لا بديل عن المكاشفة والمصارحة. إن أردنا إصلاحًا حقيقيًا» فتلك هي الانطلاقة الحتمية في التصدي لأي قضية شائكة. ولا حلول واقعية خارج هذا السياق. وإنما أشياء أخري لا يعدو توصيفها مجرد مكلمة. أو عبارات جوفاء. لم يتحرج فضيلة شيخ الأزهر خلال كلمته بمؤتمر دار الإفتاء. في أن يسجل رأيه عن مصطلح "الأقليات المسلمة". الوارد في عنوان المؤتمر. بل قال بصراحته المعهودة والمحمودة: "مصطلح وافد علي ثقافتنا الإسلامية يحمل بذور الإحساس بالعزلة والدونية. ويمهد الأرض لبذور الفتن والانشقاق. بل يصادر. ابتداءً علي أية أقلية. كثيرًا من استحقاقاتها الدينية والمدنية".. وأضاف: "ثقافتنا الإسلامية لا تعرف هذا المصطلح. بل تنكره وترفضه. وتعرف بدلاً منه معني المواطنة الكاملة. كما هو مقرر في وثيقة المدينةالمنورة: حقوق وواجبات ينعم في ظلالها الجميع. وفق أسس ومعايير تحقق العدل والمساواة. فالمواطن المسلم في بريطانيا مثلاً هو مواطن بريطاني مواطنة كاملة في الحقوق والواجبات. وكذلك المسيحي المصري هو مواطن مصري مواطنة كاملة في الحقوق والواجبات. ولا محل مع هذه المواطنة الكاملة لأن يوصف أي منهما بالأقلية الموحية بالتمييز والاختلاف في معني المواطنة.. وفي اعتقادي أن ترسيخ فقه المواطنة بين المسلمين بالمجتمعات متعددة الهويات والثقافات. خطوة ضرورية علي طريق الاندماج الإيجابي. بل هو السد المنيع أمام الذرائع الاستعمارية التي دأبت علي توظيف الأقليات في الصراعات السياسية وأطماع الهيمنة". حرص فضيلة الإمام الأكبر. في مكاشفته الصريحة. علي إيضاح: "حالة الانفصام. بين حياتنا المعاصرة. والفقه العبثي الذي يطارد الناس حيثما كانوا. ليردهم إلي أخلاط من الآراء المتشددة. والذي وجد كتائب موازية من المفتين. نجحوا في التغلب علي كثير من دور الإفتاء. وكل مجامع الفقه والتشريع. وذلك بالقدرة علي النزول إلي الناس بدعاة وداعيات. ودخول البيوت في القري والكفور. واعتلاء بعض المنابر. والتحدث إلي الناس بما يريدون. في الوقت الذي ظلت فيه فتاوي دور الإفتاء. والمجامع ولجان البحوث الفقهية. فردية راكدة. قاصرة علي المستفتي. أو حبيسة مجلدات علمية. أو رهن مؤتمرات يحدث فيها بعضنا بعضًا. ونتواصي في نهاياتها بما شاءت لنا أحلامنا من آمال وأمان لا تجد من المختصين من يرعاها أو يتابعها أو يسعي إلي تنزيلها علي واقع الناس". تحدث فضيلة شيخ الأزهر. أيضًا عن جمود الفتوي. وتهيّب الاجتهاد. والعجز عن كسر حاجز الخوف من التجديد.. وليت علماء الأمة يدركون "بيت القصيد". ويبدأون تنفيذ "الكلم الطيب" بمنهج علمي رصين. لنري اجتهادًا جماعيًا حقيقيًا يراعي فقه الواقع. يخفف من آلام الناس ويحد من فوضي الفتاوي.