفاع جنوني في أسعار السمك البوري ليصل إلي 40 جنيهاً للكيلو كما أنه أسفر أيضاً عن ضعف إنتاج البطارخ المستخرجة من البوري لضعف حجمه وذلك لارتفاع درجات الحرارة الذي أدي إلي تغير موسم التزاوج وترتب علي ذلك ارتفاع أسعار البطارخ المملحة التي وصلت إلي 500 جنيهاً للكيلو بسبب قلة المعروض منها ومن المتوقع زيادة هذه الأسعار مع أعياد شم النسيم المقبلة لكون المشكلة ستظل قائمة إلا إذا انهمرت الأمطار. يقول محمد محيسن تاجر إن موسم استخراج البطارخ من الأسماك البوري أصيب في مقتل نتيجة لانخفاض الكميات المستخرجة من المزارع السمكية لسمك البوري بسبب تأخر النوات وعدم سقوط الأمطار وارتفاع أسعارها بنسبة 30% بالمقارنة بالعام الماضي.