لم يرض "العامل" في تقطيع الاحجار وحملها من مكان إلي آخر تحت حرارة الشمس المحرقة صيفاً.. وهطول الامطار والصقيع في الشتاء. ولم يقنع بأجره الزهيد من عمله.. والذي يكفي احتياجاته الضرورية بالكاد رغم الجهد الذي يبذله في عمله والشقاء الذي يعانيه كل يوم. هجر المحاجر التي يعمل بها.. وراح يبحث عن عمل آخر يوفر له دخلا أكبر يلبي معه احتياجاته الضرورية.. ويمكنه من توفير جزء منه لبناء مستقبله في حياة جديدة ينشيء منها أسرة ويؤثث مسكناً يستقل فيه مع الحياة التي يحلم بها. راح يبحث عن حرف يمتهن العمل فيها وتنقل بين الورش المختلفة لكنه لم يستقر في أي منها.. وتجول بين المحلات التجارية بحثاً عن عمل سهل يحقق مكاسب أكبر..وعلي مدي أيام طويلة تنقل خلالها من مكان إلي آخرو من عمل إلي آخر إلا ان الفشل كان يلاحقه.. بالاضافة لأن طموحه كان أكبر من الاعمال المتاحة أمامه. أحلام خلال جولاته المتكررة بحثاً عن الربح الكبير والمال الوفير تعرف علي "بائع متجول" يتخذ من عمله ستاراً لترويج المخدرات وتوزيعها بين عملائه من أصحاب المزاج ومدمني الصنف.. وعرف ان تجارته توفر له مكاسب كبيرة وارباحاً تحقق له كل ما يريده أو يحلم به. وقع "العامل" في براثن صديق السوء الذي اغراه بالعمل معه وتحقيق أحلامه من تجارة المخدرات التي توفر له مكاسب كبيرة وسهلة وبجهد صغير يمكن ان يصبح من كبار التجار إذا استطاع توفير جزء من مكاسبه ليشتري البضاعة ويروجها لحسابه. وجدها فرصة سهلة لتحقيق أحلامه.. وانصاع لاغراءات صديق السوء الذي قاده إلي نهايته عندما اصطحبه إلي المعلم ليروج بضاعته من المخدرات مقابل نسبة بسيطة من مكاسبها .. وحصل علي كمية من مخدر "البانجو" وراح يوزعها علي أصحاب المزاج مدمني الصنف بمركز ادفو. الجولة الاولي نجحت جولته الاولي وحصل علي أرباح عمله.. واشتري ملابس جديدة وبعض احتياجاته الضرورية.. وتكررت جولاته بين وكر المعلم وعملائه يحصل علي المخدرات ليوزعها بينهم ويعود بالثمن الذي حدده صاحب البضاعة ليحصل منه علي نصيبه الذي تزايد مع الوقت ورغبته في جمع المال والجهد الذي يبذله في عمله الجديد ومحاولته التعرف علي عملاء جدد ليروج كمية أكبر من المخدرات وتزداد مكاسبه منها. لم يكتف بتلك الارباح.. بل راح يدخر منها الكثير.. واشتري كمية من المخدرات ليجرب حظه في عالم الكبار ويبحث عن مكان له بين الكبار.. وبالفعل بعد فترة باع بضاعته وجني ارباحها.. وعرف مكاسبها وارباح المتجار فيها عندما تدفقت الاموال بين يديه وجدها لعبة سهلة مكسبها سريع وارباحها كبيرة.. وراح يتنقل بين كبار التجار الذين تعرف عليهم خلال عمله مع المعلم.. وبين عملائه من أصحاب المزاج الذين تهاتفوا علي بضاعته التي يوفرها لهم ويسلمها إلي كل عميل في مكان عمله سواء في ورشة. ومحل تجاري أو حتي داخل منزله. السقوط وخلال فترة بسيطة نجح "العامل" في اكتساب ثقة عملائه باجود بضاعة يقدمها لهم.. وأقل سعر يدفعونه مقابل سهرات المزاج.. وأصبح واحداً من كبار التجار في سوق المزاج الذي احتل مكاناً بارزاً فيه ليس في أوكار بلدته بأسوان فقط.. بل توسع في نشاطه وانتشرت شهرته بالمحافظات المجاورة حيث تمكن من فتح أسواق جديدة بمراكز ومحافظات مجاورة لبلدته بادفو.. فزادت ارباحه وحقق كثيراً من احلامه وظن انه بعيد عن رقابة الشرطة وعيون رجال المباحث حتي فوجيء بهم يلقون القبض عليه في كمين بمحطة القطار بمحافظة قنا وبحوزته كمية من البضاعة كان يستعد لتسليمها لعملائه من تجار الجزئة بالمحافظة. حاول "العامل" التنصل من التهمة وانكار علاقته بالبضاعة التي ضبطت بحوزته..لكن اعصابه لم تتحمل مواجهة رجال المباحث وتحرياتهم التي أكدت علمهم بنشاطه وإعداد كمين لضبطه متلبساً بحيازه المخدرات.. لتنهار أعصابه ويعترف بجريمته.. أمام العميد عصام الحملي مدير مباحث قنا. النهاية تحرر محضر بالواقعة وبالعرض علي النيابة أمرت بحبسه 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيق جددها قاضي المعارضات 15 يوماً.. ليكتشف "عامل المحاجر" ان الاحلام التي عاش طويلا ينتظر تحقيقها ويسعي للوصول اليها ما هي إلاسراب قادته إلي الزنزانة.. وان اغراءات صديق السوء الذي اصطحبه إلي عالم الاجرام حولته من عامل بسيط إلي مجرم يعيش بين جنبات زنزانة مظلمة يعاني وحدة لياليها وقسوة أيامها.. فيجد أحلامه تنهار بين قدميه ويضيع مستقبله بين ظلمات الزنزانة.