ظن البعض أنني ضد زيادة أسعار الوقود.. وهذا ظن آثم.. لست ضده أبداً.. بالعكس فإنني مع الزيادة التي كان لابد منها منذ سنوات.. أنا ضد صدور هذا القرار "الآن".. لأن توقيته خاطئ بالثلاثة.. جملة وتفصيلاً: * خاطئ لأنه صدر في أعقاب زيادات مهولة في أسعار كل السلع علي مدي ثلاثة أشهر متتالية خنقت الناس عامة والغلابة خاصة الذين لم تزد دخولهم إلا قليلاً. * خاطئ لأنه صدر قبل أسبوع واحد من جمعة الإخوان "11-11" الذين يحاولون تجييش الغلابة فيها ضد الدولة بسبب الأسعار المغالي فيها مما يعطيهم "كارت" جديداً يلعبون به لتحقيق أهدافهم التي هي أبعد ما تكون عن الغلابة. * خاطئ لأنه صدر بعد ساعات قليلة من تحرير سعر الصرف وفرحة الناس بهذا التحرير الذي حطم أنياب الدولار وأوقفه عند حده لأول مرة في ضربة معلم بحق بعد أن توحش وتجاوز سعره 18 جنيهاً وكان يمكن أن يستمر ارتفاعه مما سلب من الناس فرحتهم وحولها بغباء إلي أحزان وقلق من ارتفاعات جديدة في أسعار كل السلع والخدمات. نعم.. أسعار الوقود كانت تستحق الزيادة ومن سنوات طويلة.. وكان لابد أن تزيد لإصلاح هذا الخلل. ونعم أيضا.. فإن دولاً غنية سبقتنا ورفعت أسعار الوقود بدأت بالكويت ثم السعودية فالإمارات وأخيراً قطر.. لأن زيادة أسعار الوقود لا دخل لها برفاهية الدولة أو فقرها أو تقشفها.. لكن هناك مبدأ حاكماً لها هو "السعر الحقيقي" ومدي تأثيره سلباً وإيجاباً علي الموازنة العامة للدولة.. فما بالك لو كانت الدولة تعاني اقتصادياً..؟؟ قطر مثلاً دويلة عنوان حكامها هو "السفه" في كل شيء وصل بهم إلي التكالب علي شراء المجوهرات والأزياء والأندية والفنادق العالمية وتجنيس اللاعبين الأجانب ومنحهم الملايين ليكونوا قطريين حتي إن منتخباتها عبارة عن "أمم متحدة".. ناهيك عن شراء حق إقامة كأس العالم لكرة القدم بالرشوة وبالمخالفة لقانون الفيفا.. ومع ذلك فإن قطر رفعت أسعار الوقود..!! إن مصر دولة تعاني اقتصادياً وهذا يعرفه القاصي والداني والغني والفقير والمعدم وكان لابد من إجراء جراحة دقيقة للأورام المتراكمة عبر عقود.. ولكن: ماذا كان سيضير الحكومة إذا كانت قد أجلت هذا القرار شهراً أو أكثر حتي تستقر الأسعار التي قفزت وضربت كل شيء "السلع والخدمات والأدوية والكهرباء والغاز المنزلي وأنبوبة البوتاجاز والمياه" وغيرها وحتي تستعد الأجهزة بجدية وواقعية لنشر شبكة الضمان الاجتماعي أكثر وتوفير السلع منخفضة السعر في المنافذ الحكومية والعسكرية..؟؟ للأسف.. حكومتنا بلا وعي ولا رؤية ولا فكر.. حكومة تحكم بالبركة وتدير بالحظ ولا تتعلم من رئيس الدولة وكيف دار العديد من ملفات الأزمات وآخرها أزمة ارتفاع الدولار بمعلمة. حكومة تعمل ضد مصر وشعبها ورئيسها لا تستحق الاستمرار.. ومضطر لأن أقولها ثانية "استقيلوا غير مأسوف عليكم"..!!