أوضح شريف فتحي وزير الطيران طريقة التعامل المجتمعي تجاه السائح في مصر بأنها المفتاح الحقيقي لمنع توقف السياح خاصة الأجانب لزيارة معالمنا السياحية. قال إنه للأسف الشديد إن هذا هو التحدي الحقيقي للدولة المصرية.. ونحن في حاجة إلي سنوات للتغلب علي السلوك السيئ الذي يؤثر علي السياحة بشكل مباشر.. فسلوكنا غير لائق ليس مع العرب فقط لكن مع الجميع.. ومنطق "اهبش واضرب واجري" هو القائم مع السائح في مصر. كلام وزير الطيران عن معاملة المصريين مع السائح أصاب كبد الحقيقة.. فنحن نعتبر السائح لقطة يجب أن تستنزف كل ما في جيبه حتي لو خلعنا ملابسه ليسير عارياً في الشارع!! المقابلة في المطار.. وهو الواجهة الأولي لاستقبال السياح - لا توحي بأن السائح مرحب به في مصر.. ابتداء من جفاء المعاملة والضيق والتذمر وانتهاء بالعمال الذين يساعدونه للخروج من المطار.. فلابد أن يدفع لهم جميعاً ثمن خدمتهم له. فإذا خرج من المطار فيا ويله وسواد ليله.. سيجد في انتظاره سائق التاكسي الذي يفرض عليه إتاوة تساوي خمسة أضعاف ما يسجله العداد.. فإذا رفض السائح ذلك وبحث عن سائق آخر سيندم أنه ترك السائق الأول لأن الثاني سيفرض عليه عشرة أضعاف ما يسجله العداد!! وهكذا كما يقولون فإن "العنوان يبان من جوابه"!! وقس علي ذلك التعامل في الفندق والشراء من المحلات مثل خان الخليلي وغيرها تجد السلعة تعرض علي السائح بأضعاف ثمنها.. ونجد ركوب الخيل أو الجمل في الأهرامات أنيل وأضل سبيلاً.. والمثال الدارج هناك في هذه الأماكن أن السائح يصعد إلي الجمل أو إلي الأهرامات بعشرة دولارات وعند النزول يطلب منه صاحب الجمل 50 دولاراً!! كثير من المصريين زاروا بلاداً أوروبية وغير أوروبية كسياح.. فهل رأي أحد منا هذه المعاملة السيئة في البلد الذي سافر إليه؟! لا يوجد بلد مثل مصر تتعامل مع السائح بطريقة "اهبش واضرب واجري" التي ذكرها وزير الطيران!! ولماذا نخص السائح بهذه المعاملة التي توحي بأنه يجب أن يدفع كل ما في جيبه؟! أليست هذه المعاملة هي ما نلقاه نحن المصريين من سائق التاكسي في المطار.. وحتي إذا فتح الله علي رجل وأخذ أبناءه للمناطق السياحية تجده يعامل كمعاملة السائح.. وسائق التاسكي الأبيض في وسط القاهرة يعطل العداد ويساومك علي الأجرة!! أضرب مثلاً بسيطاً.. في العام الماضي ذهبت إلي الغردقة وقضيت بها أربعة أيام كان عامل المطعم الموجود في الفندق لا يقوم بخدمتك إلا إذا أخذ البقشيش.. وعند الوصول إلي المدينة الساحلية لابد من مساومة سائق التاكسي علي الأجرة ليقوم بتوصيلك.. وعند العودة إلي مطار القاهرة طلب سائق التاكسي 230 جنيهاً ليسمح سيادته بنقلك إلي بيتك مع أن عداد التاكسي لا يسجل أكثر من 50 جنيهاً!! منذ أكثر من 30 عاماً زار ضيف من اليمن الشقيق مصر.. وكنت علي اتصال به.. وبعد انتهاء الزيارة أقسم يميناً مغلظة أنه لن يحضر مرة أخري إلي القاهرة طوال حياته.. وفعلاً أبر بقسمه!! لماذا لأنه وجد استنزافاً لما في جيبه بطريقة مزعجة.. وقال لي: ذهبت إلي أديس أبابا قبل ذلك مرات وكانت المعاملة فيها في منتهي الاحترام!! لماذا نستغرب هذه المعاملة مع السائح؟! من الذي يخفي كميات السكر بالأطنان حتي يبيعها في السوق السوداء.. من يخفي الأرز؟! ومن يذبح الحمير وتشتري لحومها أفخم المطاعم في الفنادق لتقديمها إلي الزبائن؟! من الذي تعود علي الغش والنصب والاحتيال والسرقة وكل الموبقات؟! أليسوا هم المصريين؟! نتباكي علي عزوف السياح عن زيارة مصر.. ومصر هي السبب أولاً وآخراً!!