في رأس غارب.. الأهالي يحدثون أنفسهم أثناء سيرهم في الطرقات.. غير مصدقين ما حدث "كله راح" هكذا يقولون.. أما المدينة.. فحالها مثل حالهم "مايلة علي جنب".. وكأنها غاضبة.. تعترض علي الإهمال.. البلد نصفان.. شمالي مرتفع.. ليس به ثمة أضرار والحياة تسير به بشكل طبيعي.. أما النصف الجنوبي فمنخفض جداً.. تحمل كل السيول أو كما أطلق عليه سكان هذه المناطق "تسونامي رأس غارب". "المساء".. تجولت في شوارع رأس غارب ليلاً تقابلت مع السكان المضارين الذين احتلوا رؤوس الشوارع بعد الخراب الذي أصاب منازلهم أما السيدات فبتن لدي الأقارب والجيران.. صبوا جام غضبهم علي محافظ البحر الأحمر ورئيس المدينة اللذين اتهموهم بالتراخي في مواجهة الكارثة. أحمد عبدالرحيم "صاحب كافتيريا": نعيش كارثة حقيقية.. المياه اقتحمت المدينة بسرعة 160 كيلو في الساعة من قوتها.. وبارتفاع أكثر من متر.. قمت بعمل محضر.. لم يسأل عني أحد.. مع أن الخسائر تجاوزت النصف مليون.. فقد تحطم كل شيء في الكافتيريا التي تكلفت أكثر من 2 مليون جنيه.. بعد انحسار المياه كان ارتفاع الطمي متراً خاصة أن موقع الكافتيريا في أول البلد. سيد عبدالرحيم "صاحب ورشة نجارة في المدينة الصناعية": الخراب كله في المدينة الصناعية.. ورشتي دمرت تماماً.. الخسائر أكثر من 300 ألف جنيه.. حضرت لجنة من الشئون الاجتماعية وعاينت 4 ورش فقط.. ولا نعرف السبب. ناصر عبدالعزيز "مدرس": الخسائر الأهم كانت في الأرواح.. وهي لا تقدر بأموال الدنيا.. وهناك كلام يتردد عن وجود مفقودين إلي الآن.. جهود الإنقاذ تأخرت كثيراً.. دور كبير للجهود الذاتية ومقاولي المدينة في إنقاذ السكان من فوق أسطح المنازل.. رجال القوات المسلحة أول من ظهر.. امكانات مجلس المدينة متواضعة.. 3 عربات كسح.. واحدة منها لا تعمل. تجولنا في الجزء الجنوبي بالمدينة.. رأينا الخراب بعينه منطقة "خلف 128" هكذا اسمها.. منطقة للأشباح والخراب.. الكهرباء مقطوعة.. الشباب من السكان في الشوارع يشعلون النيران وعندما سألنا عن السيدات والأطفال.. قالوا.. عند الجيران والأقارب. مصر أحمد مصطفي "أحد سكان المنطقة": تواصت مع رئيس المدينة يوم الكارثة.. قال لي اذهب إلي مدرسة الأزهر كمركز إيواء للمضارين.. ذهبت ووجدتها مغلقة. طارق حسن "صاحب منزل مضار": الشئون الاجتماعية قامت بصرف بعض البطاطين.. ولم نر رئيس المدينة الذي اختفي تماماً.. نحن نرفض مراكز الايواء لأننا قبائل ولا نرضي بذلك وأيضاً الجيران والأهل لن يرضوا لنا ذلك. محمود عبدالموجود "صاحب منزل مضار": نتقدم ببلاغ للنائب العام ضد محافظ البحر الأحمر لإهماله.. ونطالب بتحويل رئيس المدينة إلي محاكمة عسكرية عاجلة لتقصيره الشديد.. للأسف قام ببناء سد من مخلفات القمامة أمام السيول وعندما زاد ضغط المياه انهار السد واجتاحت المياه المنازل بمخلفات القمامة مما ضاعف الكارثة. محمد صلاح "من المضارين": نحن في كارثة لا يتخيلها أحد.. ولأننا كلنا أقارب وجيران وقبائل.. فالمضارون لم يتركهم أحد من أهل المدينة.. وقدموا لنا المساعدات.. وكل ما تطلبه من المسئولين هو سكن عوضاً عن منازلنا المنهارة بفعل السيول.. وهناك ألف وحدة سكنية جاهزة للتسليم في منطقة خلف المرور "أبوالنصر 2".. نريد سكن وبسرعة لأننا نعيش في العراء ولن نستمر مدي الحياة عند الجيران. هناء سليم "ربة منزل": استقبلت "المساء" بعبارة "راح كل حاجة".. وعندما قابلناها كانت أمام أحد المحلات.. تصورنا للوهلة الأولي أنها تشتري شيئاً ما.. ولكننا فوجئنا بأنها تقيم في "المحل" وهو لا يخصها وإنما ملك لأحد الجيران الذي تركه تنام به هي وأولادها.. أصطحبتنا إلي منزلها.. والذي لا يجوز اطلاق منزل عليه بالمرة.. بقايا دار فقط.. حوائط وكل شيء غطاه الطمي والطين أثاث.. ملابس.. فرش.. قالت أنا المشكلة الأكبر ضياع جهاز ابنتي التي تستعد للجواز. هدي مبارك "من سكان نصف المدينة الشمالي": كارثة طبيعية.. وكانت فوق تحمل المسئولين.. ولكن عليهم الآن التفاعل أكثر مع الكارثة.. نحن قبائل ولن نترك أهلنا المضارين.