القرارات الصعبة التي صدرت خلال اليومين الماضيين وبدأت بتخفيض قيمة الجنيه المصري بنسبة تزيد عن 50 ثم زيادة أسعار البنزين والسولار والبوتاجاز بنفس النسبة تقريبا لاشك أنها اصابت الشارع المصري بصدمة شديدة وبحالة من الذهول والخوف والرعب من الأيام القادمة! صحيح ان رئيس الوزراء كان قد تحدث عن هذه القرارات الصعبة منذ حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر ولكن الناس لم تكن تتوقع ان تأتي هذه القرارات بهذا الشكل وبهذه السرعة خاصة ان تداعياتها ستكون مفزعة لمحدودي الدخل خلال الأيام القادمة حيث من المؤكد أن تشهد الأسواق زيادات كبيرة في أسعار السلع سواء الغذائية أو الاستهلاكية بعد أن وصل سعر الدولار في بعض البنوك إلي 16جنيها ومن المتوقع أن يصل إلي 20جنيها في شركات الصرافة كما سترتفع أسعار المواصلات بنسبة كبيرة مما يؤثر بالتأكيد علي الجشع. نعم انه الدواء المر الذي كان يجب أن نتجرعه لانقاذ اقتصادنا المريض.. ولكن لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة حتي لا يؤدي الدواء إلي وفاة المريض!! لابد من اتخاذ إجراءات لحماية محدودي ومعدومي الدخل من التداعيات خلال الفترة القادمة. لاشك ان هذه القرارات تأخر صدورها اكثر من 50 عاما وبالتحديد منذ عام 1967 بعد هزيمة 5 يونيو عندما رفعنا شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" واصبحنا نوجه كل مواردنا لإعادة بناء قواتنا المسلحة ولاسترداد كرامتنا حتي تحقق الهدف في أكتوبر 1973 وبعدها حاول السادات اتخاذ قرارات لاصلاح الاقتصاد عندما قرر زيادة أسعار بعض السلع فاندلعت مظاهرات 18 و19 يناير 1977 مما دفع السادات للعدول عن قراراته ولجأنا إلي المسكنات وظللنا نستخدمها اكثر من 35 عاما حتي سقط نظام مبارك في يناير .2011 والسؤال الذي يفرض نفسه الآن.. ماذا نفعل للحد من تداعيات القرارات الصعبة الأخيرة؟! أري انه لا مفر من الوقوف جميعا وراء القيادة السياسية خلال الفترة الصعبة القادمة ومواجهة أي محاولات لنشر الفوضي والشائعات بكل قوة وحسم وباستخدام القانون.. وعدم السماح لكل من هب ودب ليخرج علي شاشات الفضائيات ليقول "أي كلام" يستهدف إثارة الشارع وتحريضه ضد الحكومة لأن هذه القرارات إذا فشلت فإن الجميع سيدفع الثمن!! آن الأوان ان نفكر بحكمة وعقلانية ونتوقف عن الكلام والمهاترات والشد والجذب وان نبدأ في العمل لزيادة الانتاج والحد من الاستيراد. وفي نفس الوقت يجب علي الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة وقوية لمنع استيراد السلع الاستفزازية خلال الشهور القادمة للحد من استنزاف العملة الصعبة ويجب عليها أيضا توجيه ضربات قوية ضد الفاسدين الذين ينهبون أموال الشعب.. والأهم من ذلك أن تطبق التسعيرة.. أو ما نسميه ب "هامش الربح" علي كل السلع الموجودة بالأسواق وذلك بالتعاون مع التجار للقضاء علي حالة الفوضي التي تشهدها الأسواق. نعم الأيام القادمة صعبة.. ولكننا بإرادتنا القوية وتوحدنا خلف قيادتنا السياسية سنكون قادرين بإذن الله علي تجاوز المحنة بسلام وبأقل الخسائر. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.